رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ذكريات قلم معاصر

منذ طلب المندوب السامي البريطاني، وكان اسمه السير ونجيت من سعد زغلول ورفيقيه عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي، ما يفيد أنهم موكلون عن الشعب في مارس 1919 فقام الشعب كله من اسوان الى مرسى مطروح يطبع توكيلات ويوقع عليها.. منذ هذه اللحظة وأصبح أي رئيس يبحث عما يسمونه «ظهير شعبي» خلفه.. منذ هذا الوقت أصبح كل رئيس يبحث عن تجمعات شعبية تؤيده!! وكان هذا واضحاً في مصر بعد ثورة يوليو لأنه قبل ذلك ان الوفد يعتبر نفسه أنه «وكيل الشعب المصري» وكان النظام الملكي لا يسعى الى ذلك.. ولكن في النظام الجمهوري ظهرت هذه الحقيقة.. فلما صدر قانون إلغاء الاحزاب يوم 16 يناير 1953 عندما وجدت الثورة عدم تأييد واضح من أي حزب.. ورغم السعي المستميت من رجال الثورة في أول اسبوع للثورة لكي يقطع مصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين علاجهما في جينيف بسويسرا والعودة الى مصر وزيارتهما لمركز قيادة الثورة في شارع الخليفة المأمون باعتبار أن هذا سيكون «الظهير الشعبي» المطلوب.. ورفض مصطفى النحاس الوقوع في هذا «المطب السياسي» ولكن بعد إلحاح من رجال الثورة للمرحوم أحمد أبو الفتح والحاج أحمد لشقيقه محمود أبو الفتح الذي كان يباشر علاجهما بنفسه، بعد هذا الالحاح قرر النحاس أن يزور محمد نجيب في طريق عودته من المطار الى منزله بشرط أن يرد نجيب الزيارة في اليوم التالي رغم أن النحاس قال لآل أبو الفتح إن هذا اختبار لهؤلاء الناس ولكنه يشك كثيراً في نواياهم.. وبالفعل لم يرد نجيب الزيارة رغم الوعد بذلك!! ووضحت نوايا الثورة!! وأعلن النحاس صراحة أنه ندم على زيارة نجيب!!

<>

المهم أن الثورة لم تجد «الظهير الشعبي» وحلت كل الاحزاب وبعد أسبوع واحد.. يوم 23 يوليو 1953 تم اعلان ما اسموه «هيئة التحرير»، وفشلت هيئة التحرير خصوصاً بعد أزمة مارس 1954 وتحديد اقامة نجيب في فيلا زينب النحاس بالمرج وهروب خالد محيي الدين الى الخارج.

لذا أعلن عبد الناصر ما اسماه «الاتحاد القومي» وأن كل النقابات المختلفة والهيئات ورؤساء وأساتذة الجامعات وغيرهم وغيرهم أعضاء في هذا الاتحاد.. كان هذا عام 1957!! ومع ذلك فشل هذا التجمع لأنه ليس تجمعاً شعبياً.. بل تجمع بقرار.

في هذه الاثناء كان الكل يؤكد لعبد الناصر أن «الظهير الشعبي» المتعارف عليه منذ سنوات طويلة جداً هو البرلمان.. غير معقول أن يظل البرلمان مقفولاً منذ خمس سنوات!! من عام 1952 حتى 1957 في نفس الوقت كان يخشى عبد الناصر من عودة الاحزاب في هذا البرلمان لذا قام بإصدار أغرب القرارات.. لا يرشح أحد نفسه للبرلمان الجديد الا اذا كان يحمل كارنيه عضوية الاتحاد القومي.. وأن من حق مجلس قيادة الثورة شطب اسم أي مرشح خلال أية فترة من فترات الانتخابات!! وقصة شطب اسمي موسى صبري ومحمود عبد المنعم مراد وغيرهما مشهورة.

<>

أخيراً.. فكر عبد الناصر في عقد أكبر تجمع في قاعة احتفالات جامعة القاهرة التي تتسع للآلاف قيل إن كل اطياف مصر حضرت هذا التجمع وتكلم عبد الناصر لمدة ساعتين وربع كاملتين بلا انقطاع وكأنه يستجدي الموجودين بأن مصر في حاجة لأن تكون يداً واحدة.. وأن المعارضة ستعوق المسيرة!!

كان هذا قبل اجراء الانتخابات بيومين.

بعد الخطاب الحافل لعبد الناصر جلس وقال ما معناه انه قال ما عنده ويريد أن يسمع آراءكم.

وقف اثنان فقط من وسط هذه الألوف!!

قام المفكر الديني الرائع خالد محمد خالد وقال بطريقة العلماء الوطنيين الذين لا يقولون الكلمة الواحدة الا بعد أن تمر على عقله وقلبه.. قام الرجل وقال ما معناه أن كلمة «معارضة» كلمة «ليس» معناها الحقيقي «الاختلاف» بل معناها وجود عدة آراء لموضوع واحد وبالمناقشة سيتفق الجميع على أحد هذه الآراء!! وهذا مطلوب!!

قال خالد محمد خالد كل ما يريد أن يدافع به عن المعارضة في المجلس النيابي القادم دون أي هجوم أو اعتراض على أي كلام لعبد الناصر ومع ذلك صدر قرار بتحديد اقامته!!

<>

كان ثاني المتحدثين الشيخ عاشور أحد شيوخ الأزهر البارزين وتكلم من قلبه بكل صراحة.. وبحرية كان يحلم بها خاصة عندما كان يخاطب عبد الناصر بقوله: ألم تقرأ سورة عبس.. حينما أخطأ سيد الخلق ألم تقرأ في عدة آيات كلمة الشورى.. ألم.. ألم..

لم يتكلم أحد بعد ذلك.. كان كلام الشيخ عاشوراً تعبيراً لكل من يريد الكلام.

المهم.. بعد هذا المؤتمر اختفى تماما الشيخ عاشور.. لا ذهب الى منزله ولا الى مكتبه ولا لأي من بناته.. وطال البحث عنه دون جدوى.

بعد هذا المؤتمر بكثير.. اطلقت روسيا أول رائد فضاء في التاريخ اسمه «يوري جاجارين» ومن طرائف كامل الشناوي أن جاجارين عندما مر بالشمس في طريقه الى القمر سمع من يقول له:

- يا جاجارين ازاي سكان كوكب الارض

- بخير.. انت مين؟

- أنا الشيخ عاشور رماني عبد الناصر ورا الشمس!! سلم لي على أهل الأرض!!

كان جاجارين يزور مصر.. استضافته في برنامجها على الناصية المذيعة صاحبة التاريخ.. اشهر مذيعات الراديو.. صاحبة أجمل ما بثه الميكروفون «آمال فهمي» القيمة والقامة والشعبية.. كامل الشناوي كلف أحد اقاربه أن يكتب بحروف انجليزية مطلع أغنية «علشانك يا قمر اطلع لك القمر» ليقولها جاجارين مع آمال فهمي.. ما أجمل وأدق وأصدق التاريخ!!

اخيراً

هل لاحظتم أن الرئيس الوحيد الذي لم يسمح لتكوين «ظهير جماهيري» بل لم يفكر فيه.. هو الرئيس الذي ارسلته لنا السماء في الوقت المناسب.. الائتلاف او غيره موضوع بعيد تماما عن الرئاسة!! حقا وصدقاً!!