رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تحت هذا العنوان نشر موقع «انفورميشن كليرنج هاوس» بتاريخ 27 نوفمبر مقالاً للكاتب الشهير بيبي إسكوبار يشرح فيه بدقة سبب إقدام تركيا على خطوتها المجنونة بإسقاط الطائرة الروسية ودوافع الفعل المحموم الذي دفع تركيا لذلك.

يقول اسكوبار إن أهداف روسيا وتركيا في الحرب ضد داعش مختلفة تماماً، فمن المستحيل فهم سبب إقدام تركيا على خطورة انتحارية بإسقاط طائرة روسيا فوق سوريا تمثل اعلان حرب من حلف الناتو على روسيا دون وضع التصرف التركي في نطاق لعبة تركيا في شمال سوريا، فقد أعلن الرئيس بوتن أن تصرف تركيا طعنة في الظهر، لنعرض هنا الأوضاع على الأرض التي سببت ذلك.

فتركيا تستخدم وتمول وتسلح مجموعات من الارهابيين في شمال سوريا وتحتاج بأي ثمن إبقاء خط إمدادهم من جنوب تركيا مفتوحاً، فهم يحتاجون للاستيلاء على حلب لتحقيق حلم تركيا في إسقاط حكم الأسد، وفي نفس الوقت ترتعد تركيا من القوات السورية الكردية المسلحة فهي قوات شقيقة لحزب العمال الكردستاني في تركيا الذي يتعين قمعه بأي ثمن.

وبذلك فقوات داعش التي أعلنت عليها الأمم المتحدة الحرب هى مجرد جزء من خطة تركيا التي تتضمن احتواء الاكراد وضربهم عسكرياً، مما يستدعي مساعدة كل العصابات التكفيرية والسلفية الجهادية وضمنها داعش لإمكان تغيير الحكم في دمشق، ولذلك فليس غريباً إلصاق كل التهم للأكراد في تركيا واتهامهم بالتطهير العرقي ضد العرب والتركمان في شمال سوريا.

ورغم ذلك فما يحاوله الأكراد السوريون ويزعج تركيا جداً أن امريكا تتعاطف معهم في محاولة التواصل بين الثلاث مجموعات كردية في شمال سوريا المنفصلة حالياً عن بعضها، ونظرة نحو خارطة تركيا توضح أن مجموعتين كرديتين متواصلتين في الشمال الشرقي، ولتحقيق ذلك فقد قام الاكراد بمساعدة اكراد تركيا بهزيمة داعش في مدينة كوباني وما حولها، وحتى تضم المجموعة الثالثة عليهم الوصول لمدينة أفراني، ولكن الطريق اليها به مجموعة قرى تركمانية شمال حلب، وواضح تماما أهمية هذه القرى التركمانية استراتيجيا، ففي هذه المنطقة الممتدة 35 كيلو متراً الى الداخل تحاول تركيا انشاء ما تسميه منطقة آمنة يحظر الطيران فوقها وتحشد تركيا فيها كل اللاجئين السوريين ويمول إنشاؤها الاتحاد الأوروبي الذي قدم فعلاً للآن ثلاثة بلايين يورو تصرف اعتباراً من اول يناير عن طريق المفوضية الاوروبية، والعقبة الوحيدة حالياً في وجه تحقيق أطماع تركيا في انشاء منطقة حظر طيران هو دخول روسيا الميدان.

استخدام التركمان:

من هم التركمان؟ علينا هنا أن نعود للوراء لتاريخ طريق الحرير، هناك حوالي مائتي ألف تركماني يعيشون شمال سوريا، وهم أحفاد قبائل تركمانية نزحت للأناضول في القرن الحادي عشر وقرى التركمان منتشرة ايضاً شمال مقاطعة إدلب غرب حلب وكذا شمال مقاطعة اللاذقية غرب إدلب، وهنا نجد ميليشيات تركمانية لا يجري بشأنها حديث، فأكذوبة وجود تركمان أبرياء مدنيين يذبحهم نظام الأسد هي مجرد أكذوبة، وتعتبر أمريكا هذه الميليشيات ثواراً معتدلين.

رغم تغافل الجهاديين وسطهم وما يسمى جيش سوريا الحر وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة الذي أدانه اجتماع فيينا الاخير كمنظمة إرهابية، ولذلك فتركيا وروسيا لا تستطيعان الاشتراك في حلف يحارب داعش لأن أهدافهما متناقضة.

فالاعلام التركي يمجد هؤلاء التركمان كمحاربين من أجل الحرية، كما كان ريجان يسمي المجاهدين الأفغان في الثمانينيات، ويزعم الاعلام التركي أن أرضهم كلها يسيطر عليها معارضون تركمان «أبرياء» وليس عصابات داعش. وربما ليس داعش ولكن جبهة النصرة التي هي واقعياً نفس الشيء، أما بالنسبة لروسيا فلا يوجد فرق خاصة وأن عناصر من الشيشان والأزبك والايجور الصينية منتشرون وسط هؤلاء «المعتدلين»، والمهم لروسيا هو سحق احتمال طريق جهادي مستقبل بين حلب وجروزني، وهذا هو ما يشرح قصف الروس لشمال اللاذقية، وقد ثارت تركيا لذلك ووصل الأمر لتهديد وزير خارجيتها لروسيا منذ أيام قائلاً إن روسيا لا تقصف الارهاب بل تقصف قرى تركمانية مدنية، وأن هذا قد تكون له عواقب وخيمة، فتركيا تساعد الميليشيات التركمانية مباشرة بمساعدات انسانية وتمدها بالسلاح بشاحنات برية تسيرها المخابرات التركية، ويتفق ذلك مع مفهوم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بالنسبة لمساعدة كل الشعوب «العثمانية» التي خدمت الاسلام دائما!! والتركمان جزء من هذه الشعوب!!

المؤامرة تتسع:

بالنسبة لروسيا فالمنطقة المسماة جبل التركمان أو ياييربوكاك شمال اللاذقية هدف أساسي لغارات الطيران الروسي لأن بها طريق شحن الأسلحة الذي تستخدمها تركيا والمخابرات الأمريكية لتسليح الميليشيات، وأي احتمال لميليشيات متحدة مع السلفيين والجهاديين تحاول الزحف نحو اللاذقية لهزيمتها هو خط أحمر بالنسبة لروسيا لأنه يهدد القاعدة الجوية الروسية في خميمين وكذا ميناء طرطوس.

فلدينا هنا مخابرات أمريكية تزود الميليشيات بالقذائف المضادة للدبابات عن طرق تهريبها عبر أراضي التركمان التي هي مركز لتنظيم القاعدة في سوريا، فهى المنطقة الرئيسية لأمريكا وتركيا والسعودية لزعزعة حكم الأسد، وهى مركز الحرب بالوكالة بين حلف الناتو وروسيا، فالمخابرات الأمريكية تنشر القذائف المضادة للدبابات بين من تسميهم ثواراً معتدلين، ولكن هذه الاسلحة استولى عليها الجهاديون المدربون لتنظيم القاعدة في سوريا ولما يسمى «جيش الغزو» الذي تدعمه السعودية ولذلك فلسحق جبهة النصرة وجيش الغزو بدأت روسيا في قصف المهربين التركمان المستحيل تسميتهم بالمعتدلين، فهم متسللون في كل صفوف القوى الفاشية الاسلامية في تركيا التي قتلت الطيار الروسي أوليج برشين عندما قفز بمظلته وهذا الفعل جريمة حرب حسب ميثاق جنيف.

إن المصالح الروسية ضخمة، واستخدام تركيا للتركمان يجعل تركيا مزروعة في شمال سوريا، ولذلك نتوقع أن يتضاعف القصف الروسي لمناطق التركمان وليس لمجرد الثأر للطيار الروسي الذي قتلوه، ولدى روسيا الكثير من الخيارات مثل مد الأكراد بما يساعدهم على الاستيلاء على منطقة الحدود بين أفرين وجرابلوس التي مازالت تحت سيطرة داعش وسيكون كارثيا لتركيا لو توحد أكراد سوريا مع منطقة روجايا، وفي النهاية فإن روسيا وتركيا يستحيل أن تكونا في نفس الحلف الذي يحارب داعش لأن أهدافهما متعارضة تماما.

وقد صور المؤرخ كام إرمتان المقيم في تركيا الصورة الكبيرة كما يلي:

«حكومة تركيا الجديدة تولت السلطة يوم إسقاط الطائرة الروسية، والآن فإن رئيس الوزراء داوود أوغلو ورئيس الجمهورية أردوجان مشغولان باحتواء الضرر وشحن الجبهة الداخلية وحالياً فإنهما يرفعان شعار التضامن الاسلامي والشعور الوطني الى عنان السماء، ومع أن العمل العسكري سيكون مكسباً كبيراً في ارتفاع الشعبية فإن النتائج الاقتصادية بدأت تظهر نتيجة ايقاف روسيا شحن البضائع التركية اليها، وقد يوحي ذلك بأن الحكومة التركية قد تصرفت كمجرد مخلب لحلف الناتو وتجاهلت الحقائق فوق الأرض وغرقت في إذكاء المشاعر الوطنية».

ولن تبقى هذه المشاعر الوطنية طويلاً لأن رد فعل روسيا سيكون محسوبا وسريعاً وغير متوقع ومتعدد الاتجاهات، فحاملة الصواريخ الروسية موسكفا المشحونة بأنظمة دفاع جوي تغطي كل المنطقة حالياً، ونظامان من صواريخ SS400 سيغطيان شمال غرب سوريا وحدود تركيا الجنوبية وتستطيع روسيا الكترونيا شل كل جنوب تركيا، ولا توجد لدى اردوجان وسيلة لانشاء المنطقة الآمنة التي كانت دول الوحدة الاوروبية ستمولها داخل سوريا ما لم يدخل حربا ضد روسيا، والشىء المؤكد أن أولوية روسيا الأولى حالياً هي سحق استراتيجية تركيا المتطرفة في شمال سوريا الى الأبد.

وإلى هنا ينتهي هذا العرض المتعمق لما يدور من احداث، والمأزق الذي وضع اردوجان نفسه ومعه تركيا، ولن يدهشنا أن تكشف الايام مستقبلاً أن امريكا دفعته اليه للخلاص منه بعد أن فشل دوره مع عصابة الاخوان في السيطرة على المنطقة كما سبق لأمريكا دفع صدام حسين لاحتلال الكويت سنة 1990 للخلاص منه واحتلال المنطقة بجيوشها، وأخيراً لا يمكن أن نغمض العين عما قد يقوم به الجيش التركي للخلاص من المأزق بإسقاط اردوجان.

 

الرئيس الشرفي لحزب الوفد