رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

تحت هذا العنوان نشر الكاتب المتميز توني كرتلوتشي في 9 ديسمبر علي موقع «انفورميشن كليرنج هاوس» تفاصيل العبث الذي تفعله أمريكا بسوريا.

يقول «كرتلوتشي»: إن سلسلة من الاستفزاز ضد روسيا وسوريا مخطط لها أن تبدو حوادث منعزلة ولكن الحقيقة أنها تكون ما يسمي «مهمة التسلل» الي ما قد يصبح تدخلا كاملا من أمريكا في سوريا وخلفية المسألة أنه كان واضحا  سنة 2011 أن أمريكا تريد تغيير نظام الحكم في سوريا كما فعلت في ليبيا. كان واضحا أنها ساندت بقوة متطرفين طائفيين مسلحين للقيام بهذه المهمة أما ما لم يكن واضحا لصانعي السياسة الأمريكية علي الأقل فهو إصرار الحكومة السورية والجيش والشعب السوري علي هزيمة المخطط الأمريكي الذي اكتشف أمره سنة 2007، الصحفي الشهري سيمور هيرش في مقال بجريدة «النيويورك» تحت عنوان «تغيير الاتجاه». فقد كشف «هيرش» فيه أن أمريكا والسعودية وإسرائيل مصممة على بناء جيش من المتطرفين الطائفيين المنتمين أو المتعاطفين مع تنظيم القادة بهدف زعزعة وإسقاط سوريا وإيران.

وبحلول سنة 2011 بعد قضاء حلف الناتو علي ليبيا كانت أمريكا مشغولة بنقل الأسلحة والإرهابيين من بنغازي وشرق أوروبا الي تركيا حيث يتمركزون ويتدربون ويتسلحون ثم يرسلون لغزو سوريا.

ولما واجهت الحكومة السورية هذه الحرب الأمريكية بالوكالة في عدة مراحل، تمت محاولات أمريكية للتدخل المباشر تماما كما حدث في ليبيا ولكن محاولات إنشاء مناطق آمنة في شمال سوريا أو القيام بهجوم جوي علي الجيش السوري نفسه كانت تعترضها الحقائق علي الأرض ومساعدة حلفاء سوريا وهي روسيا والصين وإيران لها.

وعندما دخلت روسيا ميدان الصراع تغيرت الحسابات جذريا، فاحتمالات تدخل الغرب مباشرة ضد سوريا أصبحت معتمة تماما وما تم افتضاحه كمعركة أمريكا الصورية ضد دولة «داعش» المزعومة أدي الي حرب حقيقية بقيادة روسيا ضد العصابات الإرهابية وفروعها المختلفة في سوريا وبالتنسيق مع القوات السورية علي الأرض وبسرعة كبيرة تكشفت المصادر الحقيقية لقدرة «داعش» القتالية التيكانت خطوط تموين من عضو حلف الناتو تركيا ومن أرضها التي يحميها حلف الناتو منذ بداية الصراع، تعرضت خطوط التموين هذه للتهديد. وتقوم الطائرات الحربية الروسية حاليا بطلعات علي الحدود مباشرة تدمر فيها القوافل المتجهة الي «داعش» قبل أن تستطيع هذه القوافل تسليم حمولتها من الأسلحة والإرهابيين المجندين حديثا إلي «داعش» كما قامت القوات السورية بتحقيق تقدم واضح عند الحدود التي لم يكونوا يستطيعون الاقتراب منها سابقا بسبب حراسة حلف الناتو لها، وقد اقتربت نهاية اللعبة ومحاولة منع هذه النهاية بدأت أمريكا وحلفاؤها المحليون بالقيام بسلسلة من الاستفزازات بهدف أن يمد الغرب أقدامه أعمق في الحرب الدائرة في المنطقة وخاصة ضد روسيا وسوريا.

كانت أول الاستفزازات إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية داخل المجال الجوي السوري، ثم قيام الإرهابيين المؤيدين من تركيا بقتل أحد طياريها خلال هبوطه بالمظلة بعد إسقاط الطائرة وهي جريمة حرب مكتملة، ثم التربص بمجموعة إنقاذ للطيار وقتل أحد أفرادها، وبينما حاولت أمريكا في العلن التباعد عن العمل التركي فقد كان واضحا للجميع أن تركيا لم تكن لتجرؤ علي القيام بمثل هذا العمل قبل التنسيق مع أمريكا مباشرة، وخلال الأيام والأسابيع السابقة علي هذه الحادثة نادي أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي علنا بإسقاط الطائرات الروسية في سماء سوريا، وكان هدفهم واضحا منذ سنة 2011، وهو إسقاط الحكومة السورية قبل التفرغ لإيران وأخيرا لروسيا والصين.

ثم حركت تركيا قوات ومدرعات ثقيلة إلي شمال العراق لتبدأ ما أسمته احتلالا دائما له، وقد قامت بهذه التجربة لتحقيق هدفها المهم بإنشاء منطقة آمنة خططت لها أمريكا وحاولت تنفيذها في شمال سوريا منذ سنة 2012، علي الأقل وتفيد التقارير حاليا بأن أمريكا قد أغارت علي قوات الجيش السوري قرب مدينة دير الزور في إقليم دير الزور، وهناك تقارير غير مؤكدة بأن الغارات الأمريكية قد قتلت عددا من الجنود السوريين وتلت الغارات الأمريكية هجمات علي الجيش السوري من عصابات «داعش» بالتنسيق مع الغارات الأمريكية وقد نشرت جريدة «الاندبندنت» البريطانية في مقال لها ما يلي: «تقول سوريا إن الغارات التي تقوم بها قوات التحالف بقيادة أمريكا ضد قوات نظام «الأسد» عمل عدائي يهدف لأول مرة الجيش السوري وقد نتج عنها قتل ثلاث جنود سوريين علي الأقل وتدمير عدد من الآليات العسكرية وقد أذاعت الحكومة السورية أن أربع طائرات أغارت علي معسكرات الجيش السوري في «سايجا» بإقليم دير الزور، وتعتبر الحكومة السورية ذلك عملا عدوانيا ضدها من قوات التحالف.

وسواء كانت التقارير عن الهجمات المضادة صحية أم لا فيبدو أن الغارات الأمريكية قد حدثت فعلا، وبينما تنكر أمريكا القيام بهذه الغارات فقد رفضت التنسيق مع الجيش السوري في كل طيرانها غير المشروع في المجال الجوي السوري، وفي واقعة إسقاط الطائرة الروسية كان أعضاء الشيوخ الأمريكيون متحمسين لقيام الطيران الأمريكي بمهاجمة القوات السورية كانتقام من قيام الطيران الروسي بمهاجمة الميليشيات التابعة لأمريكا في المنطقة،وبمحاولة أمريكا وحلفائها تطبيع العدوان علي المجال الجوي لدول أخري وعلي أراضيها، وقيامها بتطبيع الهجمات علي قوات لا علاقة لها بحملتها المزعومة ضد عصابة «داعش» فإننا نري أسلوبا يتطور نحو المواجهة المباشرة  بين الغرب وسوريا ويتضمن طبعا المواجهة المباشرة مع حلفاء سوريا كذلك.

وقد شجع عجز سوريا وحلفائها عن حماية أرضها من العدوان علي تمادي المعتدين في عدوانهم، وحقيقة أن طائرات أمريكا الحربية مازالت تنتهك بانتظام المجال الجوي السوري ومعها طائرات فرنسا وبريطانيا والواضح تماما أن الغرب لا ينوي بجدية مواجهة الخطر الإرهابي الذي صنعه الغرب نفسه في الواقع، وتردد سوريا وحلفاؤها في حسم الموقف بمواجهة صريحة تعني حتمية وضع خط أحمر في مواجهة الغرب وفرضه بالقوة. صحيح أن هذا الخط الأحمر سيكون مخاطرة كبيرة لو أعلنت سوريا أن مجالها الجوي وأرضها محظوران علي أي قوات أجنبية دون إذن سوري، صحيح أن سوريا لها الحق القانوني في فرض هذا الخط الأحمر، ولكن ذلك يتطلب من سوريا وحلفائها إسقاط أي طائرة غربية تدخل المجال الجوي السوري، ولو حدث ذلك فإن الغرب سيقوم بغزو شامل لمناطق محددة من سوريا لا تحميها قوات سوريا وحلفاؤها حماية كافية والنتيجة هي تقسيم سوريا الي إمارات.

ولكن الخطوات التي تتخذها سوريا وحلفاؤها مؤخرا أدت الي توسع المنطقة التي يسيطر عليها الجيش السوري ويقلص فرص حلفاء الغرب مما يؤدي الي فرض سيطرة الحكومة السورية تدريجيا علي كل سوريا وإعادة الزحف الأمريكي الي الخلف فهناك كروت في  يد سوريا وحلفائها وضمنها توسيع مشاركة إيران والصين في الحرب إذا دعت الضرورة لذلك، وستكون النتيجة رفع التكلفة العسكرية جدا علي الغرب، وعلينا أن نتذكر أنه بصرف النظر عن الدعاية الغربية المتصاعدة فإن هدف الغرب الأوحد من هذه الحرب بالوكالة ضد سوريا هو إسقاط نظامها، ثم التقدم لإسقاط النظام  الإيراني قبل التفرغ لروسيا والصين.

من المحتمل أن الغرب لن يتوقف قبل أن يجبر علي ذلك تكتيكيا واستراتيجيا واقتصاديا وسياسيا ولذلك علي سوريا وحلفائها خلق واستخدام القوة اللازمة لتنفيذ هذا الهدف وإجبار الغرب عليه.

وإلي هنا ينتهي هذا التحليل الدقيق الذي ينذر بانزلاق العالم نحو حرب عالمية نووية ولكن ثقتنا أن الغرب لن يجرؤ علي انتحار متبادل وأن دول أوروبا حليفة أمريكا تدرك جيدا أن أي حرب واسعة النطاق ستكون أساسا فوق أرضها يجعلنا نطمئن الي تراجع الغرب عن حافة الهاوية.

الرئيس الشرفي لحزب الوفد