عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سطور

فإذا أردت الخروج من السجن؛ فإن ما تحتاج إليه هو (مفتاح للقفل)، ولن تجد المفتاح المطلوب إلا في فضيلة (الذكاء)، والتي أرى أنها التزام خلقي على جميع بني البشر، وينبغى الأخذ في الاعتبار أيضًا بأن هناك علاقة دائمة بين نوع المشكلة والوسيلة التي يجب أن نختارها لحلها، كما يجب الإدراك والاعتراف كذلك بأن كل المشاكل لا يمكن حلها بقوة الإرادة؛ فلو جاءك سهم منطلق في ظلام الليل -لا قدر الله- فماذا يستطيع الذكاء أن يفعل حينها؟! أو حتى قوة العضلات أو الشجاعة؟! نحن نلعن عقبات الحياة كما لو كانت شياطين! ولكنها ليست شياطين، إنها عقبات.

بتلك الكلمات كنت قد ختمت مقالي السابق, والذي سنستكمل حوله سطورنا لمقال اليوم بإذن الله تعالى. ولعلي أرى دائمًا أن من ضمن أهم وظائف الذكاء أن يجعل من الحياة فرصة, وأن يمنح الطبيعة الخيرة لسانًا ناطقًا, وأن يجعل الفضيلة حقيقة. وقد علمني التاريخ أن إيمان أفلاطون قد تحقق في التسليم بأن الخطيئة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالجهل, وأن الفضيلة والمعرفة ما هما إلا شيء واحد, وهذا الشيء لا يتحقق إلا بوجود درجة من درجات (الذكاء).

ولكن محب الذكاء يجب أن يكون شخصًا صبورًا مع أولئك الذين لا يستطيعون أن يشاطروه عقله وعاطفته؛ فمن طبيعة العقل أن يبعث تقلصات الألم إلى القلب, ومن الخطإ أن نظن بأن كل الناس تُوَحِّدُ بينهم الميول والعواطف, فميولنا هي ما تفرق بيننا في الأساس, وإننا غالبًا ما نلقي بجذورنا في الزمان والمكان الذي نعيش فيه, ونقع في حب العادات والتقاليد واللغة التي نشأنا معها, وأما الذكاء فيوحدنا مع باقي الجنس البشري, يقودنا في التعاطف مع أزمنة، وربما أماكن أخرى، وعادات مختلفة, ولكنه قبل أن يستطيع تحقيق ذلك, يجب أن يقتلع ميولنا المسبقة من جذورها, وتلك هي تقلصات الألم التي يحدثها الذكاء, والتي عادة ما تجيء؛ فتجعل الابن -مثلًا- أو الابنة في موقف مخالف للأب أو الأم, والذي تجعلني أو تجعلك أقول: (إن من يحب أمي وأبي أكثر مني لا يستحق حبي).

ولعل الذكاء غالبًا ما يستمر في طريقه هذا بإرسال التقلصات المؤلمة للقلب, حتى يتمكن من إحداث رؤية ما, ولكن كل ما أنجزه وينجزه الذكاء غالبًا ما يتقلص أيضًا أمام فكرة (آفاق الرؤية) التي يفتحها أمامنا ويضمنها لنا.

إننا بعد أن رأينا التحرير الذي حدث لعقل وروح الإنسان على مدار الزمن الطويل, يمكننا أن نتنبأ بأنه سيتحقق لنا عقل موحد, يعرف الجنس البشري عن طريق هذا العقل مصيره, وينطلق إليه وهو راضٍ, كما تنطلق الفكرة إلى هدفها السديد, وذلك كلما رأينا شعاعًا جديدًا للعقل, فنحن نفهم الذكاء على أنه النظام اللانهائي, الذي يجد فيه الإنسان نفسه حين يدخله فهو مفتاح القفل, لذا دعونا ننمي عندنا النظرة الثاقبة إلى جوهر الأشياء ولا نكتفي بظاهرها.