رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

وقفنا فى المقال السابق عند فبركة أمريكا للأحداث وضمنها الاتفاق الأمريكى الروسى لإصدار القرار 2254 من مجلس الأمن وبإيقاف القتال فى سوريا وتمهيداً لمحادثات السلام التى نسفتها قبل أن تبدأ نتيجة سيطرة واشنطن على مبعوثى الأمم المتحدة لمحادثات السلام جيفرى فيلتمان وميتسورا.. ونستعرض فيما يلى تطور الأحداث كما أوردها وليام انجدال على موقع انفريميشن كليرنج هاوس فى 17 فبراير عن الخطة الشيطانية التى تديرها أمريكا لنسف سد الفرات بالعراق لإغراق وادى الفرات فى الموصل وتدمير آبار النفط بالعراق لرفع سعر النفط الأمريكى مهما كانت نتيجة تدمير السد مثل غرق نصف مليون برىء وتشريد مليون ويستطرد انجدال قائلاً إن أمريكا استجابت لطلب السعودية استبعاد الأقلية الكردية الكبيرة فى سوريا من محادثات السلام، وأن قوات المعارضة السورية تحددها السعودية، وعقب محادثات ميونيخ بإنشاء مجموعة دولية لإدارة المفاوضات السورية برئاسة أمريكا وروسيا والاتفاق على إيقاف القتال خلال أسبوع وتأكيد المجموعة الدولية حق الشعب السورى فى تقرير مستقبله.

وأجد هنا نقطتين تثيران الشك، فإيقاف القتال يعنى إيقاف روسيا تدعيم سلاحها الجوى الفعال للجيش السورى ولحزب الله وغيره من القوى المؤيدة للأسد، ولكن البرلمانيين الروس يصرحون بأن إيقاف القتال لا يعنى توقفه فى المناطق المحيطة بحلب التى يسيطر عليها داعش أو جبهة النصرة، وهنا نرى الفخ الأمريكى واضحاً: فإيقاف القتال سيتم والقوات السورية بتدعيم جوى روسى على وشك تحقيق نصر حاسم فى حلب، مدمرة بذلك خط تموين داعش من تركيا أردوغان حليف السعودية ضد سوريا وثانياً ليس هناك شرط بأن داعش أو جبهة النصرة يوقفان القتال، ويعنى ذلك أن روسيا وافقت على إيقاف مساعدتها للأسد ولكن داعش ليست طرفاً فى الاتفاق، وهنا تتعمق المؤامرة وتزداد خطورة.

إن سياسة واشنطن التى تعكس سياسة المجمع العسكرى الصناعى ومن يساندونه من بنوك وول ستريت لم تتغير إطلاقاً، وأرى ذلك بوضوح، فالهدف هو تدمير سوريا كدولة واستكمال تدمير العراق الذى بدأ سنة 1991 ونشر التدمير فى السعودية وتركيا عبر كل الشرق الأوسط الغنى بالنفط والغاز فأمريكا تلجأ لطرق أخرى لتحقيق هدفها حسب تغير قواعد اللعبة بدخول روسيا منذ 30 سبتمبر الماضى فبينما كان وزير الخارجية الأمريكى كيرى يلعب دور المهادن مع لافروف وزير خارجية روسيا خلال مؤتمر ميونيخ فى 12 فبراير قال ممثل وزارة الدفاع الأمريكى فى 10 فبراير كذباً إن روسيا دمرت مستشفيين فى حلب رغم الاتفاق السابق كان أن الطيران الأمريكى هو الذى كان يعمل فوق حلب فى 10 فبراير، واتهم الناطق بلسان البنتاجون الكولونيل ستيف وارن أن الطيران الروسى كان يستعمل قنابل عمياء تقتل دون تفرقة فوق المناطق المأهولة بالسكان سواء كانوا نساء أو أطفال أو مدنيين أو مستشفيات، ونفت روسيا ذلك كلية وبعد يومين فى ميونيخ قدم لافروف نيابة عن روسيا تنازلاً عن عرضه بفرض إيقاف القتال خلال ثلاثة أسابيع وقبل وقفه خلال أسبوع واحد مما كان تراجعاً عن النصر الحاسم الذى كان الجيش السورى على وشك تحقيقه فى حلب باجتياحها وقطع خط تموين داعش من تركيا، ومن المثير أن القرار الروسى كان بعد تسعة أيام فقط من زيارة كسينجر الغامضة لبوتين فى موسكو، ولن نعرف أبداً إن كانت هناك علاقة بين الواقعتين، ثم فى 12 فبراير صرح فلاديمير زاباروف النائب الأول لرئيس لجنة العلاقات الدولية بالبرلمان الروسى لوكالة «تاس» أن المناطق التى مازالت محتلة من الإرهابيين مثل داعش وجبهة النصرة لا يمثلها اتفاق إيقاف القتال.

فى الوقت نفسه تضع أمريكا فى سكون جنوداً جدد فى العراق، إن الآلة العسكرية فى واشنطن قد تجردت من الإنسانية فى عصر الحرب بطائرات بدون طيار، فلم نعد نتحدث عن جنود وإنما نسميهم أحذية فوق الأرض، إنهم يدبرون لحركة عسكرية كبرى فى سوريا إما بالوكالة عن طريق تركيا والسعودية وإما مباشرة وإما بكليهما، رغم الكلمات الرقيقة عن المساعدات الـإنسانية وعن إشراف الأمم المتحدة على انتخابات تجرى فى سوريا خلال 8 أشهر، وفى نفس الوقت يمهد محترفو الدعاية الأمريكية الساحة الإعلامية فى أمريكا بالكلام عن حصار قد يستمر عشر سنوات قبل أن تستطيع أمريكا طرد إرهابيى داعش من الموصل الغنية بالنفط وقلب الشمال العراقى المنتج للنفط.

وفى حديث صحفى يوم 22 يناير صرح وزير الدفاع الأمريكى كارتر بأن أمريكا تنوى هزيمة أقوى قلاع داعش فى شمال العراق وهى مدينة الموصل وكذلك هزيمة داعش فى عاصمتها الرقة فى سوريا، وقال: إننا نبحث عن فرص عمل المزيد وسنضع جنوداً على الأرض وأريد أن أكون واضحاً فى ذلك، ولكن المسألة مسألة استراتيجية بمعنى هل نريد تمكين القوى المحلية من احتلال المنطقة أم نحتلها نحن؟ إننا مستعدون لعمل الكثير لأن لدينا أفضل جيش شهده العالم، ولذلك نستطيع عمل الكثير بأنفسنا.

أعلنت أمريكا أنها أرسلت فعلاً 50 من رجال القوات الخاصة لشمال سوريا لجمع المعلومات الاستخباراتية وإقامة علاقات مع القوى المحلية لأن هذه ثغرة نحصل من خلالها على معلومات ضخمة تمكننا من العمل بكفاءة أكثر للضغط بكل ثقل على قوات التحالف العسكرية على أرض المعركة بصورة فعالة، ويرفض رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى البرلمان الروسى فلاديمير سولويفوف هذه التصريحات الأمريكية قائلاً إنها مجرد دعاية أمريكية لإفراغ الصراع ضد الإرهاب فى الشرق الأوسط من محتواه، وهذا فى رأينا علامة على أن بعض المسئولين الروس على الأقل لا يعرفون عدوهم على الوجه الصحيح.

حرب عالمية تنتشر

إننى سأقول نبوءة هنا ربما ترونها صحيحة أو آمل أن تكون خاطئة ففى خلال شهرين على ما أعتقد أى حوالى أواخر مارس أو أبريل ستكون الحقيقة واضحة وإن القوى المكيافيلية فى أمريكا لم تخدع مجرد أردوغان والسعودية، بل استدرجت روسيا فى فخها فى الشرق الأوسط، وأول الخاسرين فى هذه العملية المميتة التى تتكشف معالمها سيكون الأتراك والسعوديون وسوريا والعراق وربما روسيا، ولكن الخاسر الأكبر فى النهاية سيكون بارونات أمريكا الواقفون خلف هذه الحرب المستمرة للتدمير، ولكن ذلك سيستغرق بعض الوقت ما لم تحدث معجزة.

انظروا بدقة للتصريحات التى لم يغطها الإعلام كفاية فى الأيام الأخيرة عن اثنين من اللاعبين الرئيسيين فى لعبة الحرب الأمريكية هذه وهما جو بايدن نائب الرئيس وجون كيرى وزير الخارجية فى 24 يناير قابل نائب الرئيس جو بايدن الذى خطط للانقلاب الأمريكى فى أوكرانيا فى فبراير سنة 2014 بمقابلة السلطان المأمول للإمبراطورية العثمانية الجديدة أردوغان، وقال بايدن لأردوغان ورئيس وزرائه داود أوغلو إن أمريكا تريد أن تنسق تركيا والعراق بالنسبة لخطة عسكرية أمريكية فى سبيلها للظهور لاسترداد مدينة الموصل من داعش، وقد صرح أحد مساعدى أوباما القريبين بأن الخطة فى مراحل إعدادها النهائية وإن كانت لن تنفذ فوراً.

وهذا المساعد لأوباما الذى لم ينشر اسمه ربما يكون بايدن نفسه، وقد صرح أيضاً بأن أمريكا تحشد حالياً بضع مئات من العرب السنيين فى سوريا وكذا من تركيا لمساعدة أمريكا فى إغلاق الثغرة البالغ طولها حوالى ستين ميلاً من الحدود بين سوريا وتركيا التى مازالت تحت سيطرة داعش، وأضاف أن أمريكا تأمل فى إنجاز صفقة خلال الأسابيع المقبلة بشأن مساعدة تكنولوجية لتركيا تساعدها فى تأمين هذا الجزء من الحدود مع سوريا، كما عزز بايدن بشدة حرب تركيا ضد حزب العمال الكردستانى، ويعلم بايدن جيداً أن أردوغان ورئيس مخابراته يؤيدان داعش تماماً ويعملان المستحيل للتطهير العرقى ضد أكراد تركيا وسوريا، وبذلك يكون أردوغان وأمريكا يدفعان جنوداً مرفوضين إلى داخل العراق فى إقليم الموصل للتمهيد لهجوم كبير سواء رضى العراق أم أبى.

ونقف عند هذه الفقرة لنعرض فى المقال التالى والأخير باقى القصة المرعبة تحت عنوان: لماذا الموصل؟

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد