رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الحكمة تقول: (من جدّ وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل). هذه الحكمة كانت توضع ضمن الإرشادات المدرسية الموجودة على الكراسات التى كنا نتعلم فيها الكتابة فى دور الحضانة ومراحل التعليم الأساسى، فقد كان المقصود من تلك الإرشادات زرع القيم والأخلاق الحميدة لدى الطلاب منذ نعومة أظافرهم.

أقول هذا، بمناسبة ما قرأته بجريدة «الوفد» يوم الأحد الماضى، أن هناك ثلاث طبيبات بيطريات اتفقن فيما بينهن على إنشاء محل للجزارة، وقد قمن فعلاً بافتتاح هذا المحل بمدينة بنى سويف، ولاقت تلك الفكرة نجاحاً كبيراً وإقبالاً باهراً. ثلاث طبيبات، يعتبرن من أوائل الطالبات فى الثانوية العامة، تركن شهادتهن كطبيبات وفضلن العمل الحر رغم ما ينطوى عليه هذا العمل من مشقة وجهد مضنٍ.

هكذا يكون الكفاح الذى يتبعه بالضرورة النجاح، خاصة أن اللاتى يقمن بهذا العمل هن طبيبات بيطريات، وهذا فى حد ذاته كافٍ لجذب العملاء لاطمئنانهم لهن وللسلعة المعروضة للبيع. كم أتمنى أن يحتذى شباب مصر حذو هؤلاء الطبيبات اللائى فضلن العمل الحر على العمل الحكومى، فشباب مصر لابد أن يجدوا القدوة الحسنة ومثل هؤلاء بلا شك يعتبرن قدوة حسنة لكل من يريد الكفاح والنجاح والتفوق. فالحياة كفاح وصدق وأمانة فى العمل، وبعد ذلك فإن الله سيكون بجانبهم، فإنه سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

وبهذه المناسبة.. تحضرنى - يا عزيزى القارئ- واقعة حدثت معى بالفعل، تعتبر مثالاً للكفاح والعمل الجاد الذى واكبه النجاح والثراء. فمنذ عشرين عاماً تقريباً احتجت لأحد عمال الصعيد (فاعل) وتوجهت للمكان الذى يجلسون فيه واخترت واحداً منهم توسمت فيه القوة والإخلاص فى العمل، واصطحبته للعمل معى، وكان معه فأسه وغَلَقة وكانت ملابسه رثة وحافى القدمين. ثم بدأت اتجاذب معه الحديث فإذا به يرد باللغة الإنجليزية، فتعجبت وسألته من أين لك ذلك، فأجابنى أنه طالب فى كلية الآداب جامعة أسيوط، وهو يضطر فى فترة الإجازة الصيفية للحضور إلى القاهرة للبحث عن عمل لأن والده توفى وترك له والدته وثلاثة أشقاء صغار.

وبعد ثلاث سنوات تقريباً عاد مرة أخرى هذا الشاب المكافح، وطلب منى أن أعاونه بعد التخرج فى إيجاد عمل مناسب له، فقلت إن مثلك تحتاجه وزارة التربية والتعليم للعمل مدرساً للغة الإنجليزية، ولكنه رفض هذا الاقتراح، وبالفعل كان لى أحد معارفى يعمل فى بيع مستلزمات النجارة وكان له محل كبير، وحين قصصت عليه قصة هذا الشاب المكافح لم يمانع فى أن يعمل معه، وبعد فترة قابلت صديقى وسألته عنه، فأجابنى قائلاً إنه بالفعل شاب ممتاز ولكن ترك العمل معه وذهب ليفتح نشاطاً خاصاً به.

وبعد فترة فوجئت بأحد السيارات تقف أمام منزلى وخرج منها شاب يحمل بعض الأشياء بيده، وتوجه إلىّ وأخبرنى أنه ذلك الشاب الذى جاءنى منذ فترة للعمل كفاعل، وقدم لى الهدايا عرفاناً منه بالجميل، وسألته عن أحواله فقال الحمد لله لقد أكرمه الله أعظم الكرم. هكذا يكون الكفاح والكد والأمانة فى العمل، الذى لا شك سيتبعه النجاح. ولكن مع الأسف الشديد لدينا العديد من الشباب الذين يجلسون على المقاهى يندبون حظهم ويشكون من عدم وجود الوظائف المناسبة لهم.

أعود فأقول.. إن الحياة كفاح ولكل مجتهد نصيب. فى بلاد الغرب الشاب عند بلوغ الخامسة عشرة من عمره يترك والديه لكى يعمل بيديه ويحصل على رزقه، وبعد ذلك إذا أراد أن يكمل تعليمه فعليه أن يسدد تكاليف دراسته من عمله، هكذا تقدمت دول العالم، بجهد وعرق أبنائها.

وتحيا مصر.