رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

خارج السطر

 

أحترم وأقدر وأحسن الظن بعلماء وفقهاء الإسلام عبر العصور، لكننى لا أفهم أبدًا معنى أن يظل ابن حنبل، الشافعى، أبوحنيفة، وابن تيمية يحكمون من قبورهم حياتنا إلى اليوم.

كسل العقل يدفعنا إلى الإحالة، وعدم الثقة يجعلنا نستدعى القرون الوسطى فنقول قال الشافعى، أو أجاز ابن حزم، أو حرّم ابن تيمية كذا وكذا.. كيف استدرجتنا الغفلة، ورسبنا فى اختبار العصر، فعدنا قرونا لنسأل عن رأى عالم - جليل لا شك فى ذلك - عاش فى عصر مُظلم موغل فى البدائية واللافهم وغياب الآلة واللاتكنولوجيا لنبحث عن فتواه فى أمور عصرنا المُذهل.

شيوخ وفقهاء ورجال منابر ومُدرسون وُكتّاب يقفون عند ابن تيمية وابن القيم الجوزية ويعتبرونهما موكلين بمعرفة غاية المراد من رب العباد.. آخرون يستدعون أبا حنيفة، والشافعى ويقدمون أنفسهم باعتبارهم الشيخ الحنفى، أو الشافعى، والأغرب ألا يتجاوز البعض الزمان، لكنهم يتجاوزون المكان فيقولون «قال ابن باز» أو «قال ابن عثيمين».

لماذا لا نفكر ونجتهد ونجدد ونحلل ونفسر ونقيس ونستخلص ونستنبط ونستنتج ونفتى؟ والـ «نا» هُنا تنسحب على علماء الدين، الدارسين والباحثين الذين استسهلوا مقولة «قال فلان الفلانى» ولم يقل أحدهما أرى أو أفتى أو أعتقد.

لقد كان من الغريب ما ذكره لى أحد باعة الكتب الدينية بأن كتاب «الفقه على المذاهب الأربعة» هو الكتاب الأكثر مبيعًا فى تلك الكتب حتى الآن، لأن كثير من الناس يستسهلون البحث عن الأحكام الشرعية والفتاوى فى فقه المذاهب الأربعة، ولم يسأل أحد نفسه لم يقصر بحثه فى المذاهب الأربعة ومن قال إنها وحدها مذاهب الإسلام؟.. وما جدوى العودة لأناس أقل فهما منا لحكم التطور التكنولوجى وإحاطتنا بما سبق؟

والمثير أن فتاوى ابن تيمية وهى مجلدات تبلغ 37 مجلدًا من أكثر الكتب المتداولة لدى الناس دينيًا على الشبكة الإلكترونية، وتطل الأسئلة المنطقية: لم؟.. وكيف؟.. وإلى متى؟.. وأين علماء درسوا فى الأزهر وتخرجوا فيه؟.. ولِم تخلو الساحة إلا من الدعاة الفضائيين، أو الشيوخ المُتجهمين الذين لا يجتهدون عملًا بالمقولة الخائبة لخصوم الأنبياء والرسل والتى انتقدها القرآن «وجدنا آباءنا لها عابدين».

لقد كان ابن تيمية -رحمه الله- يعتبر علم الكيمياء أشد حرمة من الربا، بينما كان تلميذه النجيب ابن القيم الجوزية يسمى عالم الطب العليم ابن سينا بإمام الملحدين، اعتمادًا على ما وصلهما من مقولات سمعية عن الكيمياء أو ابن سينا، والمُفجع أن يأخذ أناس فى الألفية الثالثة فتاوايهم وأفكارهم من كُتب هؤلاء!

إن المكان الوحيد المفترض لفتاوى القرون الوسطى هو المتحف، استمرار تدريسها فى الأزهر والمؤسسات الدينية خطر كبير، وغلق باب الاجتهاد أمام علماء الدين لصالح شخوص من ألف عام جريمة، وخطيئة فى زمن سادته اللامبالاة، وترسخ فيه عدم الاكتراث.

والأزهر والدولة ومفكروها ومؤسساتها وأجهزتها ورجالها ومثقفوها معنيون بالأمر.

والله أعلم.

[email protected] com