رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

نشر الكاتب البريطانى الشهير «فينيان كنجهام» هذا التحليل المتميز، عن سبب خوف أمريكا من نجاح روسيا العسكرى فى سوريا بتاريخ 16 أكتوبر 2015، تحت هذا العنوان.

يقول «كنجهام» إن أمريكا وحلفاءها يأملون أن يسوء مصير العملية الروسية العسكرية فى سوريا إلى أقصى حد، لأن نجاحها يكون هزيمة ساحقة لخطة الغرب لتغيير النظام فى سوريا. كما يتضمن تحول ميزان القوة بعيدا عن الهيمنة الأمريكية، وفى أكتوبر الماضى تنبأ «آشتون كارتر» وزير دفاع أمريكا بأن روسيا ستواجه صدمة كبيرة نتيجة تدخلها فى سوريا بأعمال إرهابية تقع داخل روسيا. وخلال أيام من تحذير «كارتر» اعتقلت السلطات الروسية خلية جهادية فى موسكو تدير هجمات إرهابية، وبعد ذلك بأسبوع تعرضت السفارة الروسية فى دمشق لهجوم بقذيفتى مورتر،  وعلق وزير خارجية روسيا على الهجوم بأنه إرهابى.

ويبدو أن أمريكا قد أسعدها هذا الهجوم الإرهابى على روسيا الذى حذر منه «كارتر»، ومنذ بداية الهجوم الجوى الروسى على الجماعات الإرهابية فى سوريا، الذى بدأ فى 30 سبتمبر حاولت أمريكا وحلفاؤها عمل كل ما تستطيع لتشويه الهجوم الروسى وتحويل مساره، وصرح الرئيس الأمريكى «أوباما» فى سخرية بأنه هجوم مصيره الفشل، بينما وصف رئيس الوزراء البريطانى الهجوم الروسى بأنه خطأ كبيرارتكبه بوتين.

وبعد ذلك صرح وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى، بأن الهجمات الروسية تستهدف الثوار المعتدلين وطالبوا روسيا بإيقاف هجماتها الجوية ما لم تكن موجهة تحديدا ضد «داعش» وغيرها من المنظمات التى أعلنت الأمم المتحدة أنها منظمات إرهابية.

ومن الواضح أن مصداقية الاتهامات الأمريكية والأوروبية ضد روسيا مشكوك تماما فى صحتها، ولكن المهم هنا أنه قد أصبح واضحا تماما أن أمريكا وحلفاءها يريدون خلق أكبر قدر من الإزعاج لروسيا وتدخلها العسكرى فى سوريا. فلماذا يذهب الغرب إلى كل هذا المدى البعيد لاعتراض التدخل الروسى فى سوريا؟

كما تم إثباته على نطاق واسع وبالمستندات فإن تعبير «ثوار معتدلين» فى سوريا، هو خرافة كبرى رددتها الحكومات الغربية ووسائل إعلامها لتغطية الهدف الغربى بحماية المرتزقة الأجانب الذين يقودون حربا غير مشروعة لإسقاط حكومة ذات سيادة، وقد رفض«لافروف» وزير خارجية روسيا تماما مفهوم ما يسمى بالجيش السورى الحر المزعوم بأنه ثوار معتدلون كما يزعم الغرب. وأضاف «لافروف» أن هذا الجيش المزعوم مجرد شبح، وقد أكد هذا الوصف سفير بريطانيا السابق فى سوريا «بيتر فورد»، الذى صرح علنا بأن كل تنظيمات المعارضة المسلحة فى سوريا هى إسلاميون متطرفون سواء كانوا تابعين لـ«داعش» أو منسقين معها.

والسبب الحقيقى للغضب الغربى ضد التدخل الروسى فى سوريا ورغبة الغرب العارمة فى فشله، أن تدخل روسيا العسكرى فعال جدا فى تدمير تنظيمات الإرهاب سواء كانت متحالفة مع «داعش» أو مجموعات منشقة عن تنظيم «القاعدة» وتشمل المجموعات المنشقة عن «القاعدة» كتائب ما يسمى الجيش السورى الحر، الذى يشارك بالأسلحة والمحاربين مجموعات «القاعدة» المسماة جبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الفتاح وغيرها.

وإذا أجرينا عملية تقييم للسنوات الأربع للنزاع فى سوريا، فإننا نرى بوضوح أنها حرب بالوكالة يدعمها الغرب لتغيير نظام الحكم فى سوريا، ويتبع ذلك بالضرورة أن مجموعات المرتزقة الأجانب التى تحارب فى سوريا تابعة تماما للغرب، ونحن نعلم هذا لأن الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الأمريكية الجنرال «مايكل فلين» قد صرح بأن إدارة «أوباما» اتخذت قرارا صريحا بتدعيم الجماعات المتطرفة، بهدف إسقاط نظام الحكم فى سوريا، ولذلك فإن العمليات الحربية الروسية الفعالة مقارنة بالعمل الحربى الغربى، الذى استمر عاما دون أى فعالية يسبب لأمريكا وحلفائها غضبا شديدا لأن العمليات الحربية الروسية تساعد على تدمير القوى المرتزقة التى أطلقها الغرب لتغيير نظام الحكم فى سوريا.

 

 

 

ولا يجب أن ننسى أن مليارات الدولارات قد استثمرها الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون وتركيا والسعودية وقطر، لإسقاط حكومة بشار الأسد فى سوريا لهز استقرار حلفائه فى روسيا وإيران، وسبب آخر لغضب الغرب من التدخل الروسى فى سوريا، وهو أن هذا التدخل كشف كذب وإجرام القوى الغربية وعملائها الإقليميين، فروسيا تقوم بعمليات حربية مشروعة طبقا للقانون الدولى برضاء تام من الحكومة السورية، بعكس ما يفعله التحالف الذى تقوده أمريكا والذى يقوم بقصف سوريا بالمخالفة للقانون الدولى، وقد أوضح «بوتين» بمنتهى الوضوح هذا الفارق الجوهرى فى الشرعية بين ما تفعله روسيا وما يفعله الغرب، ولذلك فإن الغرب لا يحتمل هذه التعرية لموقفه طبقا للقانون الدولى، وهذا هو سبب محاولة أمريكا وأتباعها المستميتة فى تلطيخ صورة ما تفعله روسيا فى سوريا، ولكن هذه المحاولة المستميتة باءت بالفشل تماما.

فحتى الإعلام الغربى نفسه أبرز التأييد المتصاعد فى الشرق الأوسط لما تفعله روسيا، وقد كان العنوان الرئيسى لجريدة «واشنطن بوست» على سبيل المثال كالآتى: «وسط الغارات الجوية الروسية تنفجر موجة من الشعبية الضخمة لـ«بوتين» عبر الشرق الأوسط»، وقد نشرت الجريدة كيف أن الشارع العربى فى سوريا ومصر والعراق ولبنان يحتفل بـ«بوتين» كبطل بسبب تصرف روسيا الحاسم ضد قوى الإرهاب. فصور «بوتين» كبطل شعبى تملأ نوافذ السيارات ولوحات الإعلانات فى أجزاء من سوريا والعراق، وتشيد بالتدخل العسكرى الروسى فى سوريا، معتبرة أنه وسيلة تغيير ميزان للقوة فى المنطقة. وتستطرد الجريدة قائلة: إن الزعيم الروسى يكتسب تأييد الكثيرين فى العراق وسوريا الذين يرون فى الغارات الجوية الروسية فى سوريا نقطة التحول بعد أكثر من عام من الجهود غير الفعالة التى يقوم بها التحالف الذى تقوده أمريكا لدحر ميليشيات «داعش» التى احتلت أجزاء  كبيرة من سوريا والعراق.

وبعد ثلاثة أيام من بدء الهجوم الروسى على الإرهاب فى سوريا عرض «أوباما» عرضا غريبا على «بوتين» يوم 3 أكتوبر سنة 2015، فقد أذاعت محطة CNN أن الرئيس الأمريكى مستعد للتعاون مع روسيا، بشرط أن يكون ضمن خطة التدخل الروسى إسقاط الرئيس السورى بشار الأسد من السلطة، فإذا لم تقبل روسيا هذا الشرط فإن «أوباما» يحذر روسيا من أن هجماته الجوية لن تؤدى إلا لمزيد من إراقة الدماء وغرق روسيا فى المستنقع السورى.

وقد صرح «بوتين» ردا على ذلك بأقوى العبارات بأن«الأسد» هو الرئيس الشرعى لسوريا وأن التدخل الروسى هدفه مساعدة حكومته الشرعية، وبعبارة أخرى فإن عرض «أوباما» بتغيير نظام الحكم فى سوريا مرفوض كلية.

وقد نشرت جريدة «نيويورك تايمز» منتصف أكتوبر الماضى، أن قوى التطرف فى سوريا تتلقى الآن للمرة الأولى إمدادات هائلة من  القذائف الأمريكية القوية المضادة للدبابات لتدعيم القدرة العسكرية لجماعات التطرف، بينما تزيد روسيا هجماتها الجوية ضد قوى الثورة المعادية لـ«الأسد» فإن النزاع فى سوريا ينزلق لأن يكون حربا شاملة بالوكالة بين أمريكا وروسيا.

إن أمريكا تريد وتحتاج إلى أن تفشل روسيا فى سوريا، وإذا راعينا الرهان الذى تضعه أمريكا على حربها القذرة لا فى سوريا وحدها وإنما فى المنطقة كلها، فإن نجاح روسيا يكون أمرا لا يمكن للهيمنة الأمريكية احتماله.

وإلى هنا ينتهى تحليل «كنجهام»، ومن تطور الأحداث فى الأشهر الأخيرة يتضح بما لا يقبل مجالا للشك أن الهيمنة الأمريكية على المنطقة، قد تلقت طعنة لا تقل شدة عن الطعنة التى تلقتها على يد المصريين فى 30 يونية عام 2013، عندما أسقطوا عصابة أهم عملائها من الحكم وسحقوا حكم الإرهاب المتأسلم، الذى كان أداة أمريكا فى مخطط الشرق الأوسط الجديد.. أما ما تحمله الأيام لنا فيتوقف تماما على: هل نستسلم ونسير فى طريق الهنود الحمر إلى فناء أكيد؟ أم نهب ونأخذ مصيرنا بأيدينا ولا نتركه لعدو أو حتى صديق؟.

الرئيس الشرفى لحزب الوفد