عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كنا قد تناولنا فى مقالنا السابق للمرة الرابعة على التوالى، ضمن سلسلة (أمننا القومى والاختراق الإسرائيلى لإفريقيا ) الدور التاريخى الذى لعبته الدولة الصهيونية فى التخطيط وتنفيذ وإثارة الأزمة المتعلقة بـ«سد النهضة» ما بين مصر وإثيوبيا، وتوقفنا على أن نستكمل ونناقش الدور المصرى، وما قامت به القيادة  المصرية الحالية فى هذا الشأن؟ وما هو دورها القادم فى التعامل مع كافة جوانب هذه الأزمة الخطيرة التى تهدد الأمن المائى المصرى، بل وتهدد حياة ووجود المصريين. 

 يقولون إن (معرفة المشكلة هى نصف الحل)، ولعلنا ندرك أن الدور المصرى فى إفريقيا قد شهد فتوراً وتراجعاً كبيراً فى سياق تراجعه العام وتأثيره فى الدوائر «العربية والإقليمية والإفريقية» فى العقود الاخيرة. وتعتبر الدائرة الافريقية أخطر الدوائر الحالية، لارتباطها بأمننا المائى، وقد تحدثنا سابقا عن إهمال مصر لعلاقاتها الإفريقية عامة،ودول حوض النيل خاصة، وإثيوبيا خصوصا بعد حادثة الاغتيال التى تعرض لها الرئيس الأسبق «مبارك» عام 1995م، إلى أن تلاشى دورنا تدريجيا هناك، واقتصرت العلاقات المصرية - الافريقية على حدود «التكلفة والعائد»، بعد أن كانت مصر فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر هى الداعمة لاقتصاديات دول القارة، والمساندة  لقضايا التمييز العنصرى، وحركات الكفاح الوطنى التحررية، وأنشأت منظمة الوحدة الإفريقية و...... وقد أدى تراجع الدور المصرى إلى ابتعاد الدول الإفريقية  وضعف تأثيرنا على حكوماتها، وبدا ذلك جلياً فى موقف دول حوض النيل غير المساند أو الداعم لنا فى أزمة «سد النهضة».

وما أصعب البناء بعد الهدم! فالتركة ثقيلة جدا، محملة بأعباء جسام، وتحتاج لمجهودات شديدة ووقت طويل لجنى الثمار، كما أننا لا نمتلك رفاهية الوقت. إلا أن مصر الآن بقيادتها الحالية تبذل كل الجهد للحفاظ على حصتها البالغة 65 مليار متر مكعب من مياه النيل، وحسنا تفعل القيادة، التى أولت اهتماما كبيرا بالقارة، فقامت الخارجية المصرية بالعديد من التحركات لتدعيم المصالح الإفريقية: فقد استضافت مصر قمة التكتلات الإفريقية الثلاثة، وأيضا شاركت فى قمة التعاون بين دول جنوب إفريقيا(للشراكة وإقامة المشروعات التنموية لصالح الدول الإفريقية بخبرات مصرية)، إضافة لترأس الرئيس لجنة الرؤساء الافارقة الخاصة بالمناخ فى قمة باريس(مما جسد الدور القيادى لمصر من جديد على الساحة الإفريقية، وطالب بتطوير مبادرة خاصة بالطاقة المتجددة فى إفريقيا)، كما تم تكثيف زياراته للسودان وإثيوبيا، وذهب للبرلمان الإثيوبى وخاطب نوابه عن التعاون بين البلدين، .... ونتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من العلاقات الثنائية، خاصة مع رغبة مصر فى الحصول على مقعد دائم فى مجلس الأمن ممثلة لإفريقيا، مما يتطلب تخطيطاً وتنسيقاً مع حكومات الدول. فالرئيس يتحرك وفقا لاستراتيجية معدة، وفى إطار أن إفريقيا أمن قومى لمصر.

وقد طمأننا الرئيس بخصوص أزمة «سد النهضة» قائلا (أعرف أنكم قلقون وأنا معكم فى هذا القلق ولكن أقول لكم الأمور تسير بشكل جيد ومطمئنة....مضيفاً... صحيح أن المياة حياة أو موت...لكن ...نحن نتفهم أنهم يريدون أن يعيشوا كما نريد نحن أن نعيش....وأشار إلى أن المفاوضات تهدف الى تحقيق المصلحة المشتركة). 

وعموماً فمصر لديها طريقان فى التعامل مع الأزمة، إما التعاون أو العداء، والأخير سيكون بالخيار العسكرى، لكنه سيبقى خياراً من الخيارات، وليس حلاً مطروحاً أبداً على الساحة الآن، حتى لا نخسر التعاطف الدولى، وقد يفسر بأنه عدوان. وفى هذا السياق فقد اختارت مصر التعاون، فالقاهرة قادرة على إدارة الأمر سياسيا، وتحاول الآن باستخدام المفاوضات والدبلوماسية الناعمة والخشنة، أن تضع اتفاقيات تلزم جميع الأطراف، فـ«وثيقة إعلان مبادىء سد النهضة» التى وقعت عليها مصر مع السودان وإثيوبيا فى مارس الماضى، تضمنت حق المحافظة على حصة مصر كاملة من المياه، والعمل على عدم الإضرار بها مستقبلا, وشرط موافقة القاهرة أولا حالة الإقدام على عمل يخل بحصتها.... فالوثيقة تضمنت مبادئ عدم الإضرار والتعاون والاتفاق على قواعد الملء الأول للسد والتشغيل السنوى وآلية التنفيذ قبل الشروع فى الملء.

ونستكمل الأسبوع المقبل بإذن الله.......