رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

كتب المحلل السياسي هشام ملحم بقناة «العربية» في واشنطن تحت هذا العنوان مقالاً متميزاً في وصف حالة العالم العربي نعرضه لقارئ الوفد فيما يلي. يقول ملحم:

بعد أجيال من التحرر السياسي من الحكم الاستعماري المباشر والسيطرة الغربية مازال البحث عن استقلال سياسي حقيقي وديمقراطية وثقافة حقيقية في كثير من الدول العربية لم يتحقق للآن، والفشل في هذا المجال للتجارب خلال السنوات الطويلة لمحاولات اقامة ليبرالية محددة وقومية عربية واشتراكية عربية خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، والاسلام السياسي بأشكال مختلفة منذ هزيمة سنة 1967 في الحرب مع اسرائيل يؤكد لنا الحقيقة خلال الانتفاضات التي تمت في السنين الأخيرة.

كانت نهاية الحكم الاستعماري هي بداية عهد لحكام أقوياء من العسكريين ذوي الرتب الصغيرة «عبدالناصر في مصر والقذافي في ليبيا» واللجوء لقمع قومي متعصب خاصة حكم البعث في سوريا والعراق، أم الحركة الاسلامية بداية من أقدمها وهي الاخوان المسلمين التي تأسست في مصر سنة 1928 والحركات التي انبثقت منها في السنوات التالية فقد تميزت بنفس انعدام الليبرالية كالحكومات العسكرية.. والواقع أن الحكم غير الليبرالي كان هو الخيط الذي يجمع ما نسميه العالم العربي.

 

النظم غير الليبرالية:

العالم العربي بيت متعدد الأجنحة ولكن من الصعب جداً لسكانه أن يعترفوا أنه بيت بلا سقف وقد أظهرت الثورات أن حوائط كل الأجنحة متعددة الشقوق العميقة، واستغرق الأمر أجيالاً عديدة لإيصال العرب لهذه الحالة.. وسيستغرق أحقاباً عديدة لاصلاح الشقوق وبناء سقف جديد بافتراض أن البيت يمكن انقاذه من الانهيار الكامل.. ففي هذا البيت ذو الاجنحة العديدة فان أغلبية سكانه من السنة المسلمين ويتوقع أن يظلوا في المستقبل المنظور هم القوة السياسية المسيطرة، فالاسلاميون الذين يظنون أنهم القوة الوحيدة الحقيقية في العالم العربي مختلفو المذاهب ولكن الخلافات بينهم ليست عميقة، فقد شكلوا طريق كل الثورات العربية، وأظهروا الوجه الأكثر نضوجاً في حزب النهضة التونسي، والأقل نضوجاً في الاخوان المسلمين في مصر، ولكن سوء حكمهم لا يبرر الاضطهاد الذي تعرضوا له، وقد كون الاسلاميون الميليشيات المسلحة التي اسقطت القذافي بعنف في ليبيا، وهم يشكلون العدد الهائل من الميليشيات التي تحاول اسقاط الاسد في سوريا عندما لا تكون هذه الميليشيات في حالة اقتتال فيما بينها، والاسلاميون ينتظرون فوق الأرض وتحتها في كل انحاء الوطن العربي، أما الإسلاميون المسيطرون في لبنان وسوريا والعراق واليمن فهم من الشيعة أو فروعها المختلفة الذين تساندهم ايران فالمتحاربون في هذه الدول هم اسلاميون من كل المذاهب.

ويشترك كل الاسلاميين في العداء لليبرالية، ربما بطرق مختلفة ولكن معظمهم لا يسمح بالتعليم الليبرالي أو المساواة بين الجنسين أو منح الاقليات كل حقوق المواطن، وينزلون بالديمقراطية الى معني حكم الأغلبية دون مضمونها الحقيقي.

 

الإصلاحات الزائفة

لو حكمنا من واقع الحركات والجماعات الاسلامية في الشرق الأوسط وراعينا أنها في صراع حياة أو موت في غيبة من وجود مؤسسات تسمح للباحثين بحرية المناقشة في المواضيع والإصلاحات الاسلامية فمن الصعب أن نرى في أي وقت قريب ظهور اسلام سياسي معتدل، يتعايش مع متطلبات الحداثة والليبرالية التي نربطها بمفهوم الدولة المدنية الحديثة، ولكن ذلك لا يجب أن يدفعنا للاستسلام، ففي الحقبات الأخيرة قام الكثير من الدارسين العرب والمصلحين الاسلاميين بتحدي هذه القوالب الجامدة لكل من السلطات السياسية والدينية ضاغطين في اتجاه الاصلاح واقامة فكر اسلامي مختلف ودفع الكثير منهم الثمن وانتهوا الى المنفى أو الى السجن.

تمنى بعضهم أن تقدم التجمعات الاسلامية في أوروبا وأمريكا الفكر الدافع لاشعال شرارة مراجعة النفس في المجتمعات الاسلامية، ولكن الأعمال الارهابية التي وقعت في الفترة الاخيرة من مسلمين ولدوا ونشأوا في اوروبا، ورد الفعل الاوروبي قضى على هذا الأمل، فقد اظهرت هذه الهجمات الارهابية أن امام المسلمين الاوروبيين طريق طويل قبل الاندماج في المجتمعات الاوروبية، على فرض انهم يريدون هذا الاندماج، فالدولة الاوروبية مثل فرنسا وبلجيكا لا تساعد مواطنيها المسلمين على الشعور بأن لهم حق المواطن كاملاً عندما يرون قوانيننا تصدر لمنع ممارسة بعض شعائرهم الدينية مثل ارتداء الحجاب في المدارس العامة، ومن ناحية أخرى فحتي في أكثر مجتمعات أوروبا تعددا عنصرياً مثل بريطانيا والدانمارك أصبح اندماج المهاجرين المسلمين مشكلة كبيرة مع لجوء بعض شباب المسلمين للارهاب، فأكثر من مائة مسلم دانماركي التحقوا بداعش في سوريا، فالمسلمون الاوروبيون مضطرون لتطوير اسلام يتمشي مع احترام معايير الدولة الاوروبية التي هاجروا اليها مع احتفاظهم بلب الاسلام، فتعدد صور الاسلام تاريخيا بقدرة الاسلام علي التأقلم مع الثقافات الاخرى التي واجهها، كالصورة التي تطور بها الاسلام في الشام ومصر وشمال افريقيا المختلفة عن صورته في الاندلس أو البلقان أو جنوب شرق آسيا.

ولكن المتشددين الاسلاميين يرفضون هذا التعدد ويقاومون ضد التغيير متمسكين بوجود اسلام أوحد مع أن الحضارة الاسلامية لم تزدهر الا عندما خالطت سلميا حضارات وديانات أخرى.

 

نعم للحياة:

استفادت الدولة الاموية في دمشق جداً من العرب المسيحيين ذوي الثقافة البيزنطية، وتعلمت الكثير من الثقافة البيزنطية التي كانت مع الفارسية اكثر تقدماً خلال القرن الثامن الميلادي، وأقام الخليفة العباسي هارون الرشيد وولده المأمون سمعة بغداد كعاصمة للعلم والفن في العالم وكانت بخلاف الصين أكبر مدينة ترحب بالتعدد، فقد أنشأ الرشيد صرحه الشهير «بيت الحكمة» وهو صورة في العصور الوسطى من مراكز الابحاث الحديثة، وكان هدفها ترجمة الأعمال الكبرى لفلاسفة اليونان وقيام الدارسين المسلمين بالتعليق عليها، وكانت العصر الذهبي للشعر العربي وضمّنه «الخمريات»، وقد وصلت المدن الاسلامية الكبري مثل قرطبة لعظمتها بسبب ليبراليتها وانفتاحها على الثقافات المحيطة بها، وقد أطرى الفيلسوف الشهير نيتشه حضارة مسلمي الاندلس ووصفها بأنها حضارة قالت نعم للحياة.

 

حقائق صعبة

بعد كل عمل ارهابي في اوروبا العام الماضي تساءل الناس أين هم المسلمون المعتدلون، ولماذا لا يعترف كثير من العرب أن داعش لها جذور عميقة في التقاليد العربية الاسلامية ويعلقون كل شيء على شماعة الاسلام والانحياز لاسرائيل، ومع التسليم بخطايا الغرب التاريخية يجب على المسلمين ادراك الحقائق الصعبة التالية: سنة 2013 كانت أكثر عشر دول وقعت بها أعمال ارهابية كان سبع دول منها دول اسلامية، وكانت بين أكثر 24 دولة تضع قيودا شديدة على ممارسة الاقليات الدينية لشعائرها 19 منها دول اسلامية، وأكثر جماعات الارهاب دموية مثل داعش وبوكو حرام جماعات اسلامية.

والحقيقة كذلك انه لا توجد في الدول الاسلامية مؤسسات مستقلة يمكنها التطوير والدفاع عن آراء المصلحين، ولكن تبقى الحقيقة أن هناك مصلحين في العالم العربي وفي الغرب ولن يحارب الغرب معاركنا، فالحرب ضد داعش وغيرها من جماعات الارهاب تحتاج لسيف بتار وكلمات أمينة، فالتحدي للإصلاحيين ضخم وخطير، ولكن عليهم أولا أن يقولوا نعم للحياة.

وإلى هنا ينتهي هذا العرض لما يدور في العالم العربي من صراع، ونتفق مع الكاتب تماما على أننا لايجب أن نكتفي بتعليق مصائبنا علي شماعة الغير وأن علينا أن ننظر لأنفسنا في المرآة بيقظة وصدق، ولكننا نختلف مع الكاتب تماما في اهماله سهو أو عمداً أن داعش وغيرها من عصابات الإرهاب مصنوعة وممولة ومسلحة في الغرب الذي زرعها في ارض خصبة لم تكن لتنمو فيها لولا توعية الشعوب الغافلة التي تواجهها.

 

الرئيس الشرفي لحزب الوفد