رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

يستطرد فريدمان قائلاً:

ولكن عندما انتهت عملية السلام لم يفت أحد إدراك حقيقة أنها كانت دائماً سفراً دون وصول لمحطة نهائية، إنما لم تأت بالسلام للأرض المقدسة ولم تؤمن إسرائيل ضد رفض جيرانها الحرب لهذا الذى فرض عليهم من الاستعمار البريطانى وما أعقبه من امتهان متكرر لهم، ولم تحقق قبول إسرائيل إقليمياً أو استقرار العلاقات العربية الإسرائيلية، ولم تمكن الحكم الذاتى الفلسطينى أو تقرير الفلسطينيين لمصيرهم، ولم تمنع نقل الصراع العربى - الإسرائيلى تدريجياً إلى حرب دينية.

وبالنسبة لأهداف الصراع فإن ما عرف بعملية السلام كان فى أحسن حال إفلاساً وفى أسوأ حاله عملية خداع.

وفى النهاية فإن عملية السلام لطخت سمعة الدبلوماسية الأمريكية وكفاءتها دولياً وإقليمياً، وكان اعتراف أمريكا أحادى الجانب بالقدس عاصمة ديمقراطية لإسرائيل التى تمارس الاستبداد على ستة ملايين فلسطينى فى الأرض المقدسة، وهؤلاء الذين هربوا بحثاً عن ملجأ خارج فلسطين بلا طريق نحو تقرير مصيرهم إلا طريق القوة، وليس لدينا أى سبب يبرر أن الفلسطينيين سيكونون أقل إصراراً فى بحثهم عن الحرية عن الإسبان الذين طردوا المسلمين من إسبانيا، أو عن الأيرلنديين الوطنيين فى جهدهم لطرد البريطانيين الذين يقهرونهم.. أو أقل إصراراً من اليهود فى جهدهم لإنشاء دولة يهودية فى فلسطين، لقد حقق الإسبان والكاثوليك الأيرلنديون أهدافهم بعد ثمانمائة عام من الصراع العنيف الذى لا يقبل المساومة، لقد احتفظ اليهود بالحلم فى العودة إلى أرضهم المزعومة لمدة ألفى سنة، وما سيحدث فى النهاية فى فلسطين ستحدده العلاقات بين الأطراف هناك وليس بين الأمريكيين والأوروبيين، والطريق نحو نهاية ثابتة الآن يبدو ملتوياً ودموياً وطويلاً.

عندما بدأ هذا القرن فإن الكوارث التى سببتها أحداث ما بعد 11 سبتمبر 2001 فى التدخل الأمريكى فى العراق وليبيا وسوريا قد لوثت بصورة قاتلة سمعة أمريكا الطويلة كمدافع عن القانون الدولى والإنسانية، لقد سلمت النخبة الليبرالية فى أمريكا بسهولة حكم عميلنا الطاغية المصرى حسنى مبارك إلى حكم الغوغاء فى القاهرة بأدلة واضحة، وبالنسبة للآخرين الذين اعتمدوا على مساندة أمريكا فإن ذلك جعل أمريكا ليس مجرد قوة لا يوثق بها ولكن قوة مخادعة تمارس الغش.

وقد نمى هذا الانطباع عن أمريكا عندما ساندت جماعة الإخوان المسلمين التى انتخبت ديمقراطياً ولكن أداءها شديد العجز فقبلت أمريكا انقلاباً عسكرياَ ضدها، كما عجزت المطالبات الأمريكية لإسرائيل بإيقاف التفرقة العنصرية والدينية واغتصاب الأراضى عن تحقيق أى نتيجة، وزاد العجز الأمريكى من تدمير مصداقية أمريكا وسط العرب دون نجاحها فى إقناعهم بمساواة الرجال بالنساء كما كانت حملة الكراهية الشديدة فى الإعلام الأمريكى ضد الإسلام والمسلمين مثار سعادة كبيرة فى إسرائيل ومثار غضب شديد لكل المسلمين.

ونستأذن القارئ فى إيقاف عرض تقرير فريدمان عند هذه النقطة لنعلق على نقطة جوهرية ساقها فى تقريره تتنافى تماماً مع رأينا فى حقيقة ما حدث، فهو يزعم أن أمريكا تغاضت عن انقلاب عسكرى ضد حكومة الإخوان المسلمين المنتخبة ديمقراطياً ولكن أداءها كان شديد العجز، والحقيقة التى يعلمها العالم ولا نتصور أن فريدمان يجهلها هى أن عصابة الإخوان الإرهابية وصلت للسلطة بمساعدة مالية ثمانية مليارات دولار من أمريكا وبعد اتفاقها مع أمريكا على التنازل عن قسم من سيناء يضم لقطاع غزة وتقام فيه إدارة إسلامية تحل مشكلة الصراع العربى - الإسرائيلى للأبد، وهبت كافة القوى الوطنية فى مصر ضد عصابة الإخوان الإرهابية دفاعاً عن الدولة المدنية فى مصر التى استغرق بناؤها قرنين من الزمان منذ حكم محمد على الكبير سنة 1805، وما حدث فى 30 يونيه سنة 2013 كان ثورة شعبية عارمة أسقطت حكم عصابة الإخوان اشترك فيها ثلاثة وثلاثون مليون متظاهر، وهى حسب علمنا أكبر تظاهرة فى التاريخ فى أى دولة، وقد شملت كل أنحاء مصر ولم تكن انقلاباً عسكرياً كما يقول فريدمان، ومع ذلك سنستمر فى عرض فريدمان لمقاله المطول، ولن نتسرع فى الحكم عليه بأنه بوق آخر يدس لنا السم فى العسل، وسوف نستمر فى أمانة عرض تقرير فريدمان مع التعليق على ما نراه مغايراً للحقيقة فيه، فالرجل قد أبدى أمانة عرض واضحة فى أول التقرير، ولذا نمنحه من جانبنا فرصة الشك، ونختم هذا المقال مكررين أن ما حدث فى 30 يونيه سنة 2013 كان ثورة شعبية عارمة وليس انقلاباً عسكرياً، وأن جيش مصر الوطنى لم يقف فى وجه الثورة الشعبية للدفاع عن حكم عصابة الإخوان الإرهابية.

وإلى المقال التالي

الرئيس الشرفى لحزب الوفد