ذكريات قلم معاصر
نعم... نحن شعب عظيم طيب صبور حمول يتحمل هذه المعاناة التى نعيشها. ولكن فى نفس الوقت هناك أفكار وطرق كثيرة للتخفيف من حدة المعاناة ولا أدرى لماذا لا تطرق الحكومة هذه الطرق وتترك الناس فى هذا الجحيم دون أية معاونة أو تخفيف أو معالجة لبعض الأمور المادية... هناك بلاعات كثيرة تستنزف مواردنا ممكن جداً سدها وتتحول أموال الشعب التى يدفعها كضرائب ورسوم وتسديد فواتير تتحول هذه الأموال المهدرة كنزيف يمتص حياة الشعب.... تتحول الى حل مشاكل ومعاناة الشعب!!! بطريقة أو بأخرى!!!
هناك مثلاً «بلاعة» الصحف القومية.... بلا داعى أصلاً... بعد مأساة الانفصال عن سوريا التى استولت على ميزانيتنا وأخذت الإحتياطى والذهب.... وأصيب عبدالناصر بالسكر وبدأ «هوجة» التأميم حتى عربة البطاطا والفول فى الشوارع... ثم خاف من الإعلام فأصدر قانون تأميم الصحف!!!!.... لماذا هذا النظام مازال متمسكاً بهذا القانون رغم أن المعارضة والنقد والهجوم لابد من وجودها فى كل وسائل الإعلام وإلا لا يكون إعلاماً بل مجرد نشرات لا يقرؤها أو يراها أحد.... كان هناك النقد والهجوم على عبدالناصر فى عز عنفوانه رغم التأميم ورغم السجن الحربى والمخابرات والفصل من العمل ووقف معاشات كبار السن حتى لا يشتروا الأدوية أو يدخلوا المستشفى.
تشرشل الذى حقق معجزة بكل معنى المعجزة... انتصر على هتلر الذى احتل أوروبا كلها فى أيام معدودة.... أسقط خط ماجينو الذى كان يحمى فرنسا فى أقل من ساعة فرفعت فرنسا الراية البيضاء وسلمت نفسها لهتلر وأعلنت أن باريس «مدينة مفتوحة»!!!... انتصر تشرشل بدون جيش!!! لم تكن إنجلترا تملك سوى بعض بنادق وكذا!!!! دبابة ومع ذلك هزمت أقوى جيش فى العالم.... انتصر تشرشل رغم ذهول العالم عام 1945 وأجرى انتخابات عامة فسقط فى الانتخابات!!!! لماذا؟؟..... لأنه أخطأ فى حق الشعب الذى ظل ست سنوات يأكل بيضتين ورغيف عيش واحدا ويشرب كوب شاى بقطعتي سكر طوال اليوم فقط لمدة خمس سنوات... وكان فى إمكانه استيراد خير ربنا كله من مستعمراته من كندا الى استراليا مروراً بمصر والهند... امبراطورية لا تغيب عنها الشمس... كان الاستيراد ممكنا فى حماية أقوى أسطول فى العالم وهو الأسطول البريطانى.
اعترف تشرشل فى مذكراته الرائعة التى ترجمها عباس حافظ خير مترجم مصرى لأن أسلوب تشرشل الأديب أصلاً....الذي أخذ جائزة نوبل للآداب وليس لانتصاره في الحرب.. أسلوب تشرشل يحتاج لمترجم يستطيع أن ينقل بعض تعبيرات تشرشل الاديب الى أقرب الألفاظ العربية.... ومات عباس حافظ قبل أن يكمل الترجمة فتحدى صحفى شاب الجميع بأنه سيكمل المذكرات بنفس مستوى عباس حافظ... وقد كان... لذا أصبح من أشهر صحفيي مصر وكان اسمه «محمود عبدالمنعم مراد»!!!
أعود فأقول.... اعترف تشرشل بخطئه فى عبارة واحدة رائعة ضمن ملايين العبارات والصفحات.... قال:
ـ لم يكن عندى وقت ولا قلب لانظر الى الداخل منذ كان عقلى خارج الحدود!!!!
تحالف مع روسيا رغم تسمية روسيا بالشيطان وأدخل أمريكا فى الحرب!!!1
«....»
المهم أن حل بعض مشاكل ومعاناة الناس ممكنة.. وأضرب مثلاً «بنزيف» الصحف القومية.... وقد كانت هناك لجنة فى وزارة يو سف بطرس غالى لوضع حلول رائعة فى آخر وزارة قبل يناير 2011، وكنت عضواً فيها.... ولكن الإخوان تمسكوا بالتأميم وهذا شىء طبيعى... غير الطبيعى فقط هو تمسك الدولة الآن باستمرار النزيف.... وهناك أكثر من نزيف آخر... فإلى العدد القادم بإذن الله.