رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ألقت ازمة سد النهضة بظلالها علي العلاقات المصرية الاثيوبية التي تربط البلدين منذ قرون طويلة بروابط سياسية ودينية عميقة حيث يمثل نهر  النيل الرابط الأساسي بين البلدين الأفريقيتين الذي تمثل فيه اثيوبيا  احد اهم دول المنبع ومصر والسودان دولتي المصب للنهر الخالد الذي يربط دول حوض النيل بشريان حياة للملايين من شعوب الدول الافريقية وبكل تأكيد تمثل إثيوبيا عمق استراتيجي لمصر حيث من المعروف أن الجانب الأكبر من تصرفات النيل < 85%=""> من هضبات إثيوبيا . 

والعلاقات المصرية الاثيوبية في العصر الحديث ليست وليدة اليوم حيث بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بصدور الامر الملكي رقم 87 لسنة 1927م وبذلك تم انشاء القنصلية المصرية في اثيوبيا  بعد أربعة أعوام من بدأ التمثيل السياسي لمصر في الدول الأجنبية في عام 1923م ومما يذكر أن الاتفاقية التي تحكم تنظيم مياه النيل بين أثيوبيا ومصر قد أبرمت فى 1902م وتقضى بالا تقوم أثيوبيا ببناء أي سدود أو خزانات على بحيرة تانا أو النيل الأزرق من شأنها أن تؤثر على تدفق مياه النيل إلى مصر وقد أعلنت أثيوبيا تنصلها من هذه الاتفاقية بحجة أنها أبرمت فى ظل أنظمة استعمارية .

والعلاقات المائية بين البلدين تنظمها خمس اتفاقيات ثنائية وهى بروتوكول روما الذي تم توقيعه في عام في 1891م بين بريطانيا وإيطاليا التى كانت تحتل إثيوبيا وفيه تعهدت إيطاليا بعدم إقامة أية منشآت لأغراض الرى على نهر عطبرة يمكن أن تؤثر على تصرفات النيل واتفاقية أديس أبابا التي تم توقيعها عام 1902م بين بريطانيا وإثيوبيا  وتعهدت فيها  إثيوبيا بعدم إقامة أية منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل إلا بموافقة الحكومة البريطانية أو الحكومة السودانية .

اتفاقية لندن التي تم توقيعها عام 1906م بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وتم فيها الاتفاق على أن تعمل هذه الدول على تأمين دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر ثم تم توقيع اتفاقية روما عام 1925م وفيها تعترف إيطاليا بالحقوق المائية لمصر والسودان فى مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما كما تتعهد بعدم إجراء أية شغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة للنيل الرئيسي واتفاقية القاهرة عام 1993م وتعهدت مصر وإثيوبيا فيها بعدم قيام أي من الدولتين بعمل أي نشاط يتعلق بمياه النيل قد يسبب ضرراً بمصالح الدولة الأخرى وضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها، واحترام القوانين الدولية والتعاون بين الدولتين بغرض إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقليل الفاقد منها .

واستمر هذا الوضع حتي عام 1948م حيث توصلت كل من الكنيستين القبطية والإثيوبية إلى اتفاق مهد لانفصال واستقلال الكنيسة الأثيوبية حيث قام بابا الإسكندرية في ذلك العام برسامة خمسة أساقفة لهذه الكنيسة وفوضهم بانتخاب بطريرك جديد لهم يكون له السلطان لاحقا لرسامة أساقفة جدد لكنيسته وقد اكتملت الاتفاقية عندما قام البابا يوساب الثاني بإقامة المطران الانبا باسيليوس رئيس أساقفة على الكنيسة الأثيوبية وهو من أصل أثيوبي في عام 1951م وبعد ذلك عام 1959م قام البابا كيرلس السادس رسامة الانبا باسيليوس كأول بطريرك على الكنيسة الاثيوبية الأرثوذكسية .

ولكن رغم ذلك استمرت العلاقات الوثيقة بين الكنيستين والدولتين نتيجة العلاقات القوية التي كانت تربط بين الامبراطور هيلاسلاسي والرئيس الراحل جمال عبد الناصر من ناحية وبين الامبراطور والراحل البابا كيرلس السادس من ناحية اخري واستمر الوضع كذلك حتي عام 1974م حينما سقط حكم الإمبراطور هيلا سيلاسي حيث تم فصل الكنيسة في إثيوبيا عن الدولة وبدأت حكومة إثيوبيا الجديدة الماركسية بتأميم الأراضي بما في ذلك أراضي الكنيسة وفي عام 1976م اُعتقل البطريرك ثيوفيلوس بطريرك الكنيسة الاثيوبية من قبل السلطات العسكرية وتم إعدامه بسرية في وقت لاحق من ذلك العام وقد عادت العلاقة بين الكنيسة القبطية المصرية والكنيسة الاثيوبية < كنيستين="" شقيقتين=""> بعد سقوط الحكم الشيوعي وتوطدت مرة اخري بعد زيارة الراحل البابا شنودة الثالث الي إثيوبيا عام 2008م . 

تلك الروابط الاستراتيجية والتاريخية والسياسية والدينية يجب ان تكون عوامل أساسية في تخطي أي شائبة في العلاقات بين البلدين اللذان يرتبطان بمصير مشترك في الماضي والحاضر والمستقبل من خلال نهر النيل ومن وجهة نظري تمثل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأثيوبيا للمشاركة في اعمال القمة الافريقية بداية جديدة للعلاقات بين البلدين قائمة علي حفظ حقوق مصر في مياه نهر النيل والتي تدرك إثيوبيا جيدا ان مصر لن تفرط فيها بأي ثمن لأنها تمثل شريان حياة للمصريين وقد استطاع الرئيس خلال الزيارة كسر العديد من الحواجز من خلال القاء الناجح مع رئيس الوزارة الاثيوبي واللقاء مع ممثلتي وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبي وهي لقاءات تمثل بداية حقيقية لنجاح الدبلوماسية المصرية للوصول الي اتفاق يحفظ حقوق الدولتين في مياه نهر النيل .

أخيرا ... بالروابط التاريخية وبالطرق الدبلوماسية ا التي يقودها الرئيس الرئيس عبد الفتاح السيسي بمهارة فائقة مع العمل علي التعاون المشترك في العديد من المشاريع  المشتركة بين البلدين في مجالات المياه والطاقة والثروة الحيوانية والسمكية وغيرها من المشروعات  سيتم التوصل لاتفاق حول سد النهضة يضمن مصالح مصر المائية ومساعي إثيوبيا التنموية .

[email protected]