رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

وقفنا فى المقال السابق عند البيان الأول لضباط الانقلاب متضمناً الأهداف الستة لحركتهم فى ظل الدستور، وقلنا إننا نصدق إيمانهم بالمبادئ الخمسة الأول، أما مبدأ إنشاء حياة نيابية سليمة فى ظل الدستور، فخدعة كبيرة ساقها ضباط الانقلاب لحين استقرار الأمر لهم، ودليلنا القاطع على ذلك من القصة التالية التى سمعناها بأدننا من أحد أطرافها، ذهب البكباشى جمال عبدالناصر فى اليوم السادس للانقلاب أى يوم 29 يوليو سنة 1952 إلى مكتب السنهورى باشا رئيس مجلس الدولة، وسأله عما يقول الدستور بشأن وراثة العرش، فرد «السنهورى» بما أن نص الدستور كالآتى من فقرتين:

< فى="" حالة="" خلو="" العرش="" بوفاة="" الملك="" يدعى="" مجلس="" النواب="" للانعقاد="" خلال="" عشرة="" أيام="" لإعلان="" ولى="" العهد="" ملكاً،="" فإن="" كان="" قاصراً="" يقوم="" مجلس="" النواب="" خلال="" العشرة="" أيام="" بتشكيل="" مجلس="" وصاية="" من="" ثلاثة="" برئاسة="" أحد="" أمراء="" البيت="">

< إذا="" كان="" مجلس="" النواب="" منحلاً="" عند="" خلو="" العرش="" يدعى="" المجلس="" المنحل="" خلال="" عشرة="" أيام="" للقيام="" بإحدى="" المهمتين="" أعلاه="" ثم="" ينقض="">

وقد كان المجلس منحلاً والدستور معطلاً أواخر أيام فاروق، وقال عبدالناصر للسنهورى إنه لا يريد التعامل مع برلمان الوفد المنحل ولذلك يرجوه أن يجد له مخرجاً، وكان السنهورى عدواً سياسياً لدوداً للوفد خلال الحكم الملكى.. فجمع الجمعية العمومية لمستشارى مجلس الدولة وكان عددهم تسعة فى ذلك الوقت وقال لهم السنهورى بالحرف الواحد:

البكباشى عبدالناصر كان عندى صباح اليوم وأبدى رغبته فى تجنب تعاملهم مع برلمان الوفد وأتمنى أن نجد لهؤلاء الشباب الذين قاموا بالحركة المباركة؛ مخرجاً، فتصدى له عملاق الوطنية العظيم المرحوم الدكتور وحيد رأفت، وكان أحد المستشارين التسعة وسأله: كيف نجد مخرجاً والدستور صريح يا باشا وضباط الحركة أعلنوا التزامهم به، فرد السنهورى قائلاً: نقول مثلاً إن الدستور نص على حالة خلو العرش بوفاة الملك ولكن جاء خالياً من النص على خلو العرش بتنازل الملك، فنستطيع أن نقول إنه فى هذه الحالة لا تكون الحركة المباركة ملزمة بدعوة برلمان الوفد، ففزع الدكتور وحيد رأفت ورد قائلاً: هذا ضلال سيحاسبنا عليه التاريخ يا باشا.. إننا بذلك تضع أول لبنة فى بناء الدكتاتورية، فابتسم السنهورى قائلاً: يا وحيد بك متحبكهاش قوى كده.. فقال وحيد رأفت: نضع الأمر للتصويت يا باشا، وعندما أخذت أصوات الحاضرين انضم ثمانية مستشارين من التسعة إلى رأى السنهورى ووقف العملاق وحيد رأفت وحيداً فى رأيه بضرورة احترام الدستور ونضر إلى الحاضرين قائل: أظن لم يعد لى كان بينكم يا بكوات ستكون استقالتى على مكتبك صباح الغد يا باشا، وخرج عملاق الوطنية العظيم وحيد رأفت من مجلس الدولة إلى الأبد.

أدرك عبدالناصر من هذا الاستسلام السريع ممن ظنهم عمالقة يخشى أثرهم لى الأوضاع أن إقامة حكم دكتاتورى ستكون غاية فى السهولة وكافأ المستشارين باختيار أحدهما وهو سليمان حافظ وزيراً للداخلية.

وأخذ عبدالناصر يمهد الساحة للتخلص من الوفد وباقى الأحزاب السياسية وأبقى جمعية الإخوان المسلمين وحدها قائمة عندما حل باقى الأحزاب كما سيلى فى حينه وزعم أنها جمعية دينية ولا تخضع للحل كالأحزاب، وأخذ يتحرش بالأحزاب السياسية داعياً إياها بتطهير صفوفها من الفاسدين وكلما خاف حزب فصل بعض من كانت تحوم حولهم الشبهات رفض عبدالناصر قائلاً: إن هذا لا يكفى ودعاهم إلى مزيد من التطهير.

وراح الانقلاب العسكرى يقوم بخطوات شعبية كبيرة لاكتساب الشعبية فأصدر فى سبتمبر 1952 قانوناً بتحديد الملكية الزراعية بمائتى فدان وتوزيع الأرض التى ستتم نزع ملكيتها على المزارعين المعدمين بواقع خمسة أفدنة للفلاح ولقى هذا القانون شعبية كبيرة رغم ما قيل من أن تفتيت الملكيات الكبيرة سيضر بالإنتاج الزراعى.

فى الوقت نفسه رأى ضباط الانقلاب ضرورة اتخاذ خطوات عنف شديد لردع من يحاول الوقوف فى طريق سلطتهم، ولذلك عندما وقعت مظاهرة كبيرة وسط عمال النسيج بكفر الدوار كان واضحاً أن وراءها تحريض شيوعى تم القبض على زعماء المظاهرة وتشكيل مجلس عسكرى عاجل حكم على اثنين منهما بالإعدام ونفذ الحكم فوراً خلال أيام من المظاهرة. وعندما ثار أحد كبار ملاك الأرض احتجاجاً على قانون تحديد الملكية الزراعية وأخذ مجموعة من أعوانه وهاجموا إحدى نقاط الشرطة تم القبض عليه وقدم لمجلس عسكرى حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة وسارعت صحف الحكومة بنشر صورة وهو يقطع الحجارة الثقيلة ويحملها على كتفه فى ليمان طرة حتى يرتدع من يفكر فى الاعتراض من كبار الملاك.

شعرت الحكومة العسكرية باستقرار السلطة فى يدها فطلبت من على ماهر رئيس الوزراء الاستقالة بعد أن انتهى دوره وقام محمد نجيب واجهة الانقلاب بتشكيل وزارة ضمت الكثير من العسكريين فى 7 سبتمبر بعد ستة أسابيع من وقوع الانقلاب ونستأنف عرض الأحداث فى المقال القادم.

الرئيس الشرفى لحزب الوفد