رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

جريمة نكراء جديدة يخطط لها شيطان الاستعمار الأكبر فى واشنطن كشف عنها الكاتب الشهير وليام إنجدال على موقع إنفرميش كليرنج هاوس بتاريخ 17 فبراير ومؤداها قبل عرض التفاصيل. نسف سد الموصل بالعراق الذى يتوقع أن يترتب عليه غرق وادى الفرات وقتل نصف مليون برىء غرقاً وتشريد مليون آخر، ونعرض فيما يلى تفاصيل الجريمة النكراء التى تساق فيها مع الأسف والألم بعض الدول الإسلامية عن علم أو جهل لا فرق.

يقول انجدال إن الفيلسوف الصينى سن تزو: منذ 2500 عام إن فن الحرب أنه إذا عرفت عدوك عرفت نفسك ولا يجب أن تخشى نتائج مائة معركة، وإذا عرفت نفسك ولم تعرف عدوك فإن كل نصر تكسبه ستعانى فيه هزيمة، وإذا لم تعرف نفسك ولم تعرف عدوك فمصيرك خسارة كل معركة.

وفى التحليل الجيوسياسى عندما أتفحص تطوير اقتصادى أو سياسى كبير فمن المهم جداً أن أنظر أولاً داخل نفسى لأشعر بأنى كنت أخدع نفسى بسبب مشاعر دفينة شخصية برغبة فى وجود عالم مسالم أكثر إنسانية وتجاهل حقيقة أمن معينة أو مجموعة دول، وبالمثل إذا أخذت هؤلاء القادة الأشرار الذين يسيطرون على سياسات أمريكا وحلف الناتو حالياً فيجب أن تأكد أننى أعرف ليس فقط ظاهر ما يقوله رئيس أو وزير خارجية أمريكى فى يوم معين، فقد يكون كاذباً أو مناوراً وربما كان صادقاً، فمهمة أى تحليل جاد هى اكتشاف حقيقة ما يقول لندرك ما هى نتائج ما يقول.

وهذه هى حالة محاولة حقيقة السياسة الأمريكية اليوم اقتصادياً وسياستها الخارجية، فمثلاً ما معنى وهدف زيارة هنرى كسينجر ذى الـ92 عاماً لموسكو لمقابلة بوتين وغيره مؤخراً؟ وحقيقة هدف جون كيرى عندما يبدو أنه يريد سياسة أكثر سلمية مع روسيا بالمقارنة لما تفعله فكتوريا نولاند مساعدته أو وزير الدفاع الأمريكى أشتون كارتر؟ هل هذا صوت فريق فى السياسة الخارجية الأمريكية له وزن يريد أن يحول سياسة المواجهة العدائية لروسيا فى أمريكا إلى سياسة ودية ويستبدل لغة الحرب بلغة التفاوض والتعاون؟ وما هو الهدف الحقيقى لبابا الفاتيكان فى رغبة لقاء البطريرك الأرثوذكسى الروسى فى موسكو لأول مرة بين الكنيستين منذ سنة 1054؟ هل هذه خطوة إيجابية نحو السلام العالمى أم هى شىء آخر؟

واشنطن: ارتباك أم خداع؟

إنه أمر شائع فى أمريكا وأوروبا فى الإعلام وغيره وحتى فى روسيا والصين أن أمريكا فى حالة ارتباك لفقدها سياسة السيطرة كقوة عظمى، يكتب المحللون الإعلاميون عن سياسة داخلها صراع بين الأجنحة الداخلية فى الإدارة الأمريكية بما يجعل أى محاولة أمريكية لتحطيم داعش الإرهابى فى العراق وسوريا غير مجدية لدرجة مضحكة.

وقد تعلمت خلال سنوات من مراقبتى لسياسة أمريكا الخارجية أن أكن لها احتراماً معيناً، وهو مختلف تماماً عن الإعجاب بها ولكنه تقدير لأن القوة العظمى فى العالم لم تصل لهذا المستوى من القوة دون مهارات غير عادية وذكاء ودهاء يمكنها من الاستفادة من ضعف خصومها، وقد كان الخداع هو أقوى أسلحة السياسة الخارجية الأمريكية خلال كل الفترة بعد 1945، مثل ما فعلته مع جورباشوف سنة 1989 عندما وثق جورباشوف فى وعدها أنها ومعها الغرب لن تتقدم أبداً بحلف الناتو نحو الشرق، وكان الخداع أقوى أسلحة أمريكا الاقتصادية منذ اتفاقية بريتون وودز سنة 1944 التى جعلت الدولار عملة العالم وحطمت أى عملة تنافسه فى هذه المكانة التى جعلته عملة الاحتياطى العالمى وأقوى أسلحة أمريكا الاستراتيجية بجانب جيشها.

منذ بضع سنوات أخبرنى ضابط سابق فى كلية وست بوينت العسكرية أن طلبة الكلية الذين سيصبحون مستقبلاً كولونيلات وجنرالات وجنرالات ومخططى الاستراتيجية العسكرية الأمريكية غارقون فى فلسفة سن تزو الصينية وفى السياسة الانتهازية للإيطالى الشهير من عصر النهضة مكيافللى مؤلف كتاب الأمير وفلسفته الشهيرة بأن الغاية تبرر الوسيلة.

فى السياسة الدولية من الخطأ الشديد أن تفترض أن خصمك غبى فقد يكلفك هذا حياتك، ومن الطبيعى أن تكون هناك أخطاء ولكن يتم العمل دائماً على إصلاحها حتى تظل أمريكا القوة العظمى المسيطرة ومن الأكثر فائدة افتراض أن السياسة المتبعة قد وضعت بعناية وأن غلاف الخداع والفكر الميكافيللى ليس مفروضاً فيه أن عدونا غبى ولذلك فوسط العديد من السياسات التى تبدو متعارضة فى واشنطن، أليس غريباً أن اللاعبين فى الحرب ضد سوريا اليوم فى الشرق الأوسط فى فبراير سنة 2016 تفترض أمريكا غباءهم؟

استخدام روسيا فى سوريا:

إذا نظرنا إلى سياسة أمريكا فى الشرق الأوسط حالياً خاصة فى سوريا والعراق وافترضنا أنها سياسة مدروسة بعناية للوصول إلى هدف معين محدد فإن الأمر يبدو مختلفاً تماماً.

إن استنتاجى حالياً هو أن خلف غلالة الدخان الخادعة التى تحاول أمريكا بها إعطاء الانطباع بأن سياستها مرتبكة وغير كفأة فالحقيقة غير ذلك تماماً، فإدارة أوباما ووزارة دفاعه ووزارة خارجيته وهى الحال التى تسير على سياسة مخططة بدقة لإشعال حرب على حقول النفط والغاز الغنية فى الشرق الأوسط ستغير جذرياً خريطة الغاز والنفط سياسياً وجيوسياسياً فى العالم كله ، نعم حرب أخرى بسبب النفط مثل حروب كثيرة أخرى فى القرن الماضى، قرن من الحروب كما ذكرته فى أحد كتبى، فمراكز الأبحاث فى واشنطن التى تقف وراء التغيير القادم قد وضعت سيناريو لدور كل دولة لاعبة فى الشرق الأوسط التى أعماها الطمع أو الرغبة فى إقامة إمبراطورية عثمانية أو وهابية ولم تعد ترى أنها مدفوعة نحو فخ قاتل يبدو أنها دول لم تدرس كلام سن تزو فلم تعرف نفسها ولم تعرف عدوها، فما يدفعها هو كراهية عمياء مثل كراهية أردوغان الحالية لسوريا للأكراد وحتى للسعوديين الذين يدعى أردوغان أنه صديقهم وحليفهم، ففى عالم أردوغان يمسك كل لاعب بخنجره وراء ظهره للآخرين.

واشنطن تنصب الفخ

ماذا يمكن أن تكون الاستراتيجية الحقيقية لأمريكا واتباعها فى حى المال الأمريكى وول ستريت بالنسبة للفوضى الحالية فى الشرق الأوسط التى تسميها أمريكا الحرب ضد داعش لهزيمتها؟ من المفيد أن نعود للخلف فى نهاية سبتمبر سنة 2015 عندما فاجأت روسيا أمريكا وباقى العالم بهجومها الخاطف والفعال وتدخلها العسكرى ضد داعش وغيرها من منظمات الإرهاب التى تدمر سوريا.. ومن الواضح من عدم وجود رد فعل من أمريكا وكذا تصرفاتها التالية أن واضعى استراتيجيتها قد استغرقوا وقتاً طويلاً فى إعادة حساب الخطة الأصلية لإسقاط النظام فى سوريا، وما يبدو هو دليل واضح على أن أمريكا قررت استخدام هذا التدخل العسكرى الروسى لخدمة المخطط الأمريكى الأصلى فى المنطقة، تماماً كما تقول الدراسات الكلاسيكية استخدم خصمك لخدمة أهدافك، تماماً كما فعل تشرشل سنة 1939 عندما استدرج هتلر لغزو بولندا سنة 1939 حتى تستطيع بريطانيا إعلان الحرب على ألمانيا، ثم انتظر حتى تقوم ألمانيا بغزو الاتحاد السوفيتى قبل أن يقوم بحرب حقيقية ضدها بدل الحرب الزائفة التى لعبها حتى غزت ألمانيا الاتحاد السوفيتى.

لقد فبركت أمريكا الأحداث وضمنها الاتفاق الأمريكى الروسى فى مجلس الأمن وقراره رقم 2254 فى 18 ديسمبر سنة 2015 الذى مهد لاجتماع جنيف الثالث من أجل ما سمته محادثات السلام التى نسفها منذ بدايتها سيطرة واشنطن على مبعوثى الأمم المتحدة للسلام وضمنهم الدبلوماسى الأمريكى جفرى فلتمان الذى أصبح نائباً للسكرتير العام للأمم المتحدة للشئون السياسة، ومساعده الميكافيللى مستورا مبعوث الأمم المتحدة لسوريا والجامعة العربية لنستكمل العرض فى المقال التالى.

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد