عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ذكريات قلم معاصر

 

 

قولوا لى: ماذا لو كنا قد أصدرنا قرارا بالسماح بعودة إبراهيم نافع إلي أرض الوطن منذ أسابيع قليلة حينما أصيب بالمرض الخبيث الذي انتشر في كل جسده وأصبحت النجاة ميئوسا منها والأيام الباقية قليلة معدودة؟؟؟... كتبت وكتب كبار الصحفيين نرجو ونتوسل أن يقضي علم من أعلام الصحافة المصرية آخر ساعاته في بلده بين من أحبوه وزاملوه ودرسوا علي يديه الذي بني لهم شوامخ، كنا في أشد الحاجة إليها....

بني سيد كريم أحد فناني الديكور في العالم مبني نقابة الصحفيين القديم عام 1943 بطريقة فيللات أوروبا الأنيقة.... حديقة ودور أرضي كله زجاج يطل علي الشارع وغير ذلك.... كان عدد الصحفيين بالمئات.... وجاء إبراهيم نافع نقيبا بعد أكثر من أربعين عاما، وأصبح عدد الصحفيين بالآلاف.... فكان لابد من هذا المبني الضخم الكبير الآن ليليق بإحدى أهم المهن صاحبة أكبر تأثير علي الدولة والحياة العامة.... وكان علي موعد مع إصدار أخطر قانون 93 لعام 1995 الذي أهدر حرية الصحافة فحارب القانون بكل ما يستطيع وجمع النقابة كلها علي كلمة واحدة.... رفض القانون حتي لو صدر بالفعل.... ولم يأبه بأي تهديد مستعدا بل ومرحبا بترك مناصبه الثلاثة الكبرى.... رئيسا لمجلس إدارة الأهرام ورئيسا للتحرير ونقيبا للصحفيين.... وظل كذلك حتي انتصرت النقابة وتم إلغاء القانون المعيب....

«...»

وبصرف النظر عن تاريخه المشرف وانجازاته ومواقفه ونجاحاته الصحفية.... من الناحية الإنسانية المحضة.... ما كان المانع من عودة رجل بهذا الحجم إلي وطنه وأهله ونيله وسمائه وأرضه.... رجل مريض ينهي حياته وهو يحتضن بعينيه شوارع وميادين مر بها سنوات طوالا.... ماذا لو كان قد ركب السيارة لأنه لا يستطيع أن يسير ويدخل شارع الجلاء.... قف أيها السائق اتركني أنظر إلي هرم قضيت فيه حياتي وهرمين وقفت فوق السقالة يوما ما لأشرف علي البناء.... ويمر أطول شريط «خيالى» في الوجود أمام عينيه.... والعينان بين الدموع والرؤية البعيدة.... يا سلام.... نحن الصحفيين أعطينا ما أبقينا.... لماذا حرمتمونا حتي من الخيال حتي لو كان هو الوداع.... لقد أفرجتم إفراجا صحيا عن قاتل قرر الأطباء أن صحته خير من صحة الأطباء.... من كان الأولى؟؟؟

«...»

اقرأوا هذه القصة الحقيقية.... فقد عاصرتها.... بنفسى

مرتضي المراغي كان وزيرا للداخلية حتي نفس الليلة التى تحرك فيها الضباط لإعلان ثورة يوليو 1952.... فذهب مرتضي المراغي إلي مكتبه عند منتصف الليل وبدأ يتصل بمديرى الأمن يؤدي وظيفته كشىء طبيعى.... ولما علم بأن حسين فريد رئيس هيئة أركان الجيش سلم نفسه ليوسف صديق وزغلول عبدالرحمن عاد إلي بيئة.... هنا قرر مجلس قيادة الثورة بمحاكمته بأقصي سرعة.... فسافر مرتضي المراغي إلي الخارج.... وجد طائرة ستقوم بعد دقائق إلي - بيروت فركبها - وطبعا لم يمنعه أحد فهو وزير الداخلية.... وصدر حكم غيابى بإعدامه شنقا.... فأقام في روما 19 عاما....

فجأة مرضت والدته زوجة الشيخ المراغى أشهر وأهم شيخ أزهر.... الذي مات دون أن يري ابنه المغترب.... فأرسل مرتضي إلي أنور السادات يرجوه أن يسمح له بالعودة إلي مصر ليكون بجوار أمه.... ويتعهد بأن يجلس بجوار أمه في نفس غرفتها حتي مماتها وإن خرج من الحجرة أو حتي تقرر تنفيذ حكم الاعدام فلن يقاوم حتي يلحق بوالديه.

ماذا كان رد السادات:

عد آمنا.... فقد ألغينا حكم الإعدام....

الإنسانية والرحمة والسيرة الطيبة خير من كل شىء...