رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لا شك أن الحكم البات الذى أصدرته المحكمة الإدارية العليا، باعتبار أن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان، هذا الحكم سيوقع السلطة القضائية كلها فى حرج شديد، فيما لو أصر البرلمان على استعمال حقه الدستورى فى نظر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.

المفروض أن توقيع مصر على الاتفاقية الخاصة بجزيرتى تيران وصنافير، يعتبر عملاً من أعمال السيادة التى لا يجوز للقضاء – بصفة عامة – نظره والبت فيه. هذا القول ليس مجرد رأى من عندى، بل هو ما أقرت به المحكمة الإدارية العليا نفسها فى النزاع الذى أثير أمامها بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، حيث قضت تلك المحكمة فى هذا النزاع -وهو مماثل لمشكلة جزيرتى تيران وصنافير المتنازع عليهما بين مصر والسعودية- بأن هذا الاتفاق يعتبر عملاً من أعمال السيادة التى لا يجوز للقضاء بحثه أو البت فيه.

أما وقد نظرت المحكمة الإدارية العليا هذا النزاع، وقد جاء فى حيثيات حكمها - أنه لا يجوز للبرلمان بحث هذه الاتفاقية - هذا الحكم فى تقديرى، يعتبر من قبيل التدخل الصريح من السلطة القضائية فى عمل من أعمال السلطة التشريعية المحظور عليها إتيانه. هذا التدخل مرفوض تماماً فى القواعد الدستورية، بما يعرف بمبدأ الفصل بين سلطات الدولة الثلاث –السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية- فلا يجوز مثلا للسلطة التشريعية أن تتدخل فى أعمال السلطة القضائية أو أعمال السلطة التنفيذية، والعكس صحيح، لا يجوز للسلطة القضائية التدخل فى عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية.

ومن هنا لنا أن نتساءل: ماذا سيكون عليه الوضع فيما لو تمسك البرلمان بحقه الدستورى، فى نظر اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية؟ وماذا سيكون عليه الوضع لو أقر البرلمان تلك الاتفاقية؟ أليس من شأن هذا الموقف أن يوقع السلطة القضائية فى حرج شديد؟ نحن أمام حكم بات، جاء فى أسبابه ما يفيد منع البرلمان من نظر تلك الاتفاقية، وغنى عن البيان أنه لا يتصور لا عقلاً ولا منطقاً أن يكون مثل هذا الحكم ملزماً للبرلمان وهو أعلى سلطة فى الدولة، فمن الجائز جداً أن يستعمل البرلمان حقه الدستورى فى نظر تلك الاتفاقية والبت فيها على خلاف ما جاء بهذا الحكم، الأمر الذى سيؤدى بالقطع إلى وضع القضاء فى حرج شديد.

هناك نقطة أخرى تعجبت لها كثيراً، هى إسراع بعض الأحزاب -وجهات أخرى- بتأييد حكم المحكمة الإدارية العليا باعتبار جزيرتى تيران وصنافير مصريتين. ألم يكن من الأفضل أن نتريث جميعا حتى يتم القطع نهائياً فى مثل هذه المشكلة، لا سيما أن هذا الحكم لا يعتبر نهاية المطاف فيما يتعلق بتلك المشكلة، فهناك من النصوص الدستورية ما يبيح للبرلمان النظر فى تلك الاتفاقية. فضلاً عن ذلك فإن مشكلة ترسيم الحدود بين دولتين شقيقتين -كمصر والسعودية- وتربطهما علاقات أبدية. من الصعب الوصول فيها لرأى بصورة منفردة من أى من الدولتين على حساب الدولة الأخرى، اللهم إلا إذا صارت هذه الاتفاقية موافقاً عليها من الطرفين اتفاقاً، أو عن طريق القضاء الدولى.

من هنا.. إنى أتصور أنه من الأفضل لكل الأطراف -فى مثل هذه المشكلة- أن يترك الفصل فيها للفنيين المتخصصين فى شئون ترسيم الحدود باعتبارهم أهل خبرة، فهناك قضاء دولى يمكن التقدم إليه لحسم هذا الخلاف برضاء الطرفين حتى يصبح الأمر باتاً بين الدولتين؟ تماماً كما حدث فى الوضع الخاص بمدينة طابا فى سيناء حيث توجهت مصر وإسرائيل للقضاء الدولى الذى أنصف مصر وقضى بأحقيتها فى مدينة طابا وانتهى الأمر بين الدولتين بهذا الحكم.

وتحيا مصر