رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أنوار الحقيقة

من أشهر ما عُبر به عن الديمقراطية القول بأنها نظام «حكم الشعب بواسطة الشعب ولصالح الشعب» ويتفرع على هذا التقريب أن تنقسم الدولة الديمقراطية إلى سلطات ثلاث: «التشريعية والتنفيذية والقضائية» وهى سلطات يستقل بعضها عن الآخر رغم تواجد تعاون واسع بينها، ولأن الشعب هو مصدر جميع السلطات فإن السيادة على الوطن هى للشعب وحده، وأن الدولة مسئولة عن تحقيق الأمن فى الداخل وبالخارج، مع حسن إدارة المرافق العامة المختلفة من مياه وكهرباء ومواصلات وطرق وصرف صحى وحماية وعلاج المواطنين من الأمراض مع إنقاذهم ورعايتهم فى حالة الحوادث والكوارث والنكبات العامة وذلك فضلاً عن حسن تنظيم وإدارة مرفق التعليم بكافة أنواعه ومستوياته... إلخ.

ويجب دائماً أن تستمر الدولة بسلطاتها الثلاث فى أداء واجباتها بانتظام أو اطراد ومن غير ثالثة إذا تم حل البرلمان وعدم وجوده لأسباب أخرى، وهو المسئول عن السلطة التشريعية والرقابة على السلطة التنفيذية، فإنه لا توقف العملية التشريعية فى البلاد بل يجب أن تصدر من السلطة التنفيذية القرارات بقوانين ويتولى هذه السلطة رئيس الدولة، والسلطة التنفيذية.

ويتولى الرئيس هذه السلطة التشريعية طوال فترة غياب البرلمان سواء بسبب الحل أو لأى سبب آخر، غير أنه إذا تم اجتماع البرلمان بعد غياب تعود إليه السلطة التشريعية التى تنبسط على ما سبق لرئيس الدولة إصداره بقرارات بقوانين فى غيبة المجلس النيابى ولهذا المجلس كامل السلطة فى المراجعة لهذه القرارات بقوانين واعتمادها والموافقة عليها وكذلك بتعديلها أو إلغائها ورفضها أو تعديل أحكامها... إلخ.

وتطبيقاً لهذه المبادئ الدستورية العامة فإن المادة 156 من الدستور الحالى قد قضت بأنه فى حالة غياب البرلمان يجوز لرئيس الجمهورية فى الحالات الضرورية أن يصدر قرارات بقوانين لتنظيم الشئون العامة للدولة مع مراعاة أحكام الدستور ويجب حتماً على السلطة التنفيذية فور عودة البرلمان إلى الانعقاد إحالة جميع القرارات بقوانين التى صدرت عن السلطة التنفيذية فى غياب مجلس النواب وذلك خلال الخمسة عشر يوماً التالية لانعقاد البرلمان، وذلك للنظر والدراسة وتقرير ما يشاء مجلس نواب الشعب مصدر السلطات جميعاً، أى أنه يجب أن تتم الدراسة والبحث فى مصير هذه القرارات بقوانين خلال فترة الخمسة عشر يوماً المذكورة آنفاً!!

وهذا القيد الزمنى أمر مستحدث فى دستور لجنة الخمسين، إذا إن كل الدساتير المصرية السابقة كانت تقضى فقط بإلزام السلطة التنفيذية مثله فى رئيس الجمهورية بإحالة كل هذه القرارات بقوانين إلى مجلس النواب خلال مدة قصيرة من بدء الاجتماع الأول للمجلس النيابى ولأن البرلمان يملك السلطة التشريعية الأصيلة فلم تكن لهذه الدساتير السابقة تنص على وجوب دراسة وتقرير ما يراه البرلمان بشأنها خلال فترة معينة فى الدستور ليكون للبرلمان الحرية فى ممارسة سلطاته الأصلية بالنسبة لهذه القرارات بقوانين.

وبناء على ذلك فإنه نظراً لإصدار كل من الرئيسين المؤقت عدلى منصور وعبدالفتاح السيسى المئات من هذه القرارات بقوانين فى غياب مجلس النواب فإن اشتراط المادة 156 من الدستور الحالى أن يتم البحث والمناقشة والبت فى هذه القرارات بقوانين خلال الخمسة عشر يوماً آنفة الذكر وقد يكون السبب فى إيراد لجنة الخمسين التى وضعت الدستور فى إيراد هذا الشرط الزمنى المقيد لمجلس النواب الحاجة إلى سرعة إعمال شئونه فى هذه القرارات بقوانين وهذا الأمر واجب وإنما لا يمكن اعتداده منطقياً وعملياً أن تتم دراسة ومراجعة وإقرار أو رفض أو تعديل هذه القرارات كلها أو بعضها من مجلس النواب خلال هذه المدة القصيرة جداً خاصة أن القرارات بقوانين المذكورة قد تجاوز عددها إلى 350 قراراً بقانون وقد تكون تحديد هذه المدة القصيرة نتيجة عدم توقيع المشرع الدستورى إصدار كل هذا العدد من القرارات بقوانين المنظمة للعديد من الأمور والشئون العامة الخطيرة فى الدولة!! مثل القرار بقانون بشأن مجلس القوات وتنظيم الانتخابات والحقوق السياسية والتظاهر ومكافحة الإرهاب والخدمة المدنية.. إلخ، وفى رأيى أنه يمثل ما قرره الدستور فى المادة 156 جهل لجنة الخمسين وسوء تقديرها للعدد المتوقع من القرارات بقوانين وهى منشورة بالطبع بالجريدة الرسمية ولا يخفى على اللجنة وقت إعداد الدستور وعموماً فإن المأزق الدستورى والسياسى الذى انطوت عليه تلك المادة يمثل ضرورة وجود عمل دستورى لهذه الأزمة حتى لا تبطل هذه القرارات بقوانين مع زوال أثرها من تاريخ صدورها، وبمقتضى أحكام المادة 156 المذكورة آنفاً فإن مدلولهم ينقسم إلى شقين أولهما تحتيم الإحالة للقرارات بقوانين المذكورة إلى مجلس النواب خلال الخمسة عشر يوماً وإلا زال أى أثر لهذه القرارات بقوانين والشق الثانى أنه يجب أن تتم الدراسة والنظر والتقرير بشأن هذه القرارات بقوانين والبت فيها بواسطة مجلس النواب خلال الخمسة عشر يوماً المذكورة وإلا زال كل أثر لها ولا يوجد خلاف فى الرأى بالنسبة للشق الأول من المادة المذكورة فهى تحتم سرعة إحالة القرارات بقوانين آنفة الذكر إلى المجلس، أما الرأى بالنسبة للشق الثانى فهو الشق محل النظر واختلاف الرأى، حيث قال البعض إن هذه القرارات بقوانين التى صدرت قبل صدور الدستور الحالى التزام فى إحالتها لمجلس النواب، ولقد اقترحت وهذا ما وافق عليه المجلس أن يكون حل هذه المشكلة بأن يقرر مجلس النواب بالموافقة مبدئياً على كل هذه القرارات بقوانين أو أغلبيتها وأن تكون للبرلمان سلطة تعديلها أو إلغائها بعد ذلك دون التقيد طبعاً بأية مدة إعمالاً لسلطة مجلس النواب الأصيلة على السلطة التشريعية مع الرفض حسبما يراه المجلس خلال الخمسة عشر يوماً المذكورة لما يتبين أنه غير صالح مبدئياً فى كل أو بعض أحكامه خلال فترة الخمسة عشر يوماً ومثال ذلك ما انتهت إليه لجنة القوى العاملة بالمجلس بالنسبة للقرار بقانون الخاص بالخدمة الوطنية حيث لا يوجد أدنى شك فى أن لمجلس النواب السلطة الكاملة أن يقرر ما يراه من هذه القرارات بقوانين تعديلها خلال الخمسة عشر يوماً آنفة الذكر وبالتالى فإنه قد تم هذه المشكلة فى المادة 156 من الدستور التى تعد واحدة من المشاكل الدستورية والصياغية فى مواد هذا الدستور وسوف يكشف هذه العيوب فى مواد عديدة أنه فى نطاق التطبيق وسوف نتعرض لها فى حينه. والله ولى التوفيق.

رئيس مجلس الدولة الأسبق