عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لعلنا نعرف أن إسرائيل تنظر إلى القارة السمراء من منطلق نظرتها إلى الشرق الأوسط بمعناه الواسع وبامتداداته الجغرافية، نظرة مبنية على المصلحة الإقليمية والأيديولوجية، فإفريقيا لها أهميتها الاستراتيجية والجيوسياسية والاقتصادية بالنسبة لإسرائيل، ففيها منابع النيل, ومن خلالها تستطيع استكمال تطويق الدول العربية بـ«إيران وتركيا» من جانب, والدول الإفريقية من الجانب الآخر, وتسعى إسرائيل من خلال تعميق العلاقات مع إفريقيا لتحقيق أهدافها من الهيمنة والسيطرة فى محيطها الإقليمى. وتاريخيا فقد طرح اسم «أوغندا» بجانب الأرجنتين وفلسطين لتكون وطنا قوميا لليهود عام 1897م فى أول مؤتمر صهيونى عقد فى «بازل».

وقد أخذت العلاقات (الإسرائيلية-الإفريقية) فى الازدهار منذ منتصف الخمسينيات بعد مؤتمر «دول عدم الانحياز» بباندونج», وتبنى إسرائيل لاستراتيجيتها الخاصة بالتوسع عبر القارات الثلاث (آسيا, إفريقيا, أوروبا) بهدف الانتشار وتوظيف الإمكانيات والعلاقات والجاليات اليهودية لخدمة مصالح الكيان الصهيونى, إلى أن أصبحت الآن تلك العلاقات - تحديداً علاقاتها مع الدول الأفريقية- كنزاً استراتيجياً لها فى مواجهتها مع العرب عامة ومصر على وجه الخصوص, واستغلت إسرائيل فى ذلك الإهمال من جانبنا مع دول وأبناء القارة الإفريقية, وبخاصة بعد حرب 1973م.

وهنا أتوقف كثيراً وأتعجب أكثر لسياستنا نحن العرب مع الشأن الإفريقى بعد هذا التاريخ تحديدا! فكيف أهملنا علاقتنا مع إفريقيا حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن! فبعد حرب 1973م كانت إسرائيل قد فقدت الكثير من أسهمها داخل إفريقيا, حيث تغيرت صورتها فى نظر الأفارقة من دولة مسالمة أو ذات أقلية ظلمت إلى دولة معتدية, كانت تتظاهر بالسلام, كما خدعت أيضاً لجنة الحكماء الإفريقيين, ولم تهتم بوجهة النظر الإفريقية فى حل مشاكل الشرق الأوسط كما كانت تدعى، وعليه فقد راجعت العديد من الدول الإفريقية علاقاتها بإسرائيل آنذاك, فمنها من قطع العلاقات نهائيا مثل: أوغندا وغينيا وتشاد والكونغو «منذ حرب 1967م», ومنها من ظل محتفظاً بالحد الأدنى من تلك العلاقات أو لربما وضعها على المحك, لذا فقد كانت الأرض ممهدة لنا تماما لتطوير العلاقات بما يصب فى مصالحنا سواء على المستوى الداخلى أو الإقليمى. إلا أننا فعلنا العكس تماما! واستغلت الأفعى الفرصة وأخذت فى التقارب من الدولة الإفريقية بوسائل عدة, وأدخلت رأسها فى بيتنا الكبير, فخططت بحنكة سياسية ومكر, وأخذت تبث سمها المغطى بالعسل فى جيراننا بالجنوب, فى وقت كانوا هم فيه متعطشين ليد صديق تربت على الكتف وإن لم تستطع أن تقدم المزيد من العون! لكننا تخلينا عنهم تماما, وتركنا بنى صهيون تعيث بعقولهم وقلوبهم فساداً سنوات وسنوات.

ونلاحظ أن استراتيجية إسرائيل الخارجية تجاه إفريقيا كانت قد شهدت تطوراً ملحوظاً وسريعاً تحديداً بداية من عام 2003م, وذلك بالمبادرة من جانب إسرائيل بطبيعة الحال, ولكن وقبل الدخول مباشرة إلى موضوعنا الرئيسى وهو (زيادة النفوذ الإسرائيلى فى إفريقيا وتأثير ذلك على الأمن القومى العربى), دعونا أولاً نرصد بعض الحقائق الهامة، لأهمية وضعها فى الاعتبار فما لا يقاس لا يدار -ونحن بصدد مناقشة هذا الموضوع الخطير الذى يتعلق بأمننا القومى العربى بصفة عامة والأمن القومى المصرى والأمن المائى (مشكلة سد النهضة) بصفة خاصة:

- فإسرائيل تقيم الآن علاقات دبلوماسية مع حوالى 46 دولة إفريقية من أصل 53 دولة هى مجموع دول القارة, والبعثات الدبلوماسية الإسرائيلية لإفريقيا تمثل حوالى 50% من البعثات الإسرائيلية للعالم.

- هناك أيضاً ما يسمى بـ(مشروع الأخدود الإفريقى العظيم) الذى يمتد من الأردن إلى جنوب إفريقيا, الذى كانت قد طرحته إسرائيل منذ عام 2002م لاختراق إفريقيا ثقافياً والتأثير فى وجدان الأفارقة, مدعية أنه سعى من جانبها للتعاون الثقافى بين الدول التى تقع على حدود هذا الأخدود.

- هناك العديد من الشركات الإسرائيلية العاملة فى المجالات الأمنية فى إفريقيا التى تتولى تدريب وتسليح ميليشيات قبلية لحماية العديد من الرؤساء الأفارقة وبعض الشخصيات السياسية, هذا بجانب بعض الشركات الأخرى مثل (شركة أباك ويول باريلى) والتى من مهامها تنفيذ مخططات لإشعال وتصعيد الصراعات فى أفريقيا, بهدف إسقاط بعض الأنظمة التى تسعى للتقارب مع الدول العربية من ناحية, ومن ناحية أخرى إحكام السيطرة السياسية والاقتصادية الإسرائيلية هناك، ففى الدول المتعاونة والموالية تدعم أنظمة الحكم, وفى دول أخرى تدعم المعارضة وتساعدها فى توسيع دائرتها.

- أنشأت إسرائيل أيضاً العديد من المراكز الخدمية لدعم الديمقراطية ومجالات أخرى كالصحة والمجتمع المدنى الإفريقى, وتعمل إسرائيل طوال الوقت على تنمية وتطوير تلك المراكز, التى ترتبط ارتباطاً مباشراً بالحياة اليومية لأعداد ليست بالقليلة من الأفارقة, ومن الأمثلة لهذه المراكز نجد مركز (جبل كارمن) لدعم وتنمية المرأة الإفريقية, المركز (الزراعى)، المعهد (الأفروآسيوى) والذى يهتم بمشاكل العمال وتطوير الاتحادات العمالية, وغيرها كثير.

ونستكمل حديثنا الأسبوع القادم بإذن الله.

[email protected]