رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أنوار الحقيقة

نصت المادة «112» من الدستور على أنه «لا يسأل عضو مجلس النواب عما يبديه من آراء تتعلق بأداء اعماله في المجلس أو في لجانه»، كما نصت المادة «113» على أنه لا يجوز في غير حالة التلبس بالجرائم اتخاذ اي اجراء جنائى ضد عضو مجلس النواب في مواد الجنايات والجنح إلا بإذن مسبق من المجلس وفي غير دور الانعقاد يتعين أخذ رأي مكتب المجلس ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من اجراءات، وفي كل الاحوال يتعين البت في طلب اتخاذ الاجراء الجنائى ضد العضو خلال ثلاثين يوماً علي الأقل والا يعد الطلب مقبولا»، وقد أثار العديد من المرشحين لعضوية مجلس النواب القادم، ومعهم عدد من الكتاب والسياسيين مدى شرعية الحصانة البرلمانية وما هية المنفعة القومية من إبقاء هذه الحصانة البرلمانية أو الغائها كلية أو قصرها على ما يحدث من تصرفات واعمال للنواب في داخل البرلمان بمعنى أنه لا حصانة لعضو مجلس النواب بأية صورة عن تصرفاته واعماله خارج المجلس وقد أدلى العديد من المرشحين لمجلس النواب القادم وكذلك عدد من النواب الذين نجحوا في الانتخابات باحاديث وتصريحات اعلامية بضرورة الغاء الحصانة البرلمانية التي لايريدون التمتع بها لانهم ليسوا في حاجة اليها لانهم لايرتكبون جرائم يستغلون في ارتكابها تمتعهم بالحصانة ومن ثم فلا حاجة لهم بهذه الحصانة كما يزعمون، ومن مظاهر العبث أن احد النواب الناجحين في المرحلة الاولى طلب من امانة مجلس النواب تسليم وللحصانة بضم الحاء!! لأنها من حقه مثل حقيبة النواب التي توزعها امانة المجلس على النواب الناجحين!!

ولابد أن نذكر في البداية ان الدستور قد اورد نص المادتين «112» و«113» ولا يمكن المساس بالحصانة البرلمانية الا بتعديل احكام هاتين المادتين، وتنقسم الحصانة البرلمانية الى نوعين فالمادة «112» تقرر الحصانة الكاملة والمطلقة لما يدلي به عضو البرلمان من أداء في جلسات المجلس أو في لجانه!!، والحكمة من هذا النص انه يتعين ان تتوفر لعضو البرلمان الذي يمثل الامة الحرية الكاملة لابداء آرائه سواء في المجال التشريعي أو المجال الرقابي، وبالطبع فإن هذه الحصانة لا يجوز أن تشمل سوى الآراء والأفكار التي يبديها عضو مجلس النواب بعبارات مهذبة ولا يجوز أن يصدر من العضو أي من عبارات السب أو القذف او التهديد ضد الحكومة أو مجلس النواب أو اعضاء المجلس أو ضد غيرهم من المواطنين فالحصانة في هذه المادة لايجوز أن تشمل سوى ما يعد فكراً أو رأياً بعبارات خالية من الاهانة أو السب أو القذف او التهديد للغير.. الخ ولا يمكن أن تلغي هذه الحصانة المطلقة لأن ذلك يحرم اعضاء مجلس النواب من حرية الرأي والفكر في المشاركة في العمل البرلماني داخل مجلس النواب!!

أما المادة «113» فإنها تقرر حصانة عضو مجلس النواب بالنسبة لاتهامه بارتكاب خيانة او جنحة وهي تحظر بأنه في غير حالة التلبس التي تعني أن يتم ملاحقة العضو المتهم بارتكاب جناية او جنحة وقت ارتكابه الجريمة أو بعد وقت قصير من ارتكابها مع توافر الادلة على الجاني الذي هو ذاته عضو مجلس النواب، والحماية التي تقررها هذه المادة للعضو مقصورة على الاتهام بارتكاب جناية او جنحة ولاتدخل بالطبع في هذا المجال المخالفات مثل مخالفات المرور الخ.

والغرض الرئيسي من تقرير هذه الحصانة هو حماية العضو من اتخاذ اجراءات جنائية ضده مثل الضبط والقبض عليه والتفتيش لمنزله.. الخ علي نحو يؤدي الى منعه أو تعطيله عن اداء واجبه البرلماني بسبب هذا الاتهام اذا كان كيديا وباطلاً ولاسند له، وقد تقرر هذا الجانب من الحصانة البرلمانية قديما بالنسبة لاعضاء البرلمان الانجليزي لحظر تعطيل وتعويق اداء النواب لواجباتهم البرلمانية وخاصة تعطيلهم عن حضور جلسات البرلمان او لجانه في الامور التشريعية او الرقابية الخطيرة وذلك حماية للنائب من تدبير اتهامات ملفقة له وتعريضه للاتهام والاجراءات الجنائية وكان يحدث ذلك بالنسبة لاعضاء البرلمان الانجليزي لحمايتهم من هذه التهم الملفقة ولمنع تعطيل العمل البرلماني ولذلك انيط الامر لارادة اعضاء المجلس النيابي فلابد من ان يتم إخطار سلطة التحقيق والاتهام البرلماني بما يقع من الجرائم الجنائية من أحد اعضائه مع طلب رفع الحصانة البرلمانية عنه لإمكان اتخاذ اية اجراءات قضائية وجنائية ضده ضمانا لعدم الكيد أو التلفيق لاتهامات باطلة ضد العضو!! وهذه الحصانة ليست ميزة لعضو مجلس النواب وانما هى ضمانة لحرية النائب وحمايته من اي اتهامات كيدية سواء من السلطة التنفيذية او من أية جهة أو من افراد عاديين ومعادين للنائب.

وفي حالة عدم انعقاد مجلس النواب فإن طلب رفع الحصانة يقدم الى مكتب المجلس بمراعاة احكام الدستور وقانون مجلس النواب من وزير العدل مرفقاً بالطلب الاسانيد والمبررات التي يثبت جدوى الاتهام وعدم كيديته او كيدية البلاغ الذي يقدم ضد العضو وما يتبعه من اجراءات جنائية، ومن المستقر في الفقه الدستوري ان هذه الحصانة مقررة كميزة للنائب لكي يستغلها في تحقيق مكاسب غير مشروعة أو لحماية نفسه من المساءلة الجنائية في حالة ارتكابه جناية او جنحة ولتحقيق السيادة الدستورية والتشريعية للكافة ولكفالة حرية ونزاهة العمل البرلماني، وقد جرى العمل في المجالس النيابية المصرية على أن تتم مناقشة طلب رفع الحصانة وادلته فاذا اتضح انه طلب كيدي أو غير جدي فان المجلس النيابي إما أن يرفض رفع الحصانة في حالة ثبوت الكيدية وعدم الصحة او ان يقرر السماح للنائب بابداء اقواله بشأن الاتهام امام سلطة التحقيق لحين أن تثبت براءته من الاتهامات الموجهة اليه فيتم التصرف في طلب رفع الحصانة بحسب مايتضح من الغرض والبحث في اللجنة التشريعية بالمجلس، مع التقيد بالموضوعية والشرعية الدستورية والقانونية!! ولكل ما سبق شرحه فانني لا ارى مناصاً من الالتزام باحكام المادتين «112» و»113» من الدستور وعدم الانبهار بطلب الغاء الحصانة البرلمانية جزئياً أو كلياً لانها مقررة لكفاية حرية الحياة البرلمانية في البلاد وليست مقررة للمصالح الشخصية لاعضاء مجلس النواب!! البديهي انه لو قام الدليل المقنع على ارتكاب احد اعضاء مجلس النواب لجناية او جنحة فانه يتعين رفع الحصانة البرلمانية عنه لكي يتسنى محاسبة العضو الجاني ومحاكمته وتحقيق العدالة، ولاشك أن ذلك هو النهج القويم الذي يلتزم بسيادة الدستور والقانون وتأكيد المسئولية الجنائية ضد من يرتكب اية جريمة من اعضاء البرلمان!!

رئيس مجلس الدولة الأسبق