رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تحت هذا العنوان البالغ الصراحة الى حد الوقاحة نشر جون بولتون سفير أمريكا السابق في الأمم المتحدة وأحد أشد صقور اليمين الأمريكي تطرفاً وعداء للعرب مقالاً في 24 نوفمبر بجريدة «نيويورك تايمز» يقول فيه:

تناقش أمريكا كيفية مواجهة الهجمات الارهابية في باريس، ولسوء الحظ فإن كلاً من الرئيس أوباما في سياسته الحالية والاقتراحات الاخيرة تنقصها رؤية استراتيجية للشرق الأوسط عندما تتم هزيمة الدولة الاسلامية أو داعش، ليست هناك اجابات عن السؤال الأساسي وهو: ماذا بعد زوال داعش؟

قبل تحويل محاولات الرئيس أوباما غير المجدية الى حملة عسكرية فعالة لتدمير داعش علينا أن يكون لنا تصور واضح يشاركنا فيه حلف الناتو وآخرون عما سيحل محل داعش، فمن الضروري حل هذه المشكلة قبل اتخاذ أي خطط عملية، فالاستراتيجية لا تأتي من أسفل الى أعلى، فعلى العكس فالتكتيك يأتي عندما نحدد الهدف، والحقيقة اليوم أن العراق وسوريا كما نعرفهما قد زالتا، فقد حضرت داعش لنفسها دولة جديدة من بقايا الامبراطورية العثمانية وجندت معارضة سنية لنظام بشار الأسد ولحكومة العراق التي تسيطر عليها ايران، كما ظهرت بعد أعوام من الجهد دولة كردستان المستقلة علي أساس الأمر الواقع.

ففي هذا المحتوى لو كانت هزيمة الدولة الاسلامية تعني اعادة سيطرة بشار الأسد والحكومة العراقية التي تسيطر عليها ايران فإن هذه النتيجة ليست محتملة وليست مرغوبة فبدلاً من اعادة خلق الخريطة التي أعقبت الحرب العالمية الاولى على امريكا الاعتراف بحقائق الجغرافيا السياسية الجديدة، فأفضل بديل لداعش في شمال سوريا وغرب العراق هو دولة سنية مستقلة جديدة.

ودولة سيستان هذه ستكون لها امكانيات اقتصادية كدولة منتجة للنفط «بعد مفاوضات مع الاكراد طبعاً» ويمكن أن تكون حائلاً في وجه كل من الأسد وحكومة بغداد المتحالفة مع ايران، أما حكام دول الخليج العربية الذي لابد أنهم تعلموا الآن المخاطر التي يتعرض لها أمنهم نتيجة تمويلهم للاسلاميين المتطرفين عليهم أن يقدموا مساعدات مالية فعالة، أما تركيا التي مازالت عضوا في حلف الناتو فستنعم بمزيد من الاستقرار على حدودها الجنوبية مما يجعل قيام الدولة الجديدة محتملاً على الاقل.

اما الاستقلال الفعال لكردستان فانه يعزز هذا الحل، فقد اصبح الاكراد أخيراً من القوة في المنطقة لدرجة يستحيل معها على بغداد أو دمشق تجاهلها، فلن يمكن ارهاب الاكراد أو قمعهم ودفعهم للتخلي عن اراض يسيطرون عليها حالياً في سوريا أو العراق الشيعية، ومع هذا فمازالت امام الاكراد تحديات كبرى، فحدودهم غير محددة الى درجة خطيرة خصوصاً مع تركيا ولكن كردستان مستقلة يعترف بها العالم يمكن أن تكون في صالح أمريكا تماماً.

وعلينا أن نكون واثقين من أن هذه الدولة السنية الجديدة وحكومتها لن تكون ديمقراطية على النهج الامريكي مثلاً لسنين عديدة، ولكن هذه المنطقة لا توجد فيها بدائل للدولة المدنية او لحكومة شبه قمعية، فالامن والاستقرار لها أهداف كافية لطموحاتنا.

كما فعلنا في العراق مع «صحوة الأنبار» سنة 2006 فان عملية مكافحة التمرد التي نزعت تنظيم القاعدة من قاعدته القوية في هذا الاقليم العراقي فاننا مع حلفائنا علينا تدعيم وتقوية قادة سنيين مناسبين وضمنهم سلطات قبلية ممن يعتزون بصروحهم الاجتماعية القائمة، ولا شك أن هذا سيشمل مسئولين سابقين في حزب البعث في سوريا والعراق، وقد يكون مازال هناك قادة معارضة معتدلون، وهم أفضل طبعاً من الاسلاميين المتطرفين.

اما انظمة الحكم الملكية مثل السعودية فلا يجب عليها الاكتفاء بتمويل احتياجات الدولة الجديدة في بداية قيامها، ولكن عليها ايضاً ضمان استقرارها ومقاومتها للقوى المتطرفة، لقد أعلنا مرة في الماضي أن الدولة الاردنية محمية في منطقة النفوذ الامريكية، أما الآن فيكفي اضفاء هذه الحماية على الدولة الجديدة.

ويختلف اقتراح انشاء هذه الدولة السنية الجديدة جذرياً عن الرؤية الروسية الايرانية ومحورها الذي يضم حزب الله ونظام الاسد وحكومة بغداد المسنودة من ايران، فان هدفهم في اعادة إحياء حكومتي العراق وسوريا في حدودهما القديمة هو هدف متعارض تماما مع مصالح امريكا واسرائيل والدولة العربية الصديقة، ولذلك فمفهوم حلف امريكي روسي ضد الدولة الاسلامية هو مفهوم غير مرغوب سيئ.

في سوريا تريد روسيا السيطرة علي النظام بالاسد أو بدونه وتحمي قاعدة روسيا البحرية في طرطوس وقاعدتها الجوية الجديدة في اللاذقية، وتريد ايران استمرار سيطرة العلويين على الحكم في سوريا وحماية كاملة لحزب الله في لبنان وسوريا، اما بالنسبة للعراق فتريد روسيا وايران عودة اراضي السنة لسيطرة بغداد بما يدعم نفوذ ايران الاقليمي وربما تريدان نفس الشىء في كردستان ولكنهما لا تملكان القدرة بها.

يؤيد السنيون الآن الدولة الاسلامية لنفس الاسباب التي أيدوا القاعدة بسببها في الماضي في العراق باعتبارها عقبة في وجه سيطرة ايران عليهم عن طريق بغداد ومطالبة هؤلاء السنة حالياً بأن مكافأتهم على الثورة ضد حكم الدولة الاسلامية تعني عودتهم لسيطرة الأسد وحكمه أو بغداد التي تسيطر عليها الشيعة، ولذا فهم يزيدون دعمهم للمتطرفين ولا يجدون دافعاً لتغيير اتجاههم، وهذا هو سبب أنه بعد تحطيم الدولة الاسلامية فعلى امريكا الاستمرار في تحقيق الهدف البعيد بخلق دولة سنية جديدة، صحيح أن ذلك صعب في المدى القصير ولكن بمرور الوقت سيكون ذلك في صالح النظام الاقليمي والاستقرار، وخلق حلف امريكي ضد الدولة الاسلامية بدل الائتلاف الذي تدعو له روسيا سيحتاج الى جهد سياسي ودبلوماسي ضخم وسيتعين نشر قوات مقاتلة امريكية ارضية لتحقيق الردع والقيادة، ولكن ذلك سيكون ضرورياً لهزيمة الدولة الاسلامية حتى لو كان هدفنا اعادة الوضع القائم من جديد.

إن «صحوة الأنبار» والتصعيد العسكري الأمريكي سنة 2007 تقدم لنا النموذج كما يقدمه لنا النجاح الكردي ضد الدولة الاسلامية، سيشترك المقاتلون المحليون الذين تسلحهم وتدربهم امريكا مع القوات العربية والامريكية النظامية والعملية العسكرية ليست أصعب جزء في مرحلة ما بعد الدولة الاسلامية، فالوضع يحتاج إلى اهتمام امريكي مستمر والتزام كامل، فلا نستطيع التخلي عن الساحة كما فعلنا في العراق سنة 2011.

ربما لن تكون الدولة السنية الجديدة مثل سويسرا، فالمطلوب ليس مبادرة من أجل الديمقراطية ولكن حسابات قوة باردة فهى تتمشى مع الهدف الاستراتيجي بمحو الدولة الاسلامية الذي تشارك فيه حلفاءنا وهو هدف ممكن التحقيق.

وإلى هنا ينتهي الفكر المسموم والمشروع الاستعماري الجديد القديم الذي يقترحه احد أشد متطرفي اليمين الامريكي الاستعماري عداء للعرب واستخفافا بشعوب العالم، ولمن يقرأ التاريخ سيجد أن الرئيس الامريكي الأسبق أيزنهاور خلال فترة رئاسته في حقبة الخمسينيات من القرن العشرين قد أشار الى ضرورة تعديل أوضاع دول الشرق الأوسط علي أسس عرقية وطائفية لضمان ما سماه استقرارا ولا يخرج مشروع الحلف السني الذي تقترحه السعودية اليوم لمحاربة الارهاب عن كونه خطوة في اتجاه ايزنهاور تبدأ بما يسمى محاربة الارهاب وتنتهي بحرب سنية شيعية طاحنة يبيد فيها الطرفان بعضهما البعض.

اللهم أحسن جزاء الحكيم الذي قال: اللهم اكفني شر اصدقائي أما اعدائي فأنا كفيل بهم.

 

الرئيس الشرفي لحزب الوفد