رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

وقفنا فى المقال السابق عند محاكمات محكمة الثورة سنة 1953 انتهاءً بمحاكمة حرم الزعيم الخالد مصطفى النحاس، وكان التالى فى المحاكمة هو الزعيم العظيم فؤاد سراج الدين. كانت الاتهامات الموجهة إليه تثير السخرية، فقد اتهمته المحكمة بخيانة أمانة الحكم من يناير 1950 إلى يناير 1952 بتوجيه سياسة الحكومة الوفدية نحو الخضوع والاستسلام لفاروق واستغلاله للنفوذ، فؤاد سراج الدين دينامو حزب الوفد الذى استدرج الملك حتى قام بتوقيع مراسيم إلغاء المعاهدة وبدأ الكفاح المسلح والذى أمر برفض الاستسلام للإنذار البريطانى فى 25 يناير 1952 بمحافظة الإسماعيلية وكان الأب الروحى لعيد الشرطة كل عام، هذا الرجل كان تهمته الخضوع لفاروق، تردد وقتها أن عبداللطيف البغدادى، رئيس محكمة الثورة كان متردداً فى إصدار حكم ظالم على رجل برىء، وقيل إن عبدالناصر أسكته قائلاً: إن كان بريئاً، فلماذا إذن قمنا بالثورة؟ سراج الدين رجل سياسى ويتفهم ضرورة الحكم بإدانته، وصدر الحكم على فؤاد سراج الدين بالسجن خمسة عشر عاماً.

وتصدر المحكمة بعد ذلك لمحاكمة كبار صحفيى الوفد محكمة على محمود أبوالفتح بالسجن عشر سنوات، وعلى شقيقه حسين أبوالفتح بالسجن 15 سنة، وعلى أبوالخير نجيب بالسجن 15 سنة.

وكان آخر من أدانتهم المحكمة القائمقام أحمد شوقى قائد قسم القاهرة السابق الذى اتهمته المحكمة بمحاولة إحداث فتنة فى القوات المسلحة وحكمت عليه بالسجن عشر سنوات، وبعد ذلك بدأت المواجهة بين عبدالناصر والإخوان المسلمين الذين ظن أنهم سيكونون ظهيره السياسى وظنوا كعادتهم فى الغباء السياسى أنهم سيكونون شركاءه فى الحكم بدأت الجفوة يوم ألف نجيب وزارته الأولى ولم يشرك فيها أشخاصاً رشحوهم له ولم يكتف مرشدهم الجديد حسن الهضيبى بأن الإخوان ظلوا الوحيدين المسموح لهم بالعمل السياسى بعد حل الأحزاب أو أن الحكومة العسكرية حاكمت عدوهم اللدود إبراهيم عبدالهادى وحكمت عليه بالإعدام الذى خفف إلى السجن المؤبد، فطلب الهضيبى من عبدالناصر عرض قرارات الحكومة الرئيسية على مكتب إرشاد الإخوان قبل صدورها حتى تكون هناك قيادة جماعية من حكومة الانقلاب والإخوان، وطبعاً سخر عبدالناصر من الطلب ولم يعره التفاتاً.

فى هذا الوقت كانت المفاوضات الخاصة بجلاء جيش بريطانيا عن مصر جارية، فاتصل الإخوان المسلمون سراً بالسفارة البريطانية لعلهم يكونون بديلاً مقبولاً لو تعثرت المفاوضات بين بريطانيا والحكومة، وكان رجال عبدالناصر يرصدون كل تحركات الإخوان السرية، وبدأ الإخوان يستعرضون قوتهم بتدبير مظاهرات فى الجامعة تحت شعار الاحتفال بذكرى الشهداء يوم 12 يناير سنة 1954 وأحضروا معهم زعيم جماعة دائيان إسلام الإيرانية نواب صفوى قاتل المرحوم الدكتور حسين فاطمى، وزير خارجية، محمد مصدق، فى إيران عندما كان فى السلطة وهرب الشاه ثم دبرت أمريكا انقلاباً أعاد الشاه وسجن مصدق وقتل حسين فاطمى بيد الإرهابى نواب صفوى.

عند هذا المنعطف شعر عبدالناصر بضرورة حسم الصراع مع الإخوان المسلمين فأصدر مجلس قيادة الثورة يوم 14 يناير قراراً بحل جماعة الإخوان المسلمين، وكان اجتماع مجلس قيادة الثورة الذى أصدر قرار الحل برئاسة جمال عبدالناصر ولم يحضره محمد نجيب، وقام باعتقال حسن الهضيبى وزعماء الإخوان فى القاهرة والأقاليم وبلغ عدد المعتقلين 450 شخصاً، ثم فجأة ودون مقدمات استقال محمد نجيب من جميع مناصبه، رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء، وأصيب الجمهور بالوجوم، فقد كان نجيب هو الوجه ذا الشعبية بين ضباط الانقلاب بينما كان عبدالناصر وقتها موضع عدم اطمئنان له، وظلت الحيرة على الأفق السياسى حتى أذاع مجلس قيادة الثورة يوم 25 فبراير سنة 1954 بياناً يشرح أسباب الخلاف بين نجيب وباقى زملائه، متهماً نجيب بأنه كان يريد الانفراد بالسلطة دون باقى أعضاء مجلس القيادة، ولما رفض كان زملاؤه هذه الطلبات قدم استقالته وحاول زملاؤه دون جدوى إقناعه العدول عنها ولما رفض قرروا بالإجماع قبول استقالته واستمرار مجلس الثورة بقيادة البكباشى جمال عبدالناصر، وقام المجلس بتعيين عبدالناصر رئيساً لمجلس الوزراء، وظل منصب رئيس الجمهورية شاغراً، وبدأ التذمر فى صفوف الجيش، فأذاع مجلس قيادة الثورة بياناً باسم محمد نجيب يدعو فيه الجيش والشعب إلى الوقوف صفاً واحداً وراء مجلس قيادة الثورة وأضاف أن استقالته كانت بمحض إرادته.

ولكن السيف كان قد سبق العذل ولم ينخدع أحد فى الجيش أو الشعب بهذه البيانات ووضح للجميع أن المجلس يريد التخلص من نجيب وحتى ينفرد عبدالناصر بالسلطة مع زملائه وبدأ الانقسام واضحاً وسط أسلحة الجيش، فسلاح المدرعات بزعامة خالد محيى الدين وقف مؤيداً لنجيب، بينما أيد سلاح المدفعية والبوليس الحربى عبدالناصر ومجموعته، ولاحت نذر الحرب الأهلية، وإذا بمجلس قيادة الثورة فجأة يذيع أنه صوناً لوحدة الأمة يعلن مجلس قيادة الثورة عودة نجيب رئيساً للجمهورية، وكان ذلك فى 27 فبراير أى بعد يومين فقط من عزله أو استقالته.

وإلى المقال التالى..

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد