رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

وقفنا فى الحلقة السابقة عند إعلان الوحدة بين مصر وسوريا فى أول فبراير سنة 1958، وقد تم استفتاء الشعبين على هذه الوحدة فى 21 فبراير، وعلى ترشيح عبدالناصر لرئاسة الجمهورية العربية المتحدة كمرشح وحيد، وكان أول ناخبيه هو رئيس سوريا شكرى القوتلى الذى أطلقوا عليه لقب المواطن العربى الأول، وكانت نتيجة الاستفتاء شبه إجماع بالموافقة على الوحدة وعلى رئاسة جمال عبدالناصر.

ووضع دستور مؤقت لفترة انتقال نص على أن تكون السلطة التشريعية لمجلس يسمى مجلس الأمة، ويتم اختياره بقرار من رئيس الجمهورية على أن يكون نصف أعضائه على الأقل من بين أعضاء مجلس النواب السورى ومجلس الأمة المصرى، وتكون الجمهورية من إقليمين مصرى وسورى ويكون لكل إقليم مجلس تنفيذى يعين رئيسه بقرار من رئيس الجمهورية، وتبقى القوانين والاتفاقيات القائمة فى كل إقليم سارية إلى أن يعاد تنظيمها، وتتخذ إجراءات وضع دستور دائم للدولة الموحدة، وفى 6 مارس سنة 1958 عين عبدالناصر أربعة نواب لرئيس الجمهورية اثنين من مصر واثنين من سوريا، وفى 8 مارس وقعت مملكة اليمن اتفاق إقامة اتحاد فيدرالى بينها وبين الجمهورية العربية المتحدة، وفى 7 أكتوبر قرر عبدالناصر إنشاء وزارة مركزية للإقليمين يتبعها المجلسان التنفيذيان لكل إقليم.

شعرت كل من الأردن والعراق بالقلق الشديد من قيام الجمهورية العربية المتحدة فردتا على ذلك بقيام حكومة اتحاد عربى بين الدولتين فى 14 فبراير يرأسه فيصل ملك العراق ويكون حسين ملك الأردن نائباً للرئيس.

وفجأة وسط هذا البحر المتلاطم من الحراك السياسى فى المنطقة، وقع ما لم يكن فى الحسبان قام الضباط البعثيون فى الجيش العراقى بانقلاب عسكرى فى فجر14 يوليو سنة 1958 بقيادة عبدالكريم قاسم ونائبه عبدالسلام عارف، وأعدموا على الفور فيصل ملك العراق وخاله عبدالإله الذى كان وصياً عليه عندما كان قاصراً ونورى السعيد رئيس الوزراء وأشد أنصار الغرب فى العراق، وعلى الفور اشتعل الموقف الدولى وتوتر لدرجة تنذر بحرب كبرى فى المنطقة يخشى أن تمتد إلى حرب عالمية بين الشرق والغرب.

كان عبدالناصر فى زيارة لتيتو فى يوغوسلافيا ووقع الانقلاب وهو على ظهر اليخت المحروسة ليعود لمصر، فاتصل به تيتو على وجه السرعة وطلب منه العودة ليوغوسلافيا تجنباً لوقوع هجوم بحرى عليه وهو فى طريق العودة، فعاد اليخت سريعاً ليوغوسلافيا واستقل عبدالناصر الطائرة لمصر، شعرت أمريكا وبريطانيا بالقلق على مصير الحكومات الموالية لها فى الأردن ولبنان، فسارعت أمريكا بإنزال خمسة آلاف من مشاة بحرية أسطولها السادس على شواطئ لبنان استجابة لطلب كميل شمعون، رئيس جمهورية لبنان، وسارعت بريطانيا بإرسال جنودها جواً إلى الأردن لحماية عرش حسين، وكان ذلك فى 15 يوليو أى فور وقوع انقلاب العراق، وأعلن عبدالناصر أن أى اعتداء على العراق سيعتبر اعتداء على الجمهورية العربية المتحدة، وعلت آمال الجماهير بأن العراق سينضم سريعاً إلى مصر وسوريا فى وحدة ثلاثية.

ولكن ما لم يكن فى حساب الجماهير أو حساب عبدالناصر أن عبدالكريم قاسم، لم يكن أقل تعطشاً منه للسلطة المطلقة، ويستحيل عليه أن يقبل وضع الرجل الثانى، ولم يمض وقت طويل قبل أن يعلن قاسم تقاربه الشديد مع الاتحاد السوفيتى وحصوله على مركز الحظوة فى موسكو، وكان طبيعياً أن تتوتر علاقات عبدالناصر بقاسم وتتحول تدريجياً إلى عداء علنى، ودار صراع على السلطة فى العراق بين قاسم ونائبه عبدالسلام عارف الذى كان أكثر ميلاً إلى عبدالناصر، وحسم قاسم الصراع وأطاح بعارف واعتقله وساد التوتر وازداد عندما وضع قاسم ثقله بجانب الشيوعيين العرب، وبدأ عبدالناصر يهاجم الشيوعية علناً ففترت علاقته بموسكو وظل عداؤه مع أمريكا كما هو.

وفجأة خلال مارس سنة 1959 قام عبدالوهاب الشواف قائد الجيش العراقى فى مدينة الموصل شمال العراق بمحاولة انقلاب ضد قاسم كادت تنجح، ولكن قاسم حشد كل قواه ونجح فى سحق المحاولة وقتل عبدالوهاب الشواف.

فقد عبدالناصر أعصابه تماماً أمام فشل المحاولة، وبدأ فى مهاجمة قاسم وكذا مهاجمة كل الشيوعيين فى حدة غير مسبوقة، وتصدى له الاتحاد السوفيتى مناصراً قاسم ووقع تلاسن علنى شديد بين عبدالناصر وخروشوف سكرتير عام الحزب الشيوعى السوفيتى.

وجد عبدالناصر نفسه فى مأزق شديد، فالاتحاد السوفيتى حليفه الدولى ضد قوى الغرب الاستعمارية أصبح يجاهره بالعداء وينصر عليه خصمه اللدود قاسم وأمريكا عدوه اللدود لم تأخذ صفه فى حربه الكلامية مع موسكو.

أخذ عبدالناصر يعيد حساباته ويتلمس طريقاً يستطيع فيه إقامة علاقة ودية مع أمريكا دون أن يسمح لها بالسيطرة عليه، ويحاول فى نفس الوقت إصلاح الجسور التى تحطمت بينه وبين موسكو.

ونعرض فى المقال التالى كيف سارت الأمور مع عبدالناصر.

الرئيس الشرفى لحزب الوفد