رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ذكريات قلم معاصر

موضوع «التطبيع» مع إسرائيل أخذ من الإعلام أكثر كثيراً من حقه... خاصة فى الصحف القومية!!!! حاجة غريبة فعلاً!!!

أولاً: ما هو التطبيع أيها السادة «الذين يدعون أنهم مثقفون» وكانت دراستهم العلوم السياسية والاقتصادية؟!

فليسمحوا أن أقول لهم إن التطبيع ليس بين الشعوب.... التطبيع هو عودة العلاقات المختلفة الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية بين دولتين وليس بين  شعبين.... هناك عداء بين دولتين لأية أسباب... ثم زالت هذه الأسباب... وعادت السفارات بين الدولتين مرة أخرى... موضوع تكرر كثيراً طوال التاريخ... ولا أريد أن أضرب أمثلة فهى كثيرة جداً لعل أبرزها وأهمها ما كان بين أمريكا وروسيا وبين أمريكا وكوبا مثلاً!!!! وكيف عادت العلاقات بين أمريكا والصين وقصة مباراة «البنج بونج» واختفاء كيسنجر فى أحد مستشفيات اليابان!!!!

«...»

والحكاية أنه كان بيننا وبين إسرائيل خلال فترة عبدالناصر «ما صنع كل «حدادين» العالم!!!! على رأى المثل.... أراد السادات أن يحرر سيناء أولاً وأخيراً بأى ثمن... حتى ولو ذهب الى القدس ونزل ضيفاً على الذين قتلوا المصريين وشردوا جيشها ونسفوا كل سلاحها الجوى وهدموا مدرسة كفر عبده فوق مئات أطفال أبرياء فتمزقت أجسادهم ـ وغير ذلك... صافح السادات وعانق أعداءه وأعداء الشعب وتفاوض معهم وقدم التنازلات التى لم تكن تحلم بها إسرائيل.... وكان هذا واضحاً عقب توقيع معاهدة كامب ديفيد حينما نزل بيجين من المنصة وذهب الى الصف الذى يجلس فيه الوفد الإسرائيلى وهات يا قبلات وأحضان وكل علامات الفرح الغامرة لأنهم سيدخلون مصر من أوسع أبوابها... بل سيدخلون فى الصف العربى كله!!!

اتفقت الدولتان على عودة العلاقات بين «الدولتين» وليس بين «الشعبين»... ومع ذلك حرص أنور السادات على خداع إسرائيل كما قال الإسرائيليون أنفسهم... فاستقبل بيجين ورجاله عدة مرات فى مصر.... فى مختلف الأماكن.... مرة استضافهم فى القناطر الخيرية ومرة فى فيلا الاسماعيلية ومرة فى الأقصر... حرص على دعوة «المحاربين القدامى» من اسرائيل ليجتمعوا بالمحاربين القدامى فى مصر فى نزهة لا تنسى... وقام السادات بتقديم العزاء فى جولدا مائير وقال كلاماً طيباً عن «وطنيتها»!!!!.

كل ذلك لكى تثق اسرائيل فى تنفيذ المعاهدة من جانب مصر لا أكثر.. كل هذا من أجل مصر لا من أجل إسرائيل.

«...»

لقد اتبع السادات هذا الأسلوب مع إسرائيل بعد أن درس من قبل ما فعله مصطفى النحاس مع إنجلترا... حتى ظن أعداء الوفد أن مصطفى النحاس عميل إنجليزى!!! وفى الحقيقة أنه تقرب الى سير مايزلمبسون المندوب السامى البريطانى من أجل أن يحصل على توقيع إنجلترا مع معاهدة 1936 التى كان ينظر لها على أنها معاهدة الذل والاحتلال... ثم أثبتت الأيام أن النحاس كان على حق.

درس النحاس الموقف...فوجد أن المفاوض المصرى رفض كل طلبات إنجلترا فلم يتم أى اتفاق منذ سعد زغلول الى عدلى يكن وإسماعيل صدقى الذى وقع معاهدة بيفين أسوأ ما تكون فأسقطها الشعب.

فقرر مصطفى النحاس الاستجابة لكل طلبات إنجلترا عدا فصل السودان عن مصر وقال كلمته الشهيرة: «تقطع يدى ولا أفصل السودان عن مصر».. وافق على استمرار الامتيازات الأجنبية وسط غضبة الشعب كله.. لأن الشعب لا يعلم أن هناك مؤتمراً فى العام التالى 1937 فى مدينة مونتريه بسويسرا لحماية حقوق الإنسان وان مصر طلبت إلغاء الامتيازات ومن المنتظر موافقة المؤتمر العالمى وقد كان وألغيت الامتيازات بعد عام من توقيع المعاهدة.

طلبت إنجلترا استمرار استيلائها على قمح وقطن مصر بلا مقابل... وافق النحاس لأنه بعد عامين بدأ يرسل نصف القمح والقطن فقط.... وطالب إنجلترا بدفع أجرة الفلاحين فاستجابت انجلترا ومن هنا كانت الأرصدة الاسترلينية لأن الحكومة الإنجليزية لم تكن تستطيع دفع الثمن كله!!! ثم بدأ النحاس يطالب بدفع ثمن كل القطن والقمح فزادت الأرصدة الاسترلينية وزاد سعر الجنيه المصرى أكثر من الجنيه الذهب حتى يوم 23 يوليو 1952.

«...»

هكذا.. سار السادات على خطى مصطفى النحاس ليكسب سيناء... كما كسب النحاس الاعتراف باستقلال مصر.... هذه هى السياسة لأعلى مستوياتها... بعد إذن «العلوم السياسية والاقتصادية»!!!.

بدأت الحكاية بتنازلات مقدور عليها لكسب ما هو أهم... ولكن ليس هذا معناه تنازلات دائمة لأبعد الحدود... تنازلات لدرجة سفر شبابنا الى إسرائيل ليتزوجوا صهيونيات ويتركوا وطنهم ودينهم... وينخرطوا فى جيش يحارب بلدهم!!! بدعوى «التطبيع»... ملعون أبوهذا التطبيع!!!