رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ذكريات قلم معاصر

من أجل وأد ونسيان كلمة اسمها (التطبيع) الذي ينادي به بعض الكتاب هذه الأيام.. بمناسبة (حادث) دعوة توفيق عكاشة للسفير الإسرائيلي للعشاء في منزله!! راجعت كتاب (مذكرات نجيب محفوظ) التي كتبها له الكاتب الكبير رجاء النقاش بعد أن قرأت لأحد النقاد أن نجيب محفوظ كان من مؤيدي فكرة التطبيع مع إسرائيل فلم أجد أي كلام عن إسرائيل قط في الكتاب.. جاء ذكر إسرائيل في الكتاب في باب (العدوان الثلاثي) بطريقة عابرة وسرية باعتبارها إحدى الدول الثلاث المعتدية لا أكثر.. ولم يذكر شيئاً حتي عن معاهدة كامب ديفيد!!

حتي ما قاله نجيب محفوظ عن العدوان الثلاثي لم يذكر فيه كلمة (إسرائيل) إلا مرة واحدة حينما احتلت سيناء كبداية للعدوان.

ركّز الكاتب رجاء النقاش في وصف حالة نجيب محفوظ خلال العدوان أنه كان يخشي من عودة الاحتلال!! بدرجة أن -محفوظ- ذهب إلي أحد مواقع التموين علي استخدام السلاح ومكث فيه ثلاثة أيام تعلم فيها (النيشان) الدقيق.. وتمني محفوظ أن يتحول الشعب كله لجيش واحد.. فقد كانت حكاية عودة الاحتلال الأجنبي لا تدعه ينام طول الليل.

ورغم أن محفوظ كان يعادي الثورة من أول يوم ويكره رجالها من أجل الديمقراطية وحزب الوفد صاحب الأغلبية، إلا أنه تغير رأيه تماماً خلال العدوان الثلاثي.. مع المحافظة علي تاريخ الوفد والمناشدة بتخليد جهاد زعمائه.. الذين ظل نجيب محفوظ يدين لهم بالولاء حتي آخر يوم في عمره.

(...)

أما موضوع علي سالم.. فهو موضوع مختلف تماماً..

علي سالم فنان وسياسي وكاتب له رؤية ورأي.. علي سالم كان ينادي بالتطبيع الذي هو في صالح مصر والعرب.. كما كان يري نوري السعيد السياسي الكبير المحنك صاحب فكرة (الهلال الخصيب) تضامن الدول المحيطة بإسرائيل.. الدول التي لها حدود مشتركة مع إسرائيل.. وأيضاً أبورقيبة صاحب فكرة (معاهدة الحدود) مع إسرائيل التي قتل بسببها برنادوت مندوب هيئة الأمم المتحدة في الشرق الأوسط..

رجال فكر وسياسة.. رجال واسعو الأفق يقرأون المستقبل.. لهم آراء سياسية لا أكثر..

رجال يريدون تطبيعاً بحذر وحدود وفي صالح بلدنا أكثر من صالح (العدو).. نعم العدو ولكن كل الهيئات والنقابات لم تفهم فلسفة هؤلاء المفكرين.. فكانت الحرب بلا هوادة أو رحمة لرجل أثبتت الأيام صحة آرائه..

علي سالم.. الفنان صاحب أجمل مسرحيات وأفلام يكفي (مدرسة المشاغبين) مثلاً.. وكاتب أهم مقالات في الصحف والمجلات.. صادروا كل موارد رزقه.. حتي وصل الأمر إلي معاش نقابة الصحفيين.. مجرد قروش انقطعت هي الأخري.. حتي مات علي سالم في مكان لا يعلمه أحد قط.. مات وترك بناته في هذا المكان المهجور المجهول الذي لم يزره أي شخص منذ سنوات طويلة.. وكانت مشكلة -وأي مشكلة- حينما أصرت السيدة العظيمة بحق جيهان السادات زوجة أحد رجال مصر الذين دخلوا التاريخ، أن تعرف أين تقيم بناته.. وكادت تتصل برجال الأمن لمساعدتها.. لولا أن حدث بالصدفة أن علم الصحفي الكبير صلاح منتصر بالموضوع وهو يعلم الصديق الوحيد لعلي سالم فاتصل بمدام جيهان وأخبرها باسم الصديق!!

(...)

لو كان علي سالم قد سافر إلي تل أبيب.. أو قابل السفير.. أو حتي علم أحد رجال السفارة بحال الرجل صاحب المبادئ والفكر والعقل الكبير.. هل كان علي سالم سيعيش هو وبناته هذه العيشة!

لقد كتبت عند وفاته أنه لا يقل عن مصطفي كامل أو محمد فريد اللذان ماتا علي أرصفة أوروبا بعد أن باعا كل ما يملكان للدعاية للقضية المصرية في صحف أوروبا.

تاريخ مصر مليء بأعظم الرجال، بل والنساء أيضاً.. تاريخ مصر لم يكتب بأمانة الكلمة وشرف القلم بعد!

(...)

وكلمة أخيرة..

إدانة مجلس النواب لتوفيق عكاشة بهذه الأغلبية الساحقة.. هي كلمة الشعب النهائية في مسألة التطبيع.. والغريب أن بعض كتاب الأعمدة في الصحف القومية مازالوا ينادون بالتطبيع والدفاع عن عكاشة وأمثاله!! نحن في أشد الحاجة لوزير إعلام في التعديل الجديد.