عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ذكريات قلم معاصر

 

خلال بناء السد العالى اقترح بعض الخبراء الروس مشروعاً لحل أزمة مرور القاهرة حلاً خرافياً.. كان الخبراء يأتون من آن لآخر من أسوان حيث عملهم إلى محطة مصر ومنها إلي حى الدقى حيث وزارة السد العالى فكانوا يعانون من المرور.. فاقترحوا نقل محطة مصر من مكانها إلى بداية طريق مصر إسكندرية الزراعى، نقل المحطة بكل ما حولها من أتوبيسات ومواقف السيارات والمخازن الخاصة بالسكك الحديدية وبغيرها.. حتى المبنى الأبيض الكبير الذى سموه إدارة الهندسة الذى كان يوماً عقبة خلال بناء كوبرى 6 أكتوبر.. حتى ملعب السكة الحديد فى جزيرة بدران القديم.

نقل كل ذلك إلى صحراء واسعة فى بداية طريق الإسكندرية، هنا نكون قد حصلنا على أوسع ميدان لا في مصر بل ربما في العالم كله.. هذا الميدان الواسع جداً، خصوصاً لو تم ضم جزء من الفجالة.. هذا الميدان سيحل مشكلة مرور مصر.. كيف؟ أقول لك:

من هذا الميدان الواسع الشاسع تخرج شوارع عريضة كثيرة تربط نصف القاهرة بباقى ضواحيها.. فى دقائق من العباسية ومدينة نصر والحلمية والمرج وغيرها.. فى دقائق تصل إلى الزمالك والجيزة والدقى وميت عقبة وغيرها.

قال الخبراء إن معظم وقت الناس يضيع فى الطريق بسبب المرور سواء بالسيارة أو أية وسيلة مواصلات.. كان هذا فى أواخر الخمسينيات!! فما بالك باليوم!!

المهم أيامها تعجبنا من أين وكيف جاء تفكير هؤلاء الخبراء الروس الذين ربما يزورون القاهرة لأول مرة فى حياتهم؟

اتضح أن شركات السياحة وغيرها تطبع خريطة للقاهرة وغير القاهرة بكل التفاصيل.. الشوارع والميادين بأسمائها.. وبكل اللغات حتى لا يتوه السائح.. وبدراسة الخبراء الروس لخريطة القاهرة اقترحوا هذا الحل.

تم عرض هذا المشروع على جمال عبدالناصر الذى طلب دراسته وعرض الرأى الأخير لخبراء مصر عليه في أقرب فرصة وإذا لم تخنى الذاكرة.. تم إرسال صورة من المشروع لشركة المقاولون العرب ممكن الحصول عليه من الشركة ورأى الشركة فيه.

وحسب معلوماتى من بعيد أيامها أن هناك إجماعاً على أهمية وضرورة المشروع.. ولكن تكاليفه هى التى أجلت المشروع خاصة وقد بدأنا فى بناء السد العالى.. وكما قيل أيامها إن عبدالناصر قال: المشروع هايل ولكن مش وقته.. أعتقد أن هذا وقته الآن.

لنا أن نتصور أن هذا الاقتراح الروسى تمت ولادته فى نفس الوقت الذى ظهرت فيه فكرة العاصمة الجديدة التى أجلها أيضاً عبدالناصر بكلمة (مش وقته) كان كل التركيز فى بناء السد العالى خاصة بعد قفل قناة السويس التى كان المفروض أن تقوم بتمويل مشروع السد، وفى الوقت نفسه رفض البنك الدولى أى قرض باعتبار أن خزان أسوان الذى تم بناؤه فى عام 1951 على يد عثمان محرم أحد أكبر المهندسين العالميين.. بنى الخزان فى عام كامل من يناير 1950 إلى يناير 1951 واعتبر العالم كله أن هذا رقم قياسي لمثل هذه الأمور.. رقم لم يحدث في العالم من قبل، لذا كان افتتاح الخزان فى حفل عالمى حضره ملوك ورؤساء من أوروبا وأفريقيا.. قيل أيامها فى الصحف إن طابور الطائرات المتجهة إلى أسوان كانت تشبه طابور سيارات خلال زحمة مرور!! الحفل استغرق اليوم كله، الافتتاح للملك فاروق ومعه ضيوفه فى الصباح ثم نزهة نيلية فى بواخر على مياه النيل حتى العصر.. راحة.. ثم سرادق الحفل الغنائى الكبير طول المساء!!

تم إهمال هذا العمل الهندسى الرائع بعد عامين من إنشائه (يوليو 53) ودفعنا دم قلبنا وتحولنا من أغنى دولة فى العالم إلى أكبر متسول مديون فى العالم.. حتى احتياطى الذهب باعوه.. وكادوا يرتكبون جريمة بيع توت عنخ آمون الذى لا يقدر بثمن لولا عناية الله وحده.

تعالوا ننسى هذه السنوات السوداء ونبدأ عهداً جديداً نتعاون فيه جميعاً.. قدمت اليوم اقتراحاً لحل كل مشاكل القاهرة فهل يقرأها أحد ويتحرك أحد.. قد نأخذ به أو نقوم بتعديله أو أى شىء.. المهم أن يتعاون الإعلام مع الدولة.. نحن نفتح لكم قلوبنا البيضاء ونفتح لكم عقولنا المليئة بالتجارب والآراء والأفكار عصارة 68 عاماً صحافة ليس كل نقد كراهية النقد محبة وإخلاص.. فهل يفهم أحد ذلك!! ونحن فى بداية عهد جديد!!