آفة الصحافة
أهدانى صديق العمر ورفيق الإغتراب فى هولندا د.أسعد جابر الفلسطينى - الذى أبى أن يترك الأرض مُتمسكا هو وعشيرته بالبيت فى الأراضى المُحتلة – أهدانى مجموعة مقالات لكاتب اسرائيلى اسمه " جدعون ليفى " قام بترجمتها من العبرية للغة العربية " أمين خير الدين " وجمعتها فى كتاب دار نشر " مكتبة كل شيئ فى حيفا " ، ووجدت انه من المُفيد وحق القارئ علينا ان ننقل اليه ما قد لا تواتيه الفرصة للإطلاع عليه مما يُكتب عن وجه الإحتلال القبيح فى الصحافة الإسرائيلية بأقلام غير عربية .
استوقفتنى عبارة "وجه الإحتلال القبيح" الذى قال عنه بأنه لن يكون غير ذلك ، ونعته بأبشع الإحتلالات عالمياً ، وفى العصر الحاضر على الأقل على حد وصفه ، فى مُقدمة الكتاب الذى جمع فيه مقالات " جدعون " تحت عنوان : " كيف تولد المُخربة وكيف تموت " يقصُد اسرائيل التى احتلت الأراضى الفلسطينية ، ولأنه احتلال على ما يبدو لا نهاية له ، على أقل تقدير فى المدى القريب .
احتلال لا يريد ان ينتهى ، يسعى دائماً ليبقى ، وليبسط غطرسته ويُشَرعُنها ، هو وسيلتة الحروب والقتل والمجازر والإستيطان ، وغاية فى ذات الوقت ترسيخ وجوده ، وطرد أصحاب الأرض ، وتهجيرهم ، واستئصال حقوقهم ، والغاء وجودهم وتاريخهم وتراثهم وجغرافيتهم ، ذلك الإحتلال البشع الذى يستمد وجوده من مُعنقد دينى يوظفه للتغطية على الرغبة فى بسط السيطرة على الأرض ، وتكريس الإحتلال وتنفيذ سياسة التهجير والتهويد .
ويُشَرعِنُ نفسه بوعد إلهى حسب مُعتقد هذه الفئة القليلة نسبياً إذا ما قيست ببنى البشر على سطح الكرة الأرضية ، مُعتمداً على قوة السلاح ، والعربدة والتخويف والتهجير والتهويد والاستيطان ، وكل الطرق اللاقانونية أخلاقياً وإجتماعياً وإنسانياً "
يكشف "جدعون ليفى" فى مقالاته الأسبوعية الجريئة فى صحيفة هآرتس العبرية عن الوجه القبيح للإحتلال وبطلان شرعيته ، يصوره اليمين السياسى الإسرائيلى انه يكره اسرائيل ، ولم يسلم من إعتداءات العُنصريين اليمينيين ، ومن المستوطنين ، وهو يقول دون خوف للإحتلال أنت مُعتدٍ ، احمل عصاك وأرحل عن أرض ليست لك ، انها لشعب لا يُريدك لأنه صاحب الأرض .
يقول " جدعون " فى مقالة له حملت عنوان " اسرائيل لا تريد السلام " ان رفض اسرائيل مغروس فى حمضها النووى ، فى اعتقادها الأكثر أولوية ، هناك عميقاً عميقاً ، راسخاً فى التفكير ان هذه البلاد موعودة للهيود فقط ويُسمح لهم ما لا يُسمح لغيرهم .
اسرائيل لا تريد السلام ، ليس هناك عبارة كتبتها فى حياتى وكنت اتمنى أنى أكون مُخطئاً بها، كهذه العبارة ، عملياً الأدلة تتراكم ، يمكن القول ان اسرائيل لم ترغب فى السلام فى يوم ما ، السلام العادل الذى يعتمد على حل عادل للطرفين ، صحيح ان التحية العبرية هى " شالوم" السلام عليكم ، سلام عند الذهاب وعند الإياب ، تقريباً كل اسرائيلى يسارع الى القول دائماً انه يريد السلام ، سلاما ولا يُريد عدلاً ، من المؤكد ان هذا السلام لا يقوم على قيم شاملة ، لذلك يريد سلاما بدون سلام .
اسرائيل ابتعدت فى السنوات الأخيرة عن أمنيتها فى السلام وحُذف السلام من جدولها اليومى ، يبدو ان الرغبة الاسرائيلية فى السلام ماتت فى مكان ما قبل عشر سنوات ، بعد فشل كامب ديفيد ، والاشاعة الكاذبة التى تقول انه لا يوجد شريك فلسطينى .