رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

استقبل الشعب تشكيل وزارة اسماعيل صدقى الثانية فى 17 فبراير سنة 1946 بغضب وعداء شديد نظراً لماضيه البغيض فى معاداة الحركة الوطنية وإقدامه فى وزارته الأولى سنة 1930 علي إلغاء دستور سنة 1923 واستبداله بدستور كسيح يسلب الشعب أغلب حقوقه لحساب الملك، ولذا أعلنت كافة القوى السياسية عداءها له منذ البداية، وكان الاستثناء الوحيد بين القوى السياسية هو جماعة الاخوان المسلمين، وخرج حسن البنا على الشعب بحديث فى الاذاعة المصرية لمدة قرابة الساعة يعلن تأييده لصدقى ويذكر مناقبه!! وعلى رأسها «ثقة المليك الفدى»، ويقتبس آية من القرآن الكريم نصها «واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً»، وهكذا ظل حسن البنا على الوفاء لصانعيه لحماية الملك وفكرة الخلافة وضرب الحركة الوطنية والديمقراطية فى مقتل كلما أمكنه.

كون صدقى وفد مفاوضات رفض الوفد الانضمام له ما لم تكن له الأغلبية والرئاسة، وهو ما رفضه صدقى وظلت المفاوضات عدة أشهر انتهت الى مشروع اتفاق عرف بمعاهدة صدقى - بيفن «وزير خارجية بريطانيا عندئذ» ويتضمن جلاء الجنود البريطانيين مع حقها فى العودة فى حالة الحرب وخطر الحرب، ولا شىء عن وحدة مصر والسودان، وعلى الفور رفض الشعب وقامت المظاهرات العارمة ضده، بل إن وفد المفاوضات الذى أنشأه صدقى انشق الى أغلبية ترفض المشروع وأقلية مع صدقى تقبله وتحاول فرضه على الشعب فى وجه مظاهرات عارمة، ولما أدرك صدقى أن مهمته فشلت تماما قدم استقالته فى 9 ديسمبر سنة 1946، وكلف الملك النقراشى بتشكيل الوزارة من جديد، وهى الوزارة التى اتسمت بأقصى درجات الاضطراب السياسى والقمع البوليسى والتى انتهت باغتيال النقراشى فى 28 ديسمبر سنة 1948 كما سنوضحه فى حينه من تسلسل الأحداث.

كان العاملان اللذان يهزان الحياة السياسية بعنف هما أولاً اليأس من الوصول لتسوية سياسية مع بريطانيا تحقق المطالب الوطنية، مما دفع الجماهير الى الاستعداد لثورة أخرى تستكمل مسيرة ثورة سنة 1919 المجيدة، أما العامل الثانى فكان عرض قضية فلسطين على الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد طلبت بريطانيا إنهاء انتدابها على فلسطين وتقرير ما تراه الأمم المتحدة لها، وكان جيش الاحتلال البريطانى الذى ينفذ سلطة الانتداب بفلسطين يتعرض فى اعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية لمعركة ارهابية ضده من الأقلية اليهودية، التى قامت بالعديد من عمليات القتل للجنود البريطانيين والنسف للمنشآت العامة، وكان أكبر عملية نسف هى نسف فندق الملك داود بالقدس مقر قيادة الجيش البريطانى، ولذا أرادت بريطانيا كعادتها القاء عبء المشكلة على الأمم المتحدة، وفى 29 نوفمبر سنة 1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بتقسيم فلسطين الى دولتين عربية ويهودية، وعلى الفور اشتعل الشارع العربى كله وضمنه مصر، واجتمعت الدول العربية فى الجامعة العربية، وأعلنت أنه بمجرد انسحاب الجيش البريطانى من فلسطين فى 14 مايو سنة 1948 كما أعلن فستدخل الجيوش العربية الى فلسطين فى 15 مايو لحماية الشعب الفلسطينى من العصابات الصهيونية التى كانت قد بدأت حملة ارهاب هدفها اجبار الفلسطينيين على الهجرة ليحل محلهم مستوطنون يهود قادمون من كافة دول العالم الموجود بها جاليات يهودية، واشتعلت حمى الحرب فى الشارع العربى ودعوة الجيوش العربية الى دخول فلسطين لتطهيرها من الصهيونية.

فى هذه المرحلة الفاصلة منذ سنة 1946 كان حسن البنا قد استكمل بناء تنظيم سرى من حوالى ثلاثة آلاف شخص وظن لسذاجته السياسية أن الدولة ستتفكك، ويمكن له فى ظروف الحرب القفز الى السلطة فى مصر، فقام بعمليات قتل ونسف ضد اليهود وأملاكهم فى مصر.

وأعلن ان شباب الاخوان سيدخل فلسطين للجهاد مع الجيوش العربية أو حتى قبيل دخولها، وواجه النقراشى حملة الارهاب الاخوانية فى الداخل بقمع بوليسى وسرعة تقديم من يقبض عليه منهم الى العدالة، وكانت احدى القضايا خاصة بقتل ونسف ممتلكات يهودية حكم فيها المرحوم المستشار أحمد الخازندار على الجناة بالسجن المؤبد، فرأى الاخوان فى الحكم قسوة ضد من اعتبروهم أبطالاً وقاموا باغتيال الخازندار أوائل ديسمبر سنة 1948، فما كان من النقراشى باعتباره حاكماً عسكرياً إلا اصدار أمر عسكرى بحل الاخوان المسلمين ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم، وكانت الاحكام العرفية قد أعلنت عندما قرر البرلمان بالإجماع دخول الجيش فلسطين فور انسحاب بريطانيا وبذلك أصبح النقراشى حاكماً عسكرياً فضلاً عن رئاسة الوزارة.

كان رد الإخوان المسلمين على قرار حلهم هو أولاً اغتيال اللواء سليم زكى حكمدار بوليس القاهرة فى مظاهرة أمام كلية طب القاهرة أواخر ديسمبر، ثم اغتيال النقراشى نفسه فى 28 ديسمبر داخل وزارة الداخلية على يد ارهابى من الجهاز السرى هو عبدالمجيد أحمد حسن الطالب بكلية الطب البيطرى، والذى تنكر فى زى نقيب شرطة وتسلل لداخل وزارة الداخلية في انتظار وصول النقراشى، ولما وصل وسط حراسته حياه القاتل تحية عسكرية مطمئنة لطاقم الحراسة ثم فاجأه بثلاث رصاصات فى الظهر أردته قتيلاً فى الحال، وقبض على المجرم وحوكم وأعدم، وكان لوقع الجريمة دوى هائل، وسارت مظاهرات الشباب الحزبى السعدى تهتف بضرورة الانتقام من حسن البنا.

أصيب البنا برعب شديد وحاول التوسل لوكيل وزارة الداخلية عبدالرحمن عمار لاعتقاله حتى يحميه من القتل ورفض عمار طلبه، وسارع البنا بإصدار تصريح يتنصل فيه من الجريمة ويقول إن مرتكبيها «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين»، وكان للتصريح وقع الصاعقة على إرهابيى الجهاز السرى الذين ظنوا أن البنا يبارك كفاحهم من أجل الدعوة.

وفور اغتيال النقراشى قام الملك بتكليف ابراهيم عبدالهادى الشخصية القيادية التالية للنقراشى فى الحزب السعدى وكان يعمل وقتها رئيساً للديوان الملكى.

ونقف عند هذه الفقرة لنستأنف فى المقال التالى تطور الأحداث مع وزارة عبد الهادى.

الرئيس الشرفى لحزب الوفد