رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ذكريات قلم معاصر

تبت يده وتب.. تبت كل يد تحاول أن تمس منارة العلم والدين.. أول منارة علمت العالم كله أصول وتقاليد التعليم الصحيح.. الأزهر الشرف هو الذی وحد زى كل التلاميذ.. الكل يلبس العمة والقفطان ولا يشذ تلميذ أو طالب واحد عن هذا الزى وإلا يطرد فوراً.. ذلك ليشعر كل التلاميذ والطلاب أنهم جميعاً إخوة أسوياء لا غنى يلبس الحرير وآخر يلبس القطن.. مثلاً تم طرد «التلميذ» كامل الشناوى يوماً لأنه دخل الأزهر بالقميص والبنطلون!

وتمر الأيام والسنون ويقلد العالم كله الأزهر الشريف ويتم توحيد زى التلاميذ والطلبة فى كل مدارس العالم بعد الأزهر بسنوات.

والأزهر هو صاحب فكرة تغذية التلاميذ خلال اليوم الدراسى وكتبها طه حسين فى كتابه «الأيام».. ووصف الرغيف الذى كان يتم توزيعه عليهم.. نصف الرغيف بالجبن الأبيض والنصف الآخر «القديد».. ثم ظهر أن «القديد» هو قطعة اللحم الرفيعة نوعاً التى تملأ نصف الرغيف الناشف بعض الشىء تشبه «الإسكلوب» الآن.. وبعد فترة طويلة قرر علماء التربية والتعليم ضرورة تغذية التلميذ خلال اليوم الدراسى.

الأزهر هو الذى علم العالم كله أصول التربية والتعليم.. أيضاً فى الأزهر ما يسمى «العمود».. ساحة الأزهر مليئة بالأعمدة.. كل عمود يُسمى باسم مدرس ما هذا المدرس يجلس تحت العمود ويلتف حوله التلاميذ ليشرح لهم بطريقة مستفيضة الدرس الذى تلقوه فى الفصل.. ويرد على أسئلة التلاميذ اقتبست الجامعات هذه الفكرة وأصبح اسمها «السكشن» فى الغرف.. عقب المحاضرة العامة فى المدرج أصبح «السكشن» صورة طبق الأصل مما يحدث تحت عمود الأزهر.

الأزهر أيضاً هو سبب ترديد النشيد القومى فى حوش المدرسة قبل بدء اليوم الدراسى.. كيف؟ من عادة الأزهر منذ سنوات بعيدة جداً مع وصول المدرس لحجرة الفصل فى بداية اليوم الدراسى يقف التلاميذ احتراماً للمدرس ثم يتلو الجميع فاتحة الكتاب جماعة قبل الجلوس وبداية اليوم الدراسى.

<>

هذا هو الأزهر الشريف.. أقدم منارة للعلم والدين على سطح الكرة الأرضية.. علّم العالم كله أصول التربية والتعليم.

ماذا تريدون منه؟!

يريدون قانوناً لتنظيم الأزهر

هل يريدون قانوناً مثل قانون «تنظيم الصحافة».. فتحولت الصحف من أقوى وأعتى صحف العالم تكسب ملايين وأحياناً مليارات، إلى الصحف لا تستطيع الآن أن تدفع مرتبات المحررين ولا حتى فواتير النور والماء والتليفونات!! وأصبحت عبئاً ضخماً على خزانة الدولة ومهددة بالغلق!! أى تنظيم هذا؟!

هل تريدون قانوناً مثل قانون «الإصلاح الزراعى» وتفتيت الملكية الزراعية فكانت النتيجة أن تحولنا من «سلة قمح العالم» إلى أكبر متسول قمح فى العالم!!

هل يريدون قانوناً مثل قانون القضاء الأخير الذى ألغى قانون استقلال القضاء والتى أعتبرها «السلطة الثالثة».. قانون سحب من رجال القضاء حق اختيارهم للرؤساء والمستشارين ومنح هذا الحق للسلطة التنفيذية لتتحكم فى القضاء!! قانون استقلال القضاء وضعه صبرى باشا أبوعلم عام 1942 وأشاد العالم كله بقضاء مصر.. حتى إن جمال عبدالناصر اضطر أن يوقف العمل بهذا القانون وعمل ما سُمى أيامها بمذبحة القضاء.. فصل كل من أصدر أحكاماً ضد الحكومة.. وبعد نكسة 1967 أفاق عبدالناصر وأراد تصحيح أخطائه.. وأعاد قانون استقلال القضاء.. الآن يسلبون من القانون أحد أهم بنوده!

<>

عام 1951 فى ظل حكومة الوفد ومجلس نواب 90٪ من أعضاء الوفد.. تقدم نائب وفدى اسمه استفان باسيلى بمشروع قانون أسماه «حماية الذات الملكية» يمنع نشر أخبار أو صور للأسرة المالكة إلا بعد موافقة كتابية.. هاج المجلس كله.. وسحب النائب المشروع وقدم اعتذاره.. أين هذا الآن؟ مقارنة بما يحدث هذه الأيام فى نفس المجلس.

<>

تبت أى يد وتب.. أى يد تحاول المس بأعلى منارة علمية دينية أنارت العالم كله.. هذه المنارة التى كانت سبب ثورة 1919. تم نفى سعد زغلول ورفاقه يوم 8 مارس 1919.. خرج كل طلبة وتلاميذ الأزهر صباح 9 مارس 1919 فى مظاهرة تهتف لسعد زغلول وكل مدرسة أو كلية تمر بها المظاهرة يخرج الطلبة لينضموا لها.. حتى كل الكنائس خرج من كان بها ورفعوا الهلال مع الصليب الذى أصبح شعار الوفد حتى اليوم ونزلت النساء والفتيات من البيوت لأول مرة.. أيضاً.. هذا هو الأزهر.

عام 1956.. مع بداية العدوان الثلاثى كان بعض رجال الثورة مع عدد كبير من رجال السياسة الكبار اجتمعوا فى كلوب محمد على «نادى الدبلوماسيين الآن» يفكرون فى لقاء السفير البريطانى للمفاوضات معه.. بينما ذهب عبدالناصر إلى الأزهر وصعد فوق المنبر وقرر مقاومة العدوان جيشاً وشعباً.. وخرج من الأزهر فى مظاهرة ضخمة جداً محمولاً على الأعناق.. وبدأ الكفاح من الأزهر.. هذا هو الأزهر.

قبل هذا كله بسنوات.. تحدى نابليون قائد أقوى جيش فى العالم.. تحدى الأزهر ودخل بجنوده فوق الخيول يعبثون فى حرم الأزهر الشريف.. قال رجال الأزهر الأتقياء «حسبنا الله ونعم الوكيل» بعد أيام قليلة لقى أقوى جيش أبشع هزيمة فى معركة «ووترلو».. واليوم.. نحن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل فى كل من يفكر فى الإساءة بالأزهر الشريف.