رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

طالما ظلت شعوبنا العربية مرتعاً يعربد فيه طغاة مدنيون أو قبليون أو عسكريون من أنصاف الآلهة الذين يجسدهم قول الشاعر المنافق لأحدهم:

ما شئت لا ما شاءت الأقدار

فاحكم فأنت الواحد القهار

وما دامت شعوبنا غافلة أو عاجزة عن أن تأخذ مصائرها بأيديها وتدير بلادها كما تدار الدولة الحرة التى يسكنها بشر وليس قطيعاً من الهنود السمر كما كان أسلافهم من الهنود الحمر يرتعون فى غابات أمريكا ما دام الحال كذلك فلا مفر من أن تظل بلادنا ساحة تطؤها خيول الغزاة من الأعداء أو حتى الأصدقاء، وأمامنا مثال يوضح ما نعنى، فقد نشرت مجلة «بزنس إنسايدر» فى 3 يناير مقالاً للكاتبة الروسية الشهيرة ناتاشا برتراند بعنوان: «روسيا لديها خطة ب بديلة لسوريا تمكنها من إعادة صياغة النظام العالمى».

تقول ناتاشا إن أسلوب روسيا فى الغارات الجوية على سوريا يوحى أنها بسبيل ترتيب خطة «ب» بديلة إذا فشل النظام فى استعادة سوريا واضطر للتقهقر إلى مساحة من الأرض يسيطر عليها جيش الحكومة على ساحل البحر المتوسط، فالخيار الثانى لروسيا هو التراجع إلى المناطق التى يمكن الدفاع عنها فى سوريا بعد ضمان سلامة الإقليم العلوى، وقد شرح جوزيف باهوت الباحث فى برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيجى للسلام العالمى تفاصيل الخطة قائلاً: ربما يكون هذا اختياراً تم فعلاً حيث إن معظم الغارات الجوية الروسية مركزة على هذه المنطقة، فمنذ تدخل روسيا فى القتال إلى جانب الرئيس بشار الأسد أواخر سبتمبر استخدمت روسيا الغارات لإنشاء منطقة عازلة بين الأرض التى يسيطر عليها الثوار جنوب مقاطعة إدلب وبين المنطقة التقليدية لإقليم العلويين فى محافظة اللاذقية، وقد استهدفت الغارات كذلك الأرض التى يسيطر عليها الثوار شمال حمص الملاصقة لهذه المنطقة المعروفة بإقليم العلويين.

وبموجب تركيز الغارات الروسية وقتال الجيش السورى فإن حكومة سوريا وروسيا تعملان على تأمين منطقة العلويين فى اللاذقية، وقد صرح بوريس زلبرمان الخبير الروسى فى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية لمجلة بزنس انسايدر يوم الخميس الماضى، بأن الاسم المتداول لهذه المنطقة فى مؤسستهم هو أرض الأسد أو علويستان، وأضاف أن الحكومة السورية تأخذ الأرض التى تعتقد أنها تستطيع الدفاع عنها بمعاونة القوة الجوية الروسى ، فهى تحاول ترسيخ النظام الحاكم أولاً.

نظام دولى جديد

من المؤكد أن قوات بشار الأسد بغطاء جوى روسى مازالت تحارب لاستمرار السيطرة على أهم مدينتين سوريتين من الناحيتين الرمزية والاستراتيجية وهما دمشق التى تعتبرها قوات الثوار مفتاح كسب المعركة وحلب ثانى أكبر مدن سوريا وأهم مركز حضارى فى شمال سوريا، ولكن حتى لو نجح نظام بشار فى طرد الثوار من حلب ودمشق فـإن احتفاظه بالسيطرة على المدينتين يحتاج إلى كمية كبيرة من الموارد المالية والقوة العسكرية.

الجيش السورى منهك ومشدود على منطقة واسعة وعلى وشك الانهيار ولكن القوة الجوية الروسية ساعدته على استرداد الأرض، والمرجح أنه يحتاج إما لإعادة تنظيمه أو لدخول قوات روسية لتدعيم دفاعات المدن ضد الهجمات المضادة من الثوار التى ينتظر أن تستمر ما دام الأسد فى السلطة، فقوات الثوار التابعة لما يسمى جيش الإسلام تحمل أسلحتها بينما تسير فى الشوارع فى مدينة عافى شرق غوطة دمشق بعد أن زعموا أنهم قد استولوا على المنطقة من قوات سورية موالية للرئيس بشار الأسد فى 6 مايو سنة 2015.

ولذلك فلتأمين محمية روسية فى غرب سوريا خاضعة فعلاً للحكومة السورية وتقطنها طائفة من الشيعة الموالية لبشار الأسد يعطى روسيا مصداقية حقيقية عندما تقول إنها تنشئ نظاماً دولياً جديداً.

وطبقاً لما قاله مارك بيارينى، الباحث فى مؤسسة كارنيجى والسفير السابق لدى الاتحاد الأوروبى فى جريدة «حرييت» التركية فى نسختها الإنجليزية فى سبتمبر الماضى فإن السرعة التى ضمت بها روسيا إقليم القرم والسيطرة التى تمارسها على شرق أوكرانيا فإن روسيا تضيف الآن أرض الأسد أو علويستان لمنطقة نفوذها وبفعلها هذا فإنها تظهر لباقى العالم أن لديها القدرة على إعادة صياغة النظام العالمى أو على الأقل لديها القدرة على إفساد النظام القائم.

حل مقبول كأقل الشرور

يقول مارك جاليوتى خبير الشئون الروسية أستاذ الشئون الدولية بجامعة نيويورك: إنه يوافق على أن لأرض الأسد أو علويستان لن تكون خيار روسيا الأول، ولكن سيكون حلاً مقبولاً كأقل الشرور، فروسيا لن تكون سعيدة بدويلة علوية ولكن من الواضح ومما لا يمكن تجنبه أنها خيار فى حالة عدم استطاعتها الحصول على الحل الأمثل وهو نصر كامل لدمشق، وقد صرح جاليوتى لمجلة «بزنس انسايدر» قائلاً: إن روسيا ليست من السذاجة حتى تفترض أن هذا الحل هو اتفاق قائم أو حتى محتمل ولكنها ستأخذه فى الحسبان ضمن بدائل أخرى، وأضاف أن دويلة علوية يمكن الدفاع عنها ويكون لها إمكانية الحياة اقتصادياً وتضم أغلبية متجانسة سياسياً يضمن لروسيا الاحتفاظ بدولة حليفة تابعة لها فى المنطقة وكذلك تسهل حمايتها ومساندتها.

وإلى هنا ينتهى عرض الكاتبة الروسية للوضع فى سوريا، ولا نظن أن القارئ فى حاجة لتذكيره بأن الاستعمار الأمريكى لن يترك الملعب هكذا، والأخبار متواترة عن حرب أمريكية فى سوريا بالوكالة عن طريق استخدام جنود أتراك وسعوديين يقومون بغزو برى لسوريا قد يتطور إلى حرب كبرى فى المنطقة وربما ينتهى بحرب عالمية ثالثة لولا رعب القطبين الرئيسيين من حرب عالمية تعنى حتماً انتحاراً متبادلاً.

يحدث كل هذا وأهل المنطقة مفعول بهم يتلقون السلاح الغربى ليتقاتلوا به فيما بينهم، فداعش الإرهابية التى صنعتها ومولتها وسلحتها أمريكا تطمع فى العرش السعودى أو لا حتى يكون للمسيح الدجال أبوبكر البغدادى أمير المؤمنين المزعوم لقب خادم الحرمين كذلك، ومع ذلك يلقى الإرهابى للآن كل معونة مالية وعسكرية من عدة دول سنية رئيسية بالمنطقة.

اللهم أمطر علينا حجارة من السماء أو آتنا بعذاب أليم.

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد