رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

وقفنا فى المقال السابق عند اجتماع «عبدالناصر» و«عامر» و«أنور السادات» فى 13 مايو سنة 1967، لمواجهة الخطر الإسرائيلى على سوريا وكيفية مساعدتها.

قرر المجتمعون تحريك تشكيلات عسكرية إلى سيناء وإرسال الفريق «محمد فوزى» رئيس الأركان إلى دمشق فورا للتنسيق.

وفى 15 مايو سنة 1967، قرر «عبدالناصر» مطالبة القوات الدولية بالانسحاب من الحدود المصرية الإسرائيلية مع بقائها فى شرم الشيخ، فقد كان يعلم يقينا أن إغلاق خليج العقبة لو انسحبت قوات المراقبة الدولية من شرم الشيخ يعنى إعلان مصر الحرب على إسرائيل ووقوفها أمام العالم فى موقف المعتدى الذى يخل بالالتزام الدولى بنصوص اتفاقية الهدنة سنة 1957، كان «عبدالناصر» يأمل أن يكون الحشد العسكرى للجيش المصرى فى سيناء رادعا لإسرائيل عن مهاجمة سوريا، وفى نفس الوقت تبقى الملاحة الإسرائيلية فى خليج العقبة تحت الإشراف الدولى.

وجه «عبدالناصر» خطابا إلى قائد القوات الدولية فى سيناء الجنرال «ريكى» يطالبه بسحب قواته من الحدود المصرية الإسرائيلية فقط. وعند عرضها على سكرتير عام الأمم المتحدة المساعد «رالف بانسن» الأمريكى الجنسية رد على مصر بأن قوات المراقبة الدولية وحدة واحدة، فإما أن تبقى كلها على الحدود وفى شرم الشيخ وإما أن تسحب كلها وأسقط فى يد «عبدالناصر» ولم يستطع التراجع، ولم يجرؤ أحد معاونيه على معارضته فى أن طلب سحب القوات الدولية كلها إعلان لحرب على إسرائيل ستبدو حربا عدوانية أمام العالم، وتذكر فى هذه اللحظة الفارقة مدى خشية معاونى «عبدالناصر» من معارضة أى قرار يأخذه، فقد سأل عبدالناصر الدكتور «محمود فوزى» نائب رئيس الجمهورية عندئذ عن رأيه فيما لو قامت مصر بإغلاق خليج العقبة فى وجه الملاحة الإسرائيلية فكان رد الدكتور «فوزى»: «سيادة الرئيس.. هناك مواقف يكون القرار فيها راجعا إلى إلهام الزعامة وليس نصيحة المعاونين».

وسار «عبدالناصر» إلى الفخ الذى نصبه له الاستعمار الغربى، وشجعه خطاب من الرئيس الأمريكى «ليندون چونسون» ينفى فيه أى نوايا عدائية ضد مصر، ويشيد بدور مصر فى مجال التنمية الاقتصادية ويدعو إلى ضرورة تجنب القتال، وسقط «عبدلناصر» فى الفخ وسقطت معه مصر وكل العرب فأعلن فى 23 مايو إغلاق خليج العقبة فى وجه الملاحة الإسرائيلية، مع تأكيده أن مصر لا تنوى على الإطلاق مهاجمة إسرائيل وفى 24 مايو واستكمالا للفخ الأمريكى وصل سكرتير عام الأمم المتحدة «يوثانت» لمصر ومعه ما سمى بمشروع أمريكى للتهدئة يتلخص فى ثلاث نقاط وهى: عدم إرسال إسرائيل أى سفينة إلى خليج العقبة حاليا، وعلى الدول التى ترسل سفنها إلى إيلات عدم إرسال أى مواد استراتيجية لإسرائيل حاليا، وعلى مصر ألا تزاول حق تفتيش السفن التى تمر عبر خليج العقبة بصفة مؤقتة.

ابتلع «عبدالناصر» الطُعم الأمريكى، وظن أن المشكلة فى طريق الحل، وأنه سيخرج منها بنصر سياسى كما حدث له فى أعقاب العدوان الثلاثى سنة 1956، وأكد فى رسالة جديدة للرئيس الأمريكى أن مصر لن تكون البادئة بالعدوان على إسرائيل، وهكذا تم إعداد المسرح للمؤامرة مكتملة الأركان، التى أعدت لمصر وسقط فيها «عبدالناصر» نتيجة النظام الدكتاتورى الذى أقامه ونتيجة انفراده الكامل بالسلطة وسقطت معه مصر والعالم العربى كله.

ففى صباح 5 يونية سنة 1967 الساعة 8:30 صباحا والضباط المصريون فى سياراتهم فى طريقهم إلى وحداتهم كما درست إسرائيل بدقة قبل تنفيذ المؤامرة، قام سلاح الطيران الإسرائيلى بكل عنفوانه بهجوم مباغت على كل المطارات العسكرية المصرية دمر فيه معظم الطائرات الحربية المصرية وهى رابضة على أرض المطارات بينما قامت المدرعات والقوات البرية الإسرائيلية بهجوم شامل على سيناء وأعلن وزير الخارجية الأمريكى أن أمريكا لا تعلم من الذى بدأ الطلقة الأولى فى هذه الحرب.

وباقى القصة الحزينة معروف، فقد حاصرت إسرائيل المدرعات والجنود المصريين الذين تراجعوا أمام الهجوم الإسرائيلي فى ممر «متلا» بسيناء وأقامت لهم مذبحة هائلة، وفى غضون ستة أيام كان الجيش الإسرائيلى منتشرا على الضفة الشرقية للقنال، وكانت حصيلة المعركة كما اعترف «عبدالناصر» فى إحدى خطبه هى عشرة آلاف شهيد من جنود مصر وألف وخمسمائة ضابط من ضباطها.

وعلى الجبهة الأردنية سقطت الضفة الغربية كلها تحت الاحتلال الإسرائيلى، وعلى الجبهة السورية سقطت هضبة الجولان فى يد إسرائيل وأصبح جيشها على بعد ستين كيلو مترا من دمشق.

اضطر العرب إلى قبول وقف القتال مع بقاء القوات الإسرائيلية فى المواقع التى وصلت إليها، ونستأنف فى المقال التالى تطور الأحداث بعد إيقاف القتال.

الرئيس الشرفى لحزب الوفد