رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ذكريات قلم معاصر

في عام 1930 تعرض العالم كله لأكبر كارثة جوية اقتصادية لم تشهدها البلاد من قبل.. ولا من بعد حتى يومنا هذا.. فقد تعرضت الكرة الأرضية إلى عاصفة جوية وأرضية ليس لها مثيل قط.. ضاعت الزراعة وبارت الارض فأصبح الزرع مستحيلاً وجاع الناس  وجفت المياه.. تعرضت أكبر الدول الى مجاعة قاسية.

هنا عرض الملك فؤاد على اسماعيل صدقي باشا رئاسة الوزارة.. باعتباره صاحب عقلية اقتصادية فذة وكان أنجح وزير مالية في مصر.. اشترط اسماعيل صدقي على الملك فؤاد أن تعطى له كل السلطات بلا أي تدخل من أية جهة.. أراد أن تكون السلطات الثلاث في يده السلطة التنفيذية «الحكومة طبعاً» وبجوارها السلطة التشريعية والسلطة القضائية ايضاً.. سلطات لم تجتمع لملك أو ديكتاتور من قبل!!.. وقد كان.. لم يكن الملك فؤاد يملك غير هذا لإنقاذ البلد من الفاقة والجوع والموت!!

<>

أجرى اسماعيل صدقي انتخابات جديدة لمجلس النواب وأوقف عمل مجلس الشيوخ.. ورغم كل تزوير نجح عدد لا بأس به من رجال الوفد.. فقرر اسماعيل صدقي حل المجلس قبل افتتاحه!!

وحدثت حكاية «تحطيم السلاسل» حينما وضعوا سلاسل لقفل ابواب البرلمان مع حرس برئاسة القائمقام أمين خليل.. فذهب مصطفى النحاس على رأس مظاهرة تضم كل النواب الناجحين ووقف وقفته اياها متكئا على عصاية على رصيف البرلمان وقال قولته المشهورة:

- يا حضرة القائمقام.. حطم السلاسل.

فما كان من القائمقام الا أن هرول وأخذ البلطة من يد أحد النواب وحطم السلاسل فعلاً ودخل النواب المجلس.. لاجراء جلسة الافتتاح!! وقال العقاد قولته المشهورة:

- من يمس هذا المجلس بسوء سنحطم رأسه واعتبر ذلك اهانة للملك فحكمت المحكمة بسجنه ستة أشهر!! وهدد اسماعيل صدقي الموجودين بالقاعة اذا لم يغادرها خلال ساعة من الزمن سيتم غلق المجلس عليهم محبوسين فيه للأبد!! وخرج النحاس وكل النواب من ورائه!!

<>

في المجلس العسكري خلال محاكمة القائمقام أمين خليل سأله زملاؤه في البوليس:

- لماذا فعلت ما فعلت يا مجنون؟

- قال: لا أدري كأني كنت في غيبوبة.. ما إن رأيت مصطفي النحاس أمامي حت أصبحت بلا ارادة ولا تفكير ولا عقل أصلاً.

- ما رزيك:

- سراج الدين وغيرهم.. انتهى عهد السياسيين الكبار أصحاب الكاريزما الآن.

المهم أن وزارة النحاس فيما بعد عينت أمين خليل وكيلاً لوزارة الشئون الاجتماعية مع الوزير عبدالحميد عبد الحق مع صرف مرتباته القديمة كلها. ابنه المهندس علي أمين خليل كان رئيساً لشركة ايديال وهو صاحب كل مشروعاتها وكان جارنا في شارع فهمي في العباسية!!

<>

- لماذا أكتب كل هذا الكلام اليوم؟

- ستعجبون!!

- عندما قرأت عن مشروع الفرافرة الرائع الذي يعتبر هو أمل مصر الآن في النهضة الاقتصادية.. تذكرت ما فعله اسماعيل صدقي عام 1930!! اسماعيل رأى أن الازمة الحقيقة لها حل واحد لا بديل عنه.. تصليح الارض وتهيئتها للزراعة بأي شكل.. كل خبراء مصر وغير مصر ركزوا في هذه المهمة حتى تم اكتشاف ما يسمونه «الصوبا» الآن وهي تغطية الأرض بما يشبه الخيمة كانت زمان بالزجاج الأبيض الآن صوبات بلاستيك.. ثم حفر الأرض للتخلص من سطحها المغطى بالمواد الغريبة التي خرجت من الأرض خلاف التقلبات الجوية.. وحمى الأرض من المسمم بدخان لا يساعد على الزرع والانتاج ببعض الأسمدة.

كل هذا كلام عظيم ورائع.. وهو ما نفعله الآن بتهيئة الارض للزرع والانتاج في ظروف أحسن بكثير من ظروف اسماعيل صدقي.

ولكن الذي فعله اسماعيل صدقي بعد ذلك يتنافى مع مبادئنا واسلوبنا في الحياة.. نحن نرفض السخرة بكل أشكالها.. جمع صدقي الرجال والشباب من القرى والعمل ليل ونهار شاءوا أم أبوا.. هذا عصر مضى وانتهى ولن يعود.

عم.. مصر في ذلك الوقت كانت مصدر الحياة لكل أهل الكرة الأرضية وبعد ذلك اطلقوا علي مصر اسم «سلة قمح العالم».. ولو.. نحن لن نعود الى الوراء خاصة في مبادئ الحرية وحقوق الانسان.. والوفد بالذات الذي أصبح شعاره «الآن فوق الحكومة».. منذ سنوات طويلة.

وطول الوقت أحذر من حكاية خمسة أفدنة لكل من يتقدم.. مع تسهيلات مذهلة.. لا.. ثم لا.. ثم لا.. جربنا تفتيت الملكية في قانون «الاصلاح الزراعي» الذي سموه «الإفساد الزراعي» وكانت النتيجة كما نرى تحولنا من «سلة قمح العالم» الى «أكبر متسول قمح في العالم»!!

لابد من أن تتولى الشركة الحكومية المتولية شئون هذا المشروع 0 تتولى عملية الاصلاح والزراعة.. لأن المزارع الجماعية - وقلتها مائة مرة - المزارع الجماعية اكثر انتاجاً وأقل مصروفاً!!.. فهل نستفيد من التاريخ!!؟؟.. يارب!!