رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أنوار الحقيقة

ارتكب الارهابيون التكفيريون منذ أيام قليلة جريمة بشعة حيث اطلقوا على كمين ثابت بمدينة العريش دانة RBG «آر بي جي» فضلاً عن طلقات الرصاص مما ادى الى استشهاد خمسة عشر ضابطاً وجندياً شرطياً، وقد نشر بالصحف أن التنظيم الارهابي داعش قد أعلن مسئوليته عن الحادث الذي يثير العديد من الملاحظات المهمة، فهو من أضخم حوادث القتل والغدر والارهاب خلال هذا العام وهو قد حدث في مدينة العريش الحدودية مثل معظم الجرائم الارهابية ويحتاج اطلاق قذيفة RBG خبرة كبيرة حيث يتم الاطلاق على الهدف من بعد «300 - 500» متر، والملحوظة الثانية أن الاغتيال الارهابي المذكور تم ضد كمين شرطي ثابت من بؤرة ارهابية متحركة أي أن قوات الشرطة الموجودة بالكمين ثابتة مكانها بينما رصدتها العصابة الارهابية كهدف ثابت ودبرت الاغتيال لافراد الكمين ونسفته مع معداته وأسلحته.

والملاحظة  الثالثة أن هذه الجريمة مثل معظم جرائم القتل الارهابية يتم عملية قتل الشهداء مع الهرب فوراً من مكان القتل ولا توجد مطاردة فورية من الشرطة وسلطات الامن لمتابعة الجناة والقبض عليهم وتقديمهم الى العدالة ويتضح مما سبق أن الارهابيين يستخدمون للمبادأة أو المباغتة الفجائية وأن اجهزة الأمن في معظم الحالات الارهابية ليس لديها المعلومات والرؤية التي تمكنها من دفع العدوان الارهابي والقبض على الارهابيين قبل وقوعه أو فور الانتهاء من ذلك بواسطة قوات حراسة متحركة بالدراجات النارية لسرعة الحركة والمطاردة..الخ وذلك رغم الثقة الكبيرة في توصل اجهزة الامن الى الارهابيين وتقديمهم الى العدالة ولكن بعد فترة تصل الى عدة شهور كما حدث بالنسبة لاغتيال الشهيد النائب العام السابق.

وقد اثار الحادث الارهابي البشع الغضب الشديد من جموع الشعب المصري في وسائل الاعلام المختلفة وعبر المصريون في الايام الماضية عبر هذه الوسائل على الرغبة  الاكيدة في القصاص العادل والناجز والسريع من القتلى وتنفيذ الاحكام الصادرة بالاعدام للارهابيين والتي مضى على صدور بعضها عدة سنوات دون تنفيذ!! ويثير هذا الغضب الشديد ضرورة التفكير العميق والسريع لمعاقبة القتلة الارهابيين بسبب بطء صدور الاحكام الجنائية بعقاب من تم ضبطهم أو القبض عليهم منهم وذلك فضلاً عن حدوث ذلك بعد فترة ليست بالقليلة من وقوع الحادث الارهابي!!

وأسباب هذه الظاهرة متعددة حيث إن القضاء الجنائى العادي بطبيعته التي تفرضها النصوص الدستورية وأحكام قانون الاجراءات الجنائية والمبادئ الاساسية للعدالة توجب أن تحقق الادلة الكافية عن صحة وقوع الجريمة وتحديد الجناة في ارتكابها كذلك فان قضايا الارهاب العديدة المحالة الى المحاكم الجنائية العادية يتجاوز عدد المتهمين فيها المئات، ويقوم المحامون عن الجماعات والاحزاب الارهابية بتعطيل الفصل في القضايا معتمدين على أسباب اجرائية مثل طلب رد المحكمة مما يؤدي الى تعطيل الفصل في الدعوى عدة شهور وقد سبق ان ذكرت في مقالاتي السابقة بـ «الوفد» ضرورة ان يعدل قانون الاجراءات الجنائية بحيث لا يقبل طلب الرد ما لم يقدم قبل المرافعة في الدعوى وفي أول جلسة كما قضت في حكم بذلك في المحكمة الادارية العليا التي كنت أرأسها، وكذلك يجب النص على حتمية ايداع أسباب الحكم الجنائى مع منطوقه، هذا فضلاً عن النص على عدم التزام المحكمة باستدعاء كل الشهود الذين يطلبهم محامو الارهابيين بدون سند أو مبرر ما لم تقر المحكمة ذاتها ان استدعاء الشهود له سند ومبرر ولهم علاقة اكيدة بوقائع الدعوى الجنائية، وقبل وبعد هذه الأسباب التي يجب التدخل بسرعة تشريعية لتعديل قانون الاجراءات الجنائية لتحقيق ماسبق ذكره وكذلك بالزام محكمة النقض في حالة الغائها الحكم الطعين بالفصل في الدعوى موضوعيا وبصفة مباشرة مع عدم احالة الدعوى الجنائية الى دائرة اخرى.. الخ.

واخطر من كل ما سبق من الاسباب التي تعوق الحكم السريع  الناجز والرادع للارهابيين هو عدم احالة جرائم الارهاب التي يتم ارتكابها ضد هيئة الشرطة المصرية سواء افرادها وضباطها او معداتها أو معسكراتها او اسرارها الأمنية.. الخ، الى القضاء العسكري وهذا ينطبق عليه في حكم ذلك التي نص عليها الدستور في المادة 204 منه بالقضاء العسكري والتي تنص على أن «القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وافرادها ومن في حكمهم والجرائم المرتكبة من افراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة ولا يجوز أن يحاكم مدني أمام القضاء العسكري الا في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشراً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك أو معداتها أو اسلحتها او ذخائرها او وثائقها أو اسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على ضباطها وافرادها بسبب تأدية اعمال وظائفهم.. الخ.. وقد وقع أمر غريب وغير مقبول خلال السنة السوداء التي حكم فيها البلاد عصابة  الاخوان الارهابية، اذ تم تعديل قانون هيئة الشرطة وتقرر منع تطبيق أو سريان قانون الاحكام العسكرية علي ضباط وافراد الشرطة وهذا عن الجرائم الارهابية الشديدة الخطر على الأمن القومي والتي لا يمكن أن تكون مقبولة منطقاً أو عقلاً، إذ كيف يمكن أن ينص الدستور في المادة 206 منه على أن «الشرطة هيئة مدنية نظامية في خدمة الشعب» والتي لا سند لها فالدستور ينص على اختصاص القضاء العسكري بنظر الجرائم المتعلقة بالافراد والضباط والمعدات والمنشآت العسكرية أو ما في حكمها هذا النص يشمل حتما الشرطة افراداً وضباطاً ومعدات ومنشآت وأسلحة ومعسكرات والشعب ذاته يطلب فوراً تطبيق الاحكام العسكرية على الشرطة واحالة قضايا الاعتداء على الشرطة أو عليها مع المواطنين من الجماعات الارهابية التي تهدف الى تدمير النظام الحاكم والاستيلاء الفاشي على الحكم وتدمير الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة واقامة دولة الخلافة الارهابية.. الخ ولا يحتاج الامر الا الي نص في قانون هيئة الشرطة يقرر ذلك في اقرب وقت والذي يجب أن يتضمن النص على احالة الجرائم الخاصة بالارهاب والتي هي منظورة امام المحاكم الجنائية العادية الى القضاء العسكري والله غالب على أمره وهو ولي التوفيق والسداد.

رئيس مجلس الدولة الأسبق