عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ذكريات قلم معاصر

معرض القاهرة للكتاب منذ خمسين عاماً... منذ عام 1969، يقام فى أرض المعارض بمدينة نصر، يوم 25 يناير... لم يتغير هذا التاريخ قط طوال هذه السنوات... وعادة المعارض الدولية الدورية (دورة كل عام أو نصف عام) لا يتغير موعدها قط... لأن المشاركين فى المعرض، أى معرض دولى له وزنه، يضعون فى الأجندة السنوية يوم المعرض ومكانه كى لا يفاجأوا بموعد جديد قد يكونون غير مستعدين لهذا اليوم لانشغالهم بأمور أخرى.. بل إن معرض الكتاب بالذات... وكنت قريباً منه أكثر من مرة أيام إصدار كتبى بعد الانتهاء من نشرها فى «الجمهورية» على مدى ثلاثين يوماً أو أكثر خلال توقف النشاط الرياضى بعد حرب 1967.. كان الناشرون المصريون والعرب والأجانب قد تعودوا على هذا التاريخ بل وعلى مكان كل منهم على أرض المعرض... بل وصل الأمر إلى أنهم أصبحوا أصدقاء يتعاونون فى اختيار الأماكن، حتى يكاد كل دولة مكان معين فى أرض المعارض لم يتغير خلال هذه السنوات الطوال.

<>

قد تقول لى: بطّل هيافة!!! الموضوع كله ثلاثة أيام... المعرض القادم سيقام يوم 22 يناير بدلا من 25 يناير!!! وهى ليست هيافة لأن عادة المعارض والمهرجانات المختلفة الفنية والأدبية والعلمية لها مواعيد سنوية محددة ثابتة لا تتغير قط لأى سبب... ثم تغيير اليوم المحدد يربك الدول المضيفة... لأنها ستضطر لإخطار دول العالم بالموعد الجديد... وربما هذا لا يحدث بالتمام والكمال فنخسر ناشرين عالميين مهمين وربما يكون لهم العذر فى عدم الحضور!!! رغم الإخطار!!! ثم ما الذى استجد لكى نقوم بتغيير التاريخ...

<>

ثم نقل المعرض إلى التجمع الخامس البعيد بدلاً من أرض المعارض فى وسط القاهرة قد يكون شاقاً ومتعباً للناشرين المصريين قبل الأجانب... قد يكون المعرض الجديد أكثر جمالاً وأناقة وتلبية لحاجات العارضين... وأعتقد أن هذا ضرورى قد حدث... ولكن المعارض ذات الشعبية والأهمية يجب إقامتها فى مدينة نصر... رواد معرض الكتاب كل عام كذا مليون زائر... بلاش معرض الكتاب بالذات ليظل فى مدينة نصر فكلنا يعلم صعوبة المواصلات وارتفاع أسعارها... وإذا كان لابد من نقل المعارض والمهرجانات إلى التجمع الخامس تعالوا نفكر فى استغلال جديد لهذه الأرض الشاسعة فى قلب القاهرة أرض المعارض بمدينة نصر...

<>

هذه الحكاية ذكرتنى بحكاية قديمة...

يوم 25 يناير هو يوم مذبحة الإسماعيلية حينما حاولت القوات الإنجليزية احتلال المحافظة... وطلب القائد الإنجليزى عبر الميكروفون إخلاء المحافظة وخروج كل من فيها ولم يمسهم أحد بسوء، وإذا لم يتم الجلاء الكامل من المحافظة... سنقتحم المبنى ونقتل كل من فيها... اتصل مدير أمن الإسماعيلية بفؤاد سراج الدين وزير الداخلية فقرر الدفاع عن مبنى المحافظة دفاعاً مستميتاً... فتم قتل كل من فى المحافظة واستولت القوات الإنجليزية على المبنى.

فكان سراج الدين من أوائل المقدمين للمحاكمة أمام محكمة الثورة برئاسة عبداللطيف البغدادى وعضوية أنور السادات وحسن إبراهيم... كأن فؤاد سراج الدين الذى تسبب فى قتل كذا ضابط وجندى وفراش... كان محامى سراج الدين عبدالفتاح حسن، الذى تولى وزارة الداخلية فترة ما... حينما تولى سراج الدين وزارة المالية بعد خروج مكرم عبيد من «الوفد»...

سأل البغدادى المحامى الوحيد بعد نهاية مرافعته:

إذا كنت وزيراً للداخلية هل ستتخذ نفس طريق المتهم؟!

فقال المحامى: لا طبعاً...

رفعت الجلسة.. وصدر الحكم بسجن فؤاد سراج الدين عشر سنوات.. لم يمض سراج الدين فى السجن سوى فترة قصيرة لا أذكرها بالضبط... ثم أُفرج عن سراج الدين وقررت الثورة اعتبار يوم 25 يناير عيداً قومياً لمصر!!! قيل أيامها كلام كثير... قيل إن هناك محاولات لكسب شعبية الوفد بعد أن فاقت الثورة من غفوتها وغفلتها... بعد الضربات المتتالية... وقيل إن كبار الكتاب والمحللين والصحفيين استنكروا موقف الثورة من رجل بهذه الشجاعة والقوة والكرامة... حفظ لمصر شموخها وعزة نفسها وتترك محافظة بأكملها للاحتلال البريطانى... لذلك تراجعت الثورة عن موقفها المعيب... بدرجة أنها اعتبرت هذا اليوم عيداً قومياً تحتفل به مصر كلها... وهكذا تخبطت الثورة لأن رجالها لم يكونوا على المستوى الذى يسمح لهم بإدارة دولة فى حجم وتاريخ مصر...

<>

والكارثة الحقيقية

الكارثة الحقيقية أننا ما زلنا نحتفل بثورة يوليو وعلى طريقها نسير... ولم يتم حتى الآن تصحيح «الأخطاء التاريخية» مثل تأميم الصحف ومحاربة المعارضة... أى معارضة وعلى أى مستوى... حتى البديهيات لم يقتربوا منها... مثل بدء الميزانية فى يوليو وليس يناير عكس كل بلاد العالم... حتى الهيئات والشركات والأندية وكل من له ميزانية سنوية فى مصر عادت لبدء الميزانية فى يناير... ثم عدم الرجوع للعلم الأخضر ونجومه وهلاله بدلاً من علم الثورة الأسود والأحمر... رغم اشتراك بلدين معنا فى نفس العلم وهو ما لم يحدث فى التاريخ كله.