عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

واستكمالاً للمقال السابق سأعود لما طرحه السيد الرئيس السيسى من نقاط خاصة بـ(تحديث) الخطاب الدينى، وتعليقى عليه:

- فقد كان أول ما لفت انتباهى فى خطاب سيادته هو أنه استخدم كلمة (تحديث) بدلاً من (تجديد)، وفى وجهة نظرى أننا بحاجة حقيقية فعلاً لتحديث الخطاب وليس لتجديده، ففى سياق حالة الاستقطاب الشديدة التى يمر بها مجتمعنا فى تلك اللحظة المحورية والفاصلة من عمره، تلك الحالة التى أصبحت تشمل كل المستويات والقضايا تقريبا، وعلى رأسها (قضية الخطاب الدينى) بكل تأكيد، فيبدو لى فى ظل ذلك أن «عملية التجديد» هذه أشبه بترقيع ثوب مهلهل، مما قد يؤدى بنا إلى الدخول فى دوامات جدلية قد تتحول إلى معارك أو صراعات بين تيارين حول ما يجب تجديده وما لا يجب الاقتراب منه وما هو مناسب للعصر وما هو غير مناسب، وما إلى ذلك من ثرثرة واستهلاك للوقت ونحن لا نمتلك رفاهية لذلك: أحدهما يمثل «التيار التقليدى» الأصولى المحافظ أو ربما يميل إليه، ويعتبر هذا التيار نفسه هو الأمين على الدين أو بمعنى أدق على الأصالة العقدية المتوارثة ممن يسميهم السلف الصالح من الفقهاء عبر العصور الاسلامية المختلفة، وهؤلاء غالبا ما نراهم يسهبون فى التفاصيل، ويخلطون ما بين العادات والعبادات، ويعطون وزنًا كبيرًا للمظهريات، بل ويقدسون أحيانًا من الأشخاص والآراء ما يجعلهم يحللون ويحرمون أموراً ما ورد ذكرها فى كتاب الله ولا فى سنة رسوله، أموراً قد يشيب شعر الرأس لسماعها!، وأما التيار الثانى فهو «التيار الحديث» الذى يؤمن بالحداثة أو ويميل إليها، ولكن وبكل آسف بات هذا التيار فى وقتنا الحالى يعانى من عدة مشكلات معظمها أساسى وحيوى جدًا لعل أهمها: أن أصحاب الفكر التنويرى الحقيقى أعدادهم قليلة ولكن المشكلة لا تكمن فى العدد ولكن فى أن كلا منهما يعمل بمنأة عن الآخر وكأنهم جزر منعزلة لا تجمعهم مظلة واحدة أو مؤسسة بعينها تنظم وتدير انتاجهم الفكرى، إضافة إلى ذلك أيضًا فهناك الكثير من مدعى العلم والحداثة والتطور ومواكبة العصر ما إلى ذلك من مصطلحات، فهؤلاء بالطبع حجتهم ضعيفة إن لم تكن غير موجودة بالأساس، ومعظمهم يستخدم لغة منفرة للجمهور عند حديثه عن الدين تحديدًا. ونحن لسنا بحاجة إلى هؤلاء ولا إلى أولئك، بل ربما نحن فى أمس الحاجة إلى «تيار ثالث»– وسيكون لنا عنه حديث مفصل لاحقًا– لذا فالتحديث هو اللفظ الأمثل هنا، وذلك لأنه سيمكننا من التعامل مع النص الدينى بشكل مباشر وتفسيره من جديد بناء على مستجدات العصر واحتياجات المعاصرين، وذلك فى سياق المحافظة على ثوابت الدين.

-ولعل (عدم المساس بثوابت الدين) أيضًا كانت إحدى النقاط الهامة التى أكد إليها السيد الرئيس، ولنتفق أو ننطلق فى تحديث الخطاب الدينى من هنا: فهناك ثوابت لا خلاف عليها أبدًا ولا يصح الدين إلا بها فى شأن العقائد والعبادات، أما المعاملات فهى متغيرة بتغير البشر والمكان والزمان، والتفرقة هنا هامة جدًا ما بين المقدس الثابت الذى لا يمكن المساس به وما بين غير المقدس من الأمور التى خضعت وتخضع لآراء وتفسير المفسرين والفقهاء، وترجع أهمية تلك النقطة تحديدًا إلى تصديها لمحاولات بعض المغرضين استخدام ذلك كذريعة لإجهاض تحديث الخطاب الدينى بحجة.

-أيضا تحدث سيادته عن وجوب إحداث (ثورة فى تحديث الخطاب الدينى)، مشيرًا إلى ان الرسول الكريم الذى جاء بالحق أحدث ثورة فى مكان وزمان كانت ظروفه أصعب بكثير مما نحن عليه الآن.

- (تكرار الدعوة لتحديث الخطاب الدينى) من الرئيس إلى المؤسسات المعنية تشير إلى أنه لم تحدث استجابة، أو لم ير نتائج لما طلبه من قبل.

- (الأمر ليس بالرفاهية بل هو ضرورة ملحة) فبكل أسف لم يتعامل البعض فى داخل المؤسسات المنوط بها الأمر بالجدية الكافية أو المطلوبة أو حتى المعقولة، فأين التطوير وإعمال العقل؟ وأين التفكير خارج الصندوق؟ فما حدث فى السنتين الماضيتين يبدو وكأنه أشبه بتعاملات الموظفين.

- طالب سيادته أيضًا بأهمية (تشكيل لجنة من كبار علماء الأزهر وكذلك أساتذة فى علم النفس والاجتماع) وهو أمر فى غاية الأهمية حيث إن الخطاب الدينى لا يرتبط فقط بالمؤسسات الدينية، وإنما هو مرتبط بكل مؤسسات المجتمع.