رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لقد عاش الدكتور بطرس بطرس غالي الذي رحل عن عالمنا منذ أيام قليلة الدبلوماسية بكل أبعادها فأغنته وأغناها وترك بصمة لا تمّحى في سجلاّتها من خلال تغليب لغة الحوار فى حل الأزمات والنزاعات وعبر تحقيق إنجازات سجلت في سجلات التاريخ المصري والعربي والافريقي والدولي لرجل سياسة محترف قادر علي تحقيق الانتصارات في جميع المعارك التي قادها بدأ من منصبة  كوزير  دولة للشؤون الخارجية وصولا الي ارفع المناصب الدولية من خلال تولي منصب الأمين العام للأمم المتحدة .

الدكتور بطرس بطرس غالي الذي ولد في عام 1922م  سليل عائلة مصرية وسياسية عريقة حيث كانت البداية عند نيروز غالي جده الأكبر الذي تولى منصب ناظر الدائرة السنية لشقيق الخديوي إسماعيل في الصعيد  أما ابنه بطرس نيروز غالي فقد تولى منصب رئيس وزراء مصر في الفترة من 12 نوفمبر 1908م إلى 1910م ويعد أول رئيس وزراء مصري يتولى المنصب وتم اغتياله على يد إبراهيم ناصف الورداني في 20 فبراير 1910م .

ترأس بطرس غالي باشا محكمة حادثة نشواي الشهيرة باعتباره قائما بأعمال نظارة الحقانية في 23 نوفمبر 1906م وقضت بالإعدام شنقا لأربعة من الأهالي وبالأشغال الشاقة ومددا مختلفة لعدد آخر  وبالجلد خمسين جلدة على آخرين وتم تنفيذ الأحكام بعد محاكمة استمرت ثلاثة أيام أمام الأهالي اما ابن بطرس غالي باشا فهو واصف غالي ولد بالفجالة في القاهرة في عام 1878م وتعلم في مدرسة الجزويت بالقاهرة وحصل على ليسانس الحقوق من فرنسا عام 1904م وبعد عودته من باريس عمل بالمحاماة ثم اختير وزيرا للخارجية في أول وزارة شعبية برئاسة سعد زغلول باشا ثم تولى نفس المنصب في وزارة مصطفى النحاس باشا الأولى والثانية والثالثة والرابعة .
وقد درس الدكتور بطرس بطرس غالي في كلية الحقوق بجامعة القاهرة حيث تخرج منها عام 1946م ثم حصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي في جامعة باريس في 1949م وعمل بعد ذلك في تدريس القانون الدولي والعلاقات الدولية، في جامعة القاهرة وجامعات أخرى في أمريكا وأوروبا والشرق الأوسط، وإفريقيا. وكتب عدة كتب بالعربية والفرنسية وفي أكتوبر عام 1977م عين غالي وزير دولة للشؤون الخارجية وصحب في الشهر التالي الرئيس الراحل محمد أنور السادات في رحلته إلى القدس بعد استقالة وزير الخارجية آنذاك محمد إبراهيم كامل احتجاجا على التقارب المصري  الإسرائيلي ليقود بمهارة فائقة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بجانب الرئيس الراحل أنور السادات .
وخلال تولي بطرس غالي وزارة الدولة للشؤون الخارجية نجح في ادرأه ملفين غاية في الأهمية وهم عملية السلام مع إسرائيل وإدارتها والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ودور مصر الإفريقي حيث كون مجموعة  لتكون إطاراً للتعاون بين دول حوض النيل وصندوق التعاون المصري مع أفريقيا لتقديم الخبرات المصرية إلى الدول الإفريقية غير أن سيطرة هاتين القضيتين على نشاط وتحرك بطرس غالي لم تمنعه من الاهتمام بعلاقات مصر الدولية وعلى رغم انتماءاته الفكرية الغربية فإنه اهتم بما يعرف الآن في السياسة الخارجية المصرية بـ الاتجاه شرقاً .
واستحدث بطرس غالي أسلوب الحوارات الاستراتيجية من خلال المعاهد البحثية والمشاركة في تأسيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ولذلك نراه ينظم هذه الحوارات مع الصين والاتحاد السوفياتي ويمكن القول إن الحوار الاستراتيجي الذي جرى مع معاهد سوفياتية في وقت كانت هناك قطيعة بين القاهرة وموسكو، مهَّد لعودة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين وفي الحوار مع المعاهد البحثية الصينية أطلق بطرس غالي نظريته حول جيل ثالث للتنظيم الدولي .
وخلال توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة، اعام 1992م ليكون اول عربي يتولى هذا المنصب الرفيع دعم  بشدة دور المنظمة الدولية في الوساطة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة وشهدت ولايته عمليات صعبة وطويلة الأمد لحفظ السلام في البوسنة والهرسك والصومال ورواندا وقد انحاز الدكتور بطرس غالي لضميره وللقضية الفلسطينية علي حساب المنصب الرفيع واصر علي نشر تقرير مذبحة قانا  الذي يفضح به جرائم الاحتلال الإسرائيلي خلال المجزرة التي شهدها جنوب لبنان وراح ضحيتها 106 من المدنيين وقد أحرج التقرير إسرائيل أمام الرأي العام وأزعج الولايات المتحدة وبالتالي اعترضت الولايات المتحدة على التجديد للدكتور بطرس غالي وبعدها بأيام جرى اقتراع غير رسمي وفقًا للعرف داخل المجلس، وحصل كوفي عنان على 12 صوتًا مؤيدًا .
وقد خرج غالي منتصر من الأمم المتحدة مرفوع الهامة لوقوفه بجانب الحق ضد القوة الكبرى المنحازة لإسرائيل وقد زاد خرج غالي من الأمم المتحدة عزيمة وإصرار علي استكمال  العمل في الحقل الدبلوماسي والسياسي حيث سجل مذكراته فكتب سنوات البيت الأبيض - سنوات الغليان - سنوات التجديد -  طريق مصر إلى القدس - 5 سنوات في بيت من زجاج - حوارات المستقبل -في انتظار بدر البدور 
ورأس مجلس مركز الجنوب وهي منظمة حكومية دولية للبحوث للدول النامية من عام 2003م الي عام 2006م  وترأس أيضا منظمة الفرنكوفونية الدولية بعد عودته من الأمم المتحد كما رأس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر  .
أخيرا ...  سيظل الدكتور بطرس بطرس غالي رمزاً للسياسي الوطني الذى خدم بلاده بتفان وضرب مثلاً مشرفاً لكل المصريين على المستوى العربي والافريقي والدولي .
[email protected]