رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

استكمالاً لحديثنا بشأن استراتيجية الصين الكبرى للشرق الأوسط، نشير إلى أن الأكثر أهمية فى إطار رصد الموقف الروسى، أن روسيا قد طورت راية الحياد بالنسبة للشرق الأوسط التى اتبعتها منذ سقوط الاتحاد السوفيتى، فقد كان لروسيا فى الماضى علاقات طيبة مع كل من السعودية وإيران، ولكن بدخولها فى الحرب الأهلية فى سوريا، ورغم أن معظم مسلمي العالم والمنطقة من السنّة، تحيزت روسيا للشيعة، ولم تعد تستطيع التمتع بثقة السنّة، وحيث إن كلًا من أمريكا وروسيا لم تعودا قادرتين على التوازن بين السعودية وإيران، فإن الصين التى لديها علاقات طيبة مع الجانبين يزداد الإغراء لديها لملء هذا الفراغ.

هناك عدة أسباب للقلق الصينى من الخلاف السنّى- الشيعى، حيث إن الخليج موطن جزء مهم من النفط العالمى، فهو ذو أهمية حيوية لحاجة الاقتصاد الصينى للطاقة، وبينما ينعم العالم الآن بأسعار طاقة منخفضة للغاية، فقد يتغير هذا الوضع لو أدت المواجهة بين السعودية وإيران إلى التصاعد، ربما يكون الشيعة أقلية بين مسلمى العالم، ولكنهم  أغلبية فى منطقة الخليج البترولية، فلو اندلعت حرب بين إيران والسعودية وحلفائها فستؤدى لتدمير المنشآت النفطية، وقد يتصاعد سعر النفط إلى عنان السماء ويؤدى لضرر بليغ للاقتصاد العالمى، وحيث إن نصف واردات الصين من الطاقة تأتى من الخليج، فمثل هذه الأزمة قد تضرب الاقتصاد الصينى أكثر من أى اقتصاد كبير آخر، فرغبة الصين فى رؤية شرق أوسط خالٍ من التوتر الطائفى، تكوّن لب سياسة الصين فى القرن الـ21. فمشروعها لطريق الحرير للربط بين الصين وقلب أوروبا بشبكة تجارية وشبكة مواصلات مسألة حيوية للصين لإنعاش الاقتصاد الآسيوى، وخلق أسواق جديدة للمنتجات والخدمات الصينية، وهذا المشروع هو أكبر مشروع تنمية فى تاريخ العالم، وقد رصدت له الصين مليارات الدولارات، ولذلك فشرق أوسط قلق يهدد هذا المشروع، وفى غيبة وجود علاقات سياسية بين السعودية وإيران فإن انفتاح الصين على الطرفين ميزة كبرى للصين، حيث تستطيع استخدام مشروع طريق الحرير لخفض التوتر وتسويق مشروعات اقتصادية، تفيد السنّة والشيعة مثل خط أنابيب بين إيران وباكستان السنّيّة، ودول الإسلام السنّيّة وسط آسيا مثل كازاخستان وأوزباكستان ستستفيد جدًا من ربطها بالخليج بقطار فائق السرعة، وتستطيع الصين مساعدة إيران على دخول منظمة تعاون شنغهاى التى تضم بين أعضائها دولًا سنّيّة.

وقانون مكافحة الإرهاب الجديد فى الصين، يسمح لها بإرسال قوات لمحاربة الإرهاب خارج حدودها في الدول التى تطلبها، كما تستطيع الصين المشاركة فى أى حلف دولى لمحاربة «داعش»، كما تستطيع المساعدة فى بناء مفاعلات نووية سلمية فى الدول السنّيّة التى تخشى مشروع إيران النووي.

لكن أحدًا لن يرتاح لدور الصين الجديد فى الشرق الوسط، خاصة أمريكا التى اعتادت الانفراد بالنفوذ فى المنطقة، ومع تصاعد التوتر فى المنطقة وصعود تيار العزلة داخل أمريكا يجب عليها الترحيب بسياسة الصين الجديدة، ورحلة رئيس الصين المنتظرة لأمريكا فى مارس المقبل لحضور مؤتمر الأمن النووى، هى فرصة ليستعرض الطرفان كيفية التعاون لحل مشكلات الشرق الأوسط، لقد قال «تشرشل» مرة إن ثمن العظمة هو الاستعداد لتحمل المسئولية، وحيث إن الصين تتجه نحو العظمة، فإن استعدادها لدفع الثمن سيكون موضع اختبار فى المستقبل القريب.

وإلى هنا ينتهى هذا العرض المتميز لسياسة الصين المستقبلية، خصوصًا نحو الشرق الأوسط، وغنى عن البيان أن الصين وروسيا وتعميق العلاقة بينهما هو أمل العرب للوقوف فى وجه المخططات الإجرامية الاستعمارية لتدمير دولنا وتحويلنا إلى «كانتونات» طائفية وعرقية ودينية متعادية ومتقاتلة، ويكفى هنا أن نذكر أنه لولا التدخل العسكرى الروسى فى سوريا، لتحولت إلى دولة فاشلة تمامًا على غرار اليمن والصومال، ولاجتاحتها تركيا لحساب سادتها فى الغرب، ولتحقيق حلم الخليفة الحالم «أردوغان».. ونأمل من أعماقنا أن تكون الصورة واضحة أمام العرب.

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد