رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

لم يكن اللورد بلفور وزير خارجية بريطانيا الذى وعد اليهود منذ مائة عام بالضبط يوم 2 نوفمبر سنة 1917 أول مسئول غربى يعد اليهود بإقامة دولة فى فلسطين، فقد سبقه منذ أكثر من مائة عام قبلها أى سنة 1799 عبقرى الاستعمار نابليون بونابرت إلى إعطاء اليهود مثل هذا الوعد. ففى خلال الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798 قاد نابليون جيشه إلى الشام لفتحها كمستعمرة فرنسية، وكما روى التاريخ لنا عجز نابليون عن فتح مدينة عكا لأن واليها العثمانى عندئذ أحمد باشا الجزار أحسن تحصينها كما كان الأسطول البريطانى يساعده من البحر، هذا ما روته لنا كتب التاريخ المدرسية.

ولكن ما أغفلته كتبنا المدرسية أن نابليون فى طريقه إلى عكا وقف أمام حائط المبكى فى القدس وألقى خطابا إلى ما سماه الشعب اليهودى الذى لم يكن له وجود إلا فى مشروعات الاستعمار الغربى، نسوق نصه هنا إلى أمة العرب لعل الذكرى توقظ الغافلين. قال نابليون بالحرف الواحد: «من نابليون بونابرت القائد الأعلى للقوات المسلحة للجمهورية الفرنسية فى أفريقيا وآسيا إلى ورثة منطقة فلسطين الشرعيين: أيها الإسرائيليون أيها الشعب الفريد الذى لم تستطع قوى الاحتلال والطغيان أن تسلبه اسمه ووجوده القومى وإن كانت قد سلبته أرض الأجداد فقط. إن مراقبى مصائر الشعوب الواعين المحايدين وإن لم تكن لهم مقدرة الأنبياء مثل «أشعياء» و«يوئيل» قد أدركوا ما تنبأ به هؤلاء بإيمانهم الرفيع، وأن عبيد الله سيعودون إلى صهيون وهم ينشدون وسوف تعمهم السعادة حين يستعيدون مملكتهم دون خوف، ومفتدو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بترنم وفرح أبدى على رؤوسهم ابتهاج وفرح يدركانهم ويهرب الحزن والتنهد.

انهضوا بقوة أيها المشردون فى التيه إن أمامكم حربا مهولة يخوضها شعبكم بعد أن اعتبر أعداؤه أن أرضه التى ورثها عن الأجداد غنيمة تقسم بينهم حسب أهوائهم، لابد من نسيان ذلك العار الذى أوقعكم تحت نير العبودية. ذلك الخزى الذى شل إرادتكم لألفى سنة، إن الظروف لم تكن تسمح بإعلان مطالبكم أو التعبير عنها، بل إن هذه الظروف أرغمتكم بالقسر على التخلى عن حقكم ولهذا فإن فرنسا تقدم لكم يدها الآن حاملة إرث إسرائيل وهى تفعل ذلك فى هذا الوقت بالذات وبالرغم من شواهد اليأس والعجز.

إن الجيش الذى أرسلتنى العناية الإلهية به ويمشى بالنصر أمامه و بالعدل وراءه قد اختار أورشليم مقرا لقيادته وخلال بضعة أيام سينقل إلى دمشق المجاورة التى استهانت طويلا بمدينة داود ملك إسرائيل وأذلتها.

يا ورثة فلسطين الشرعيين إن الأمة الفرنسية لا تتاجر بالرجال والأوطان كما فعل غيرها تدعوكم إلى إرثكم بضمانها وتأييدها ضد كل الدخلاء. انهضوا واظهروا أن قوة الطغاة القاهرة لم تخمد شجاعة أحفاد هؤلاء الأبطال الذين كان تحالفهم الأخوى شرفا لإسبرطة وروما.. وإن معاملة العبيد التى طالت ألفى سنة لم تفلح فى قتل هذه الشجاعة.

سارعوا إن هذه هى اللحظة المناسبة التى قد لا تتكرر لآلاف السنين للمطالبة باستعادة حقوقكم ومكانتكم بين شعوب العالم، تلك الحقوق التى سلبت منكم لآلاف السنين وهى وجودكم السياسى كأمة بين الأمم. وحقكم الطبيعى المطلق فى عبادة إلهكم «يهوا» طبقا لعقيدتكم وافعلوا ذلك فى العلن وافعلوه إلى الأبد.. نابليون بونابرت.

كان هذا هو النص الحرفى لخطاب نابليون أمام حائط المبكى بالقدس، ولم يكن نابليون نفسه أول من نادى بدولة صهيون فعداء الغرب لمنطقتنا ومحاولته تمزيق دولنا ونهب مواردنا قديم قدم التاريخ الميلادى منذ القرن الأول الميلادى مرورا بالحروب الصليبية وحروب العصور الوسطى ووصولا لغزو نابليون لمصر وبعده بريطانيا وتليها حاليا أمريكا وحلفاؤها من دول الغرب الاستعمارى.

وقد وفقنا المولى فى أن نرصد على قدر طاقتنا كل مراحل عداء الغرب لنا منذ القرن الأول الميلادى فى كتاب يصدر منتصف هذا الشهر تحت عنوان «داعش جريمة الغرب الكبرى»، اللهم إنى لا أبتغى بهذا العمل إلا محاولة إيقاظ أمتى التى هى خير أمة أخرجت للناس لعلها تنفض عنها غبار اليأس والكسل لتتجنب مصير شعوب انقرضت مثل الهنود الحمر، وتذكر أن فارق القوة الهائل حاليا بيننا وبين الغرب ليس العامل الحاسم لو صدقت العزيمة، وأمامنا المثل الحى الذى ضربه شعب ڤيتنام العظيم الذى حارب أعتى قوة استعمارية فى العالم لمدة أحد عشر عاما، دفع خلالها دماء ثلاثة ملايين شهيد من أبنائه، وقتل من عدوه ستين ألفا من طياريه فضلا عن ربع مليون جندى بين قتيل ومشوه، واضطرت القوة العظمى فى النهاية إلى الانسحاب حيث لم يقو على استمرار خسائره.

ولن ينسى التاريخ أبدا منظر جنود القوة العظمى وهم يفرون فى طائرات الهليكوبتر كالفئران المذعورة من فوق سطح السفارة الأمريكية إلى سفن الأسطول الأمريكى يوم استطاع أحرار ڤيتنام تحرير مدينتهم الصامدة سايجون.. ألا قد بلغت اللهم فاشهد.

 

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد