عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سطور

كنا قد انتهينا فى المقال السابق إلى أسباب كتابة كاتبنا القدير «عباس محمود العقاد» لأهمية مفهوم العظمة أو الكتابة عن العظماء، وتحديدًا عند كتابته عن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، كما أوردها فى مقدمته لكتابه العظيم «عبقرية محمد».

واليوم نستكمل باقى حديثنا عن عظمة سيد الخلق أجمعين نبينا وشفيعنا رسول الله محمد النبى عليه أفضل الصلاة وأذكى التسليمات، عظمته كما أوضح «العقاد» والتى استمدها من كونه (عابدًا) قبل أن يكون مفكرًا أو صاحب تعبير جميل أو إنسانًا يعمل ويجتهد فى الحياة.

وأحببت أن أنقل بعض الأجزاء مما ورد فى كتاب «عبقرية محمد» لمفكرنا القدير «العقاد»:

.. فكان حسًا كله وحياة كله، يراه من ينظر إليه فيرى فؤادًا يقظًا ينتبه لكل خالجة نفسية وكل نبأة خفية، يسرع فى مشيته، ويلتفت فيلتفت بكل جسده، ويشير فيشير بكل كفه، ويفكر فلا يزال يطرق إلى الأرض أو يرفع بصره إلى السماء، ويدعو فيرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه، ويغضب فتحمر عيناه ووجنتاه ويمتلىء عرق جبينه، وينام وقلبه لا ينام: حس مرهف يدنى إليه ما وراء الحجاب، ويوقظ سريرته لأخفى البواطن، ويجعله أبدًا فى حالة قريبة من حالة الوحى حيثما هبط عليه.

هذه صفة عابد يفكر ويعبر ويعمل، وليست بصفة عابد ينقطع للعبادة أو ينقطع للتفكير، أو يعمل كما يعمل النُّساك الذين هزلت بنيتهم الجسدية فلم يبق لهم إلا عكوف الصومعة أو رحلة الزهادة.

كانت عبادة محمد خلوًّا بالنفس إلى حين، أو عجبًا من بدائع الكون التى ألفها الناس لأنهم لم يوهب لهم فى أبصارهم وبصائرهم تلك النظرة الجديدة التى ترى كل شىء كأنه فى خلق جديد.

ويختتم أو سأحاول أن أختتم أنا سطور الإبداع كما سطرها العقاد بفكره العميق وإبداعه فى استخدام وتركيب المفردات والجمل، بتلك السطور الأخيرة التى لا أريد أن أنهيها ولكن مضطرة آسفة حتى لا أطيل ونظرًا لمحدودية المساحة.

ما أعظم دهشة الناظر أن يرى الشمس قد خلقت اليوم أمام عينيه.. دهشة لا تعادلها دهشة!.

وهى دهشة العين التى أبت أن تكل من الألفة لأنها أبدًا فى نظر جديد، أو فى نظر إلى كل منظور كأنه مخلوق جديد.

الله.. فهل هكذا كان «محمد» العابد أو كانت هكذا عبادة «محمد»!.. فما أروع تلك العبادة التى كانت بين العجب والايمان، فقد كان يجدد إيمانه كما يجدد عجبه، وكان يدعو ويقول «يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك».... فما أعظم نبينا الكريم عليه السلام الذى كان حركة متجددة فى الفكر وفى الضمير.

وظنى أن أهم ما يجب إيجازه هنا هو أن التفكير فى حقائق الوجود أو ما يسمى التأمل عادة يعد من أهم العبادات، وأنه أيضًا الطريق الوحيد للوصول إلى الله ولا طريق غيره، ولم يكن ذلك رأى «العقاد» وحده فحسب بل كان كذلك ما انتهى إليه الفلاسفة والمفكرون من أمثال «كانط» وغيره.

.. وللحديث بقية