عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فى حى الحسين وتحديدًا يوم الاثنين 11 ديسمبر عام 1911م كان مولد أديبنا الرائع على المستوى الإنسانى والمبدع فى المجال الثقافى والأدبى «نجيب محفوظ»، والذى تألقت عبقريته تحديدًا فى فن كتابة الرواية من ناحية تنوع الأساليب ما بين الواقعية والتجريدية والفلسفية، وذلك بلغة مميزة جدًا كان هو أول من استحدثها، مستخدمًا إياها فى رسم عدد من الشخصيات الخالدة فى وجداننا إلى يومنا هذا والتى كان أشهرها على الإطلاق شخصية السيد أحمد عبدالجواد أو «سى السيد» وأيضًا شخصية زوجته «أمينة» فى روايته «الثلاثية» التى جسدت الواقع المعاش فى تلك الفترة بصورة أدبية بليغة ومليئة بتفاصيل إنسانية كثيرة جدًا اكتسبت أبعادًا متعددة لتصل لأعماق الأحوال الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فى المجتمع المصرى آنذاك، ولعلى أرى أن سر عبقرية «نجيب محفوظ» قد يكمن فى شخصيته التى اتسعت الجميع، تلك الشخصية المنظمة جدًا والمتشعبة جدًا أيضًا، وأزعم أنه كان عبقريًا على المستوى الإنسانى بقدر عبقريته على المستوى الإبداعى.

وكم تخيلت وتمنيت أيضًا أن أعيش فى زمانه الجميل، والتقى به فى مقهى «بترو» والذى قد اختاره «نجيب محفوظ» نظرًا لقربه من منزل «الحكيم» بالإسكندرية حيث كانا يلتقيان هناك– وإمعاناً فى الخيال- أجلس معه تحديدًا فى «ركن الحكيم» الذى اقترح «نجيب محفوظ» فكرة تأسيسه، والذى أصبح يؤمه فيما بعد نخبة من أصدقاء «الحكيم» و«محفوظ» من المهتمين بالأدب والثقافة وأيضًا عدد من الباشوات وكبار الشخصيات مثل «شمس الدين باشا عبدالغفار» وبرهان باشا نور وغيرهما الكثير.

وامعانًا أكثر فى الخيال.. أنظر إليه بابتسامة إعجاب شديد للغاية، يغلفها صمت لعدة لحظات اتأهب خلاله لكى أسأل «أمير الرواية العربية»- كما أطلق عليه- سؤالا «بصيغة الطلب» كثيرًا ما دار بخاطرى، أسأله إياه وكلى شغف وحماس لسماع الإجابة: استاذى القدير «نجيب محفوظ» لعل سؤالى هذا أشبه بـ(ثرثرة فوق النيل) يا (حضرة المحترم) الذى ليس لابداعه (بداية ونهاية)، وكما تحدثت فى (قلب الليل) عن (الحب تحت المطر) بحديث كـ(حديث الصباح والمساء) وذلك عندما كنت داخل (الكرنك) فى وسط (أولاد حارتنا) هناك وبعيدًا عن (اللص والكلاب).. فكم سأشعر بالسعادة والامتنان عندما تخبرنى بـ«بهمس الجنون» عن: المثل الأعلى فى حياتك وممن تأثرت بهم وأثروا وجدانك؟

وينظر لى استادى وهو يبتسم ابتسامته المعهودة.. تلك الابتسامة اللطيفة الهادئة التى اعتدناها منه، ثم يشرد بعينيه قليلا وكأنه ينظر نظرة حنين لماضٍ بعيد... وسط دخان السجائر وأنغام الموسيقى يتحدث لى بالآتى:

عزيزتى هبة.. دعينى أتوقف فى البداية عند نقطة هامة جدًا، ألا وهى أن هدا الجيل من الأساتدة الكبار لا يمكن ان يتكرر أبدًا فى ظل ما نسمع عنه الآن من المستوى الذى انحدر إليه الجيل التالى! حيث كان هدا الجيل من الأساتذة متمكناً من عمله، وعلى درجة كبيرة من الثقافة والموهبة، وانعكس دلك بالطبع علينا نحن تلاميذه ذلك الزمن. وفى مقدمة هؤلاء الاساتذة الذين علمونى الشيخ عجاج أستاذ اللغة العربية بمدرسة فؤاد الأول الثانوية.

ولحديثه بقية.