رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ذكريات قلم معاصر

بالصدفة المحضة وقع في يدي كتاب (ذكرياتي) لنجيب محفوظ.... كتبها الزميل الناقد الكبير (رجاء النقاش).... وكانت المفاجأة الكبيرة- علي الأقل بالنسبة لي- هي (وفدية نجيب محفوظ).... وفدي أكثر من الوفديين.... ظهر ذلك بوضوح حينما بدأ الكلام عن ثورة يوليو 52.

يقول نجيب محفوظ بالحرف.... هنا أنقل كلاماً من الكتاب:

(...)

يقول نجيب محفوظ:

في الفترة الأولي من عمر الثورة... كانت مشاعري تنقسم بين الخوف علي استقلال مصر وبين الارتياب في الذين قاموا بالثورة.... ومع مرور الأيام بدأت مشاعري تتغير بعدما وجدت ان الثورة تسعي لتحقيق بعض الآمال التي كنا نسعي لتحقيقها مثل الإصلاح الزراعي وإلغاء الألقاب والاستقلال التام.... كان كل قرار يقربني للثورة.... وكذلك الكثيرون.... وكان لمحمد نجيب دور كبير في ذلك.... والتفاف الناس حول الثورة لما كان يملكه من شخصية بسيطة ساخرة تحمل في طياتها نفس الطابع الشعبي الذي ميز شخصية مصطفي النحاس ففي نفس اللحظة الذي تراه فيها تشعر فيه بالزعامة عكس جمال عبدالناصر الذي كان وجهه متجهماً دائماً لا يعني زعامة أو حباً.

(...)

كان مأخذي الأول علي الثورة هو عداؤها وتنكرها للديمقراطية ولحزب الوفد الذي ظل يجاهد من عام 1919 حتي عام 1952.... وكنت أتعجب من استعانة الثورة ببعض رجال معروف عداؤهم للوفد مثل علي ماهر مثلاً، وهؤلاء الحاقدون علي الوفد بعد أن جعلهم الوفد من الناحية الشعبية لا قيمة لهم أو وزن.... هؤلاء لم يكونوا يستطيعون الوصول إلي السلطة إلا بانقلاب شعبي ضد الوفد.... رغم ان الثورة كانت في أشد الحاجة إلي أساس شعبي.... ولا يوجد أساس شعبي إلا حزب الوفد كان هو الأساس الوحيد للثورة في هذه الأثناء.... قالوا أيامها ان الوفد انضم إليه بعض الفاسدين والإقطاعيين والمنتفعين.... ونسوا ان الوفد يضم نخبة سياسية وشباباً وطنياً متحمساً لمبادئ الاشتراكية والعدالة الاجتماعية وهي نفس مبادئ الثورة التي جاءت لتحقيقها.

(...)

آلمني كثيراً المعاملة السيئة التي لقيها الوفد وزعيمه علي وجه الخصوص.... علي يد قادة الثورة.... ولم أجد ما يبرر هذا سوي الصراع علي السلطة.... كان واضحاً ان الثورة تريد الانفراد التام بالسلطة وكان هذا واضحاً في أزمة مارس والصدام مع الإخوان المسلمين.... وسيأتي هذا بالتفصيل في حينه.

(...)

كنت أتصور أن تستفيد الثورة من القاعدة الشعبية العريضة للوفد خلال الهيئات التي كونتها مثل هيئة التحرير والاتحاد القومي.... مع بعض الوطنيين الأحرار المستقلين.... هذا الحزب برئاسة محمد نجيب أو جمال عبدالناصر فيما بعد ستكون له الأغلبية الساحقة وهي أغلبية الوفد.

وفي اعتقادي ان الثورة إذا كانت قد اتخذت هذا المنحني لتغير وجه تاريخ مصر إلي ما كنا نتمناه.... وضاعت الثورة حينما اتجهت إلي الحكم الفردي.... وأصبحت أخطاء الثورة بسبب غياب الديمقراطية والمشورة.... ثم بدأت الثورة تلقي بالوطنيين الاشتراكيين المخلصين في المعتقلات بمجرد إبدائهم رأياً أو نصيحة. كانت علاقتي الوجدانية بالثورة تنقسم ما بين التأييد والحب وبين النقد الشديد العنيف أيضاً بسبب ضياع الديمقراطية تماماً وتجاهل حزب الوفد وتاريخه الطويل بل ومحاولة هدمه!

كنت أكره بشدة الحكم الفردي والصراع علي السلطة.

ولكن في فترة محددة توحد وجداني في حب الثورة وتأييدها تأييداً مطلقاً.... كان هذا خلال العدوان الثلاثي.... نسيت كل شيء وتوجهت إلي أحد المعسكرات التي أقامتها الثورة وتمرنت علي حمل السلاح.... وهذه قصة أخري في عدد قادم.