رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

عرضنا فى الحلقة السابقة كيف سيطر الجيل الأصغر على الجماعة الإرهابية فى أعقاب الانتخابات الداخلية عام 2014 التى أسقطوا فيها ثلث قيادات الجماعة من الحرس القديم، ونادوا فى يناير عام 2015 إلى «الجهاد والاستشهاد» ضد حكم الرئيس السيسى، بعد أن رفضوا فكر القطبيين بتأجيل الثورة للحظة مستقبلة ونادوا بالمواجهة الفورية مع النظام الحاكم، منحين بذلك القيادات القديمة مثل سكرتير عام الجماعة محمود حسين الذى كان يدير الجماعة من موقعه خارج مصر فى السنة التى أعقبت سقوط مرسى.

وقد حذر القطبيون مراراً القيادات الشابة الجديدة بأن هذا النوع من الثورية العنيفة سيجعل القمع الذى تمارسه السلطات ضد الإخوان مشروعاً، ولما تجاهل قادة الشباب الجدد نصيحتهم أخذ القطبيون الأمور فى أيديهم، ففى مايو عام 2015 أصدروا تصريحاً حاول به محمود حسين إعادة تنصيب نفسه سكرتيراً عاماً للجماعة، فرفضت قيادة الشباب محاولته وخرجت أخبار انشقاق الجماعة إلى العلن، حيث نشرت قيادات الشباب بياناً يقول: «لن نعود إلى الخلف»، وسموا محاولة القطبيين انقلاباً سلمياً، وحتى يمكن حل الأزمة قامت اللجنة الإدارية العليا للجماعة التى تم إنشاؤها لإدارة الجماعة داخل مصر بالإعلان بأنها ستحقق فى الانشقاق الذى حدث وتعاقب المسئولين عنه، ولكن فى أواخر مايو وأوائل يونية قبضت السلطات المصرية على ثلاثة من قادة الإخوان الباقين فى مصر خارج السجون فتوقف التحقيق الذى أعلنته اللجنة.

فى هذه الأثناء ظهر انشقاق جديد فى الجماعة بين مسئوليها فى كل من لندن وإسطنبول، فقد أعطى مكتب إسطنبول سلطة إدارة نشاط الجماعة فى المنفى بعد عزل مرسى، ولكن شباب الجماعة الذين نادوا بإشعال ثورة عنيفة فى مصر مارسوا ضغطاً قوياً على مكتب الجماعة فى لندن، وقامت السلطات البريطانية بالتحقيق فى نشاط مكتب لندن، لذلك حاول مكتب لندن الابتعاد عن مكتب إسطنبول عن طريق إصدار الأمر لأعضائه بالابتعاد عن مكتب إسطنبول، وحاولت اللجنة الإدارية العليا فى مصر تهدئة هذه الأزمة الجديدة عن طريق تشجيع الطرفين على التعاون فيما بينهم، ولكن مكتب لندن رفض وأحال الأمر إلى محمود عزت الرجل الحديدى لكى يجرى تحقيقاً ثانياً.

ومرة ثانية تفجرت التوترات إلى العلن فى منتصف ديسمبر، عندما قام الناطق بلسان الإخوان محمد منتصر «وقد يكون اسمه حركياً» بالدعوة إلى إشعال احتجاجات فى مصر، لإسقاط حكم العسكر يوم 25 يناير عام 2016 العيد الخامس للثورة، ورد القطبيون بغضب شديد متهمين منتصر وزملاءه من شباب الجماعة بالخروج على دستور الجماعة بالنسبة لعملية إصدار القرارات، وأعلن محمود عزت أن منتصر سيتم استبداله بناطق رسمى آخر، ولم تؤد هذه الحركة إلا لتعميق حدة الخلاف والانشقاق داخل الجماعة، وأيد أكبر زعماء الجماعة فى مصر محمد عبدالرحمن المرسى موقف القطبيين واتهم الشباب بأنهم يحاولون السيطرة على الجماعة، وقام ما لا يقل عن 16 مكتبا إقليميا فرعيا بإعلان رفضهم لموقف القطبيين.

وأحال مكتب الإسكندرية اختيار محمود عزت لناطق جديد بلسان الجماعة إلى التحقيق، وأعلنت كلتا الجبهتين مواقفها على وسائل إعلان مختلفة، واحتفظ الشباب بالسيطرة على موقع الإخوان التقليدى فى الإنترنت ، بينما أنشأ القطبيون موقعاً جديداً.

وفى خلال الأسابيع الأخيرة قام الداعية يوسف القرضاوى المقيم فى قطر بمحاولة الوساطة بين الجانبين، وقام نائبه باقتراح أن يضع الإخوان دستوراً جديداً لإدارة الجماعة، ولكن سيكون من الصعب جداً لم الشمل، ورغم أن الانشقاق داخل الجماعة يعود جزئياً للفجوة بين الأجيال، فإنه يعكس أيضاً خلافاً حاداً على أهداف الجماعة واستراتيجيتها، وهل يجب عليها أن تسعى للسلطة فوراً كما يريد الشباب أم تنظر للمستقبل كما ينادى القطبيون، وما وسائل وصولها لفرص الحكم الإسلامى، وكل هذه المسائل نظرية، فسحق السلطات المصرية للتنظيم داخل مصر يعنى استحالة وصول الإخوان للسلطة فى المستقبل القريب، وبذلك فإن الفرق المتنازعة، ليس لديها الدافع للتوحد من أجل الهدف المنشود.

ومن المؤكد أن هدف الإخوان المسلمين، لإقامة دولة إسلامية فى مصر لن يتبخر، ولكن التنظيم الداخلى للجماعة الصارم فى تحديده لوسائل إصدار القرارات داخل الجماعة وأسلوب الحشد قد انهار وأصبح شيئاً من الماضى، ونتيجة لذلك فإن الرجل الحديدى محمود عزت، قد أصبح الآن قطعة أثرية من الماضى.

الرئيس الشرفى لحزب الوفد