رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

نشر الكاتب المعروف «رايمون بيكر» على موقعه يوم 26 سبتمبر تحت هذا العنوان مقالاً غاية فى الأهمية نعرضه على القارئ قبل التعليق عليه.

يقول «بيكر»: إن مقاله يغطى الأكاذيب والدعاية والقصة الحقيقية لأمريكا والعالم الإسلامى، فالدعاية الأمريكية تبالغ فى قوة العدو الإسلامى وسطوته الروحية وذلك لخدمة الإمبراطورية الأمريكية، فأمريكا فى حالة حرب مع إسلام متوهم ومختلف تماماً من صنعها لا علاقة له بالإسلام الوارد فى القرآن.. ولتبرير الصورة لهذا الخطر الإسلامى المتوهم فإن الدراسات الأكاديمية للحركات الإسلامية لا تفيدنا فى هذا المجال، وحتى دراسة تاريخ العالم الحقيقى والممارسات الإمبراطورية قيمتها محدودة فى فهم الحقيقة لما يحدث ما لم نفهم أبعاد الإسلام. فالمشروع الإمبراطورى الأمريكى لا يمكن فهمه بوضوح دون فهم معانى هذا الإسلام المتوهم، والمهمة ليست سهلة لأن الإسلام المتوهم ليست له ملامح واضحة سهلة الفهم. فهو خليط معقد يعكس أوهاماً إمبراطورية وخطراً متوهماً عليها ولذلك فهو خليط صعب.

فالإسلام المتوهم بعكس الإسلام نفسه والحركات السياسية المنسوبة إليه لا وجود له خارج نطاق المصالح الإمبريالية التى صنعته، فليست له حقيقة تاريخية أو ثقافية مستقلة خارج نطاق دوره المرسوم له كخطر داهم على مصالح الغرب العالمية، والإمبراطورية الأمريكية بدورها محتاجة لعدو يهددها وهو حالياً إسلام صنعته أوهامها حتى تبرر به مشروعها التوسعى الذى لا يجوز الاعتراف بوجوده أو الحديث عنه، فالمتوهم والحلم الإمبراطورى يدوران معاً، والحاجة لوجود خطر على الإمبراطورية تتغير بمرور الوقت، فالإسلام المتوهم يعيد تشكيل نفسه حسب حاجة الإمبراطورية، فالمتوهم والإمبريالية يدوران معاً فى رقص الذئب والضحية ويتبادلان دور الذئب والضحية، وفى النهاية يكون المتوهم هو المسيطر على فكرنا والمحدد لسياساتنا.

وليست فكرة تبادل الأدوار بين الإسلام والإمبريالية بفكرة غريبة كما يبدو من أول وهلة، فالدارسون يعرفون أن تبادل الأدوار بين الإسلام والإمبريالية له سوابق عديدة، ويزودنا إدوارد سعيد بنقطة بداية مفيدة فى تحليل هذه العلاقة التبادلية قائلاً إننا نعيش فى عصر إسلامات عديدة، وهو نفس عصر الإمبراطورية الأمريكية الوحيدة.. ويضيف أن الإسلام والإمبراطورية لهما تاريخ تداخل متشابك والقول السائد بصدام حضارات بين العالم الإسلامى والغرب يبرز الجذور الأيديولوجية للإسلام الشديدة المقاومة للهيمنة الأمريكية على العالم بشرط أن نعترف بأن النزاع له أسباب سياسية واقتصادية، ومع ذلك فنفس هذا التعريف يطمس تاريخاً من التعاون الوثيق بين الإسلام وأمريكا، فالسيطرة الإمبريالية الأمريكية كان لها دائماً بعد إسلامى متعاون، ومن النادر حالياً الاعتراف بأن البعد التعاونى مهم على الأقل لفهم العلاقة حالياً بين الإسلام والغرب فى مواجهة رصيد أمريكا فى الهيمنة ومقاومتها للمعارضة التى تمثلها المبادئ التى يوجهها الإسلام فى الوقوف فى وجه هذه الهيمنة الأمريكية.

وقد تبنت أمريكا لعقود طويلة نوع الإسلام الذى تفضله، وهذه الإسلامات المفضلة لديها هى جزء من الإسلام من قصة الإسلام المتوهم، ولم تكن نتائج هذه الإسلامات المفضلة لديها هى ما كانت تريده فى المدى الطويل على الأقل، فكثيراً ما تضمنت العنف الذى ارتد إليها فى النهاية وإلى أتباعها، ورغم ذلك يبقى صحيحاً أن الإسلامات التى فضلتها أمريكا كانت معادية لمشروعات أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، ففى نهاية تلك الحرب دخل الرئيس رزفلت فى اتفاق تاريخى مع الأسرة السعودية الحاكمة، ففى مقابل تميز أمريكا فى النفط السعودى ضمنت أمريكا حماية سلطة الأسرة الحامة معلنة أن الدفاع عن السعودية مصلحة حيوية لأمريكا، ولم يكن الحلف بين البيت السعودى والوهابية فى القرن الثامن عشر عقبة أمام أمريكا، فتأييدها لكل القمع السعودى مكن الأسرة الحاكمة من فرض سيطرتها على البلاد، رغم عداء الإسلام العميق للنظام الملكى، كما مكنت من تفسير الإسلام بما يمكن الأسرة الحاكمة من السيطرة التامة على السعودية، كما مكنها عائد النفط من السطوة فى العالم كقوة رجعية قوية، وأثبت إعلان الأسرة الحاكمة أنها حامية الأماكن المقدسة فى مكة والمدينة أنه غطاء كاف للقمع الذى تؤيده أمريكا، وقد مكنت هذه العلاقة الخاصة أمريكا من التغلب على منافسيها الأوروبيين فى السيطرة على نفط الشرق الأوسط كما مكنت من صلابة العلاقة الخاصة بين أمريكا وإحدى أكثر القوى الرجعية فى العالم الإسلامى بل العالم أجمع.

وقد لعب هذا الإسلام الخاص دوراً حيوياً فى المنافسة الجيوسياسية التى تلت مع الاتحاد السوفيتى فى خمسينات وستينات القرن الماضى، واستخدمت أمريكا عمداً الإسلام الوهابى لمواجهة القومية العربية التقدمية، وقد أبدى التقدميون العرب رغبتهم فى التقارب مع السوفييت مقابل مساعدتهم فى الاستقلال عن الغرب وبذلك هددوا مشروع الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط ومنابع نفطه، وقد شخص هذه القومية العربية بقوة جمال عبدالناصر الذى اختار طريق تنمية مستقلة تهدد مصالح أى قوة استعمارية، ولكن مزيجاً من الضربات الخارجية والزعزعة الداخلية أنهى هذه القومية العربية فى أواخر الستينيات، ولم تجد أمريكا ضرراً عندما عمل نظام عسكرى بغطاء دينى محل نظام عبدالناصر وأدخل مصر فى الفلك الأمريكى، فمثل هذه الأنظمة يأتيها التهديد لسلطتها من اليسار ومن ذكريات التقدم المادى والمعنوى بين الجماهير خلال فترة ازدهار القومية العربية، ولم تكن الأنظمة التى تلت أقل قمعاً من سابقتها، وكانت مصر نموذج الرئيس المؤمن أنور السادات الذى طرد السوفييت الكفرة وفتح مصر للتغلغل الأمريكى ورحب بعودة الإسلاميين للعمل السياسى لمواجهة اليسار الكافر، ورحبت أمريكا بالسادات والإسلام المستأنس الذى أغرق السادات فى النهاية، فقد كان استسلامه لأمريكا ولإسرائيل بالنسبة للقضية الفلسطينية سبب قيام المتطرف خالد الإسلامبولى باغتيال السادات فى 6 أكتوبر سنة 1981 وهو يصرخ «الموت للفرعون».

وعندما انزلق الاتحاد السوفيتى فى مستنقع أفغانستان سنة 1979 لجأت أمريكا لنوع جديد من الإسلام السياسى للتعجل بهزيمة السوفييت، فشجعت مخابراتها بمساعدة حلفائها المحليين بالمال والسلاح على تجنيد المتطرفين الإسلاميين فى كل العالم الإسلامى وضمنهم أسامة بن لادن وأغرقتهم بموارد وأسلحة هائلة بالمليارات ونجحت فى هزيمة السوفييت وتفكك الاتحاد السوفيتى فى النهاية، ولم تكن هذه المساهمة لمساعدة الهيمنة الأمريكية آخر أو حتى أكبر مساعدة من التطرف الإسلامى لأمريكا، فقد انتشرت عصابات التطرف حتى نالت أمريكا فى 11 سبتمبر سنة 2001 انتقاماً من سياسة أمريكا فى الشرق الأوسط، وقد اتخذ المحافظون الجدد فى أمريكا هذه الأحداث لخدمة خططهم التوسعية فقد قدم لهم الإسلام المتطرف العدو الذى كانوا يحتاجون لتوسعهم واستخرجوا كل الرعب التاريخى من المخيلة الغربية ضد الإسلام وانتهوا إلى صدام الحضارات لإرهاب الشعب الأمريكى.

يقوم الإسلام المتوهم حالياً بخدمة المشروع الإمبراطورى الأمريكى على أكمل وجه، وتفصل الدعاية الغربية تماماً بين أحداث 11 سبتمبر وسياسة أمريكا فى الشرق الأوسط، لتسقط طالبان وتحتل العراق وتمكن إسرائيل من حل القضية الفلسطينية بالقوة، وكان أصدق تعبير عن المخطط بحث 1996 عنوانه «الفصل الواضح» استراتيجية جديدة لحماية أهدافنا نشرها معهد الدراسات السياسية المتقدمة، منادياً بإنهاء عملية السلام وضم الضفة الغربية لإسرائيل ومعها غزة، وإسقاط صدام حسين كمقدمة لتغير نظم الحكم فى سوريا ولبنان والسعودية وإيران، وأصبح واضعو البحث أكبر اللاعبين فى إدارة بوش.

وإلى هنا ينتهى هذا العرض التفصيلى لما حدث ويحدث لنا وما يجرى تنفيذه حالياً، ولا نملك فى النهاية إلا أن نقول للأنظمة العربية التى ما زالت تحالف أمريكا التى تخطط لإسقاطها عبارة كامل الشناوى الخالدة: أنت مجلود وجلاد ومقتول وقاتل.

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد