رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

غنى عن البيان أن الديكتاتور العثمانى الساذج أردوغان عندما أقدم على خطوته المجنونة بإسقاط الطائرة الحربية الروسية كان يظن أن عضويته فى حلف الناتو تضمن له الحماية من الحلف الذى تقوده أمريكا، ونسى تماماً كل دروس التاريخ التى تؤكد أن المحتمى بأمريكا يقف عارياً تماماً إذا كانت مصلحة أمريكا التخلى عنه.. ولذلك سارع السلطان الساذج باستدعاء الحلف لاجتماع عاجل عقب الواقعة، وإذا بدول الحلف وفى مقدمتها أمريكا تعلن أن ما حدث شأن يخص روسيا وتركيا وأن الحلف لا ينوى التدخل فيه، وبذلك يقف المخدوع اليوم وحيداً يواجه مصيره لقاء عمله الطائش، ونعتقد أن ما دفعه إلى خطوته المجنونة هو غضبه الجنونى لقيام القاذفات الروسية قبل الحادث بيومين بقصف أسطول شاحنات تركية متجهة إلى تركيا من شمال العراق وسوريا تحمل النفط المسروق الذى تختلسه عصابة داعش من حقول المنطقة التى تسيطر عليها وتبيعه سراً لتركيا، وقد ترتب على الهجوم الروسى على هذا الأسطول البرى الضخم تدمير ألف شاحنة تحمل ما مجموعه مليوناً ونصف المليون جالون من النفط، ولذلك فقد العثمانى صوابه تماماً وأقدم على فعلته التى تتركه اليوم وحيداً يواجه مصيره أمام روسيا، ما لم يتدخل الجيش التركى بانقلاب عسكرى يسقط السلطان وينقذ تركيا من عواقب عمله.

ويعد نشر الكاتب السياسى الشهير تونى كارتالوتشى فى 24 نوفمبر على موقع جلوبال رسيرش أدق تحليل للحادث نسوقه للقارئ فيما يلى:

يقول كارتالوتشى: إنه بالإضافة إلى الكاميرات التى صورت الطائرة وهى تسقط بعد إصابتها بصاروخ تركى فإن الإرهابيين الموجودين فى المنطقة فوق الأرض السورية أحاطوا بجثة الطيار القتيل، وزعمت تركيا بأنها تصرفت دفاعاً عن النفس لأن الطائرة اخترقت المجال الجوى التركى، رغم تأكد تركيا أن الطائرات الروسية لم تنو مهاجمة أرضها، ومع علمها بأن الطائرة كانت تطير فى مجال سورى معروف لتركيا، وبذلك فإن إسقاطها يكون عملاً متعمداً، وقد أعلنت روسيا أن الطائرة لم تدخل إطلاقاً المجال الجوى التركى مما يجعل ما فعلته تركيا عملاً من أعمال الحرب.

وخلال الأسابيع الماضية قامت قوات الجيش السورى بمعاونة الطائرات الحربية الروسية باسترداد أراض واسعة من داعش وغيرها من العصابات الإرهابية كما بدأ الجيش السورى بالاقتراب من نهر الفرات شرق حلب، مما يعنى إمكان قطع خطوط إمداد عصابة داعش الممتدة من تركيا إلى المنطقة الواقعة تحت سيطرة داعش، ومن ذلك المكان تستطيع القوات السورية التقدم شمالاً داخل أراضى داعش، وقد فشلت أمريكا وحليفها التركى لفترة طويلة فى محاولة إقامة كيان آمن تسيطر عليه داعش داخل الأرض السورية، فهذه المنطقة تضم جزءاً من شمال سوريا يمتد من جرابلوس قرب الضفة الغربية لنهر الفرات حتى أفرين والدانا الواقعة على بعد حوالى مائة كيلو متر إلى الغرب.

وإذا نجحت القوات السورية فى استعادة هذه الأراضى فإن النتيجة هى استحالة قيام دول الغرب بالتغلغل فى سوريا والسيطرة على أرضها، وبذلك يفقد الغرب تماماً فرصة إسقاط حكم الأسد إلى الأبد.

إن نهاية اللعبة تقترب ويستحيل تماماً منع روسيا وسوريا من استعادة كل أرض سوريا فى النهاية ما لم يلجأ الغرب لخطوات عنيفة يائسة، ولا تخرج عملية إسقاط الطائرة الروسية عن كونها إحدى هذه العمليات اليائسة.

إن مركز الحكم فى روسيا داخل الكرملين هو وحده الذى يعرف الوقت والمكان والطريقة التى ستنتقم بها روسيا من تركيا، ولكن تصرفات روسيا على المسرح الدولى حتى الآن مدروسة بعناية لتتمكن من رد الصفعة للغرب فى مواجهة استفزازه، أما الحكومة التركية التى تميزت كل خطواتها حتى الآن بالفشل فى الحرب بالوكالة ضد سوريا، فقد ضبطت وهى تخطط لحرب واسعة النطاق بالوكالة فى سوريا ووضعت نفسها فى وضع مكشوف وثبت أنها تمول داعش ولا تحاربها، ولذا فأى خطوة انتقامية مباشرة أوغير مباشرة من روسيا ضد تركيا ستترك تركيا فى وضع منعزل تماماً، وحتى يحدث ذلك فإن أفضل احتمال لروسيا هو أن تستمر فى كسب الحرب ضد داعش واستيلاء الجيش السورى على ممر جرابلوس / أفرين وتحصينه ضد تسلل الناتو بينما تقوم بعزل قوات داعش وغيرها من العصابات الإرهابية أكثر فأكثر داخل سوريا، ويكون ذلك أسوأ انتقام من تركيا، فتأمين حدود سوريا يعنى وجود نفوذ دولة عظمى جديد فى الشرق الأوسط يقف ضد السعودية ودول الخليج ويعرقل حربها فى اليمن ويؤدى إلى تقلص الهيمنة الغربية على الشرق الأوسط، وقد بدأ الغرب فعلاً التراجع فى آسيا فى وجه النفوذ الصينى وبدأت الهيمنة الغربية تتراجع خطوة بخطوة ومنطقة بمنطقة وكما يحدث فى لعبة الشطرنج يحاول لاعب استفزاز خصمه بتحركات متتالية، وعندما ينفعل الخصم يسهل لخصمه السيطرة على اللعبة، ونفس الشىء فى السياسة والحرب فالانفعال يؤدى بمن يفقد أعصابه إلى الموت، ما لم يتمالك نفسه ويوجه عقله إلى استراتيجية تواجه احتياجات المدى القصير، وتؤدى فى النهاية إلى تحقيق أهدافه، وقد أثبتت روسيا مراراً قدرتها على تحقيق هذا التوازن، وعليها الآن أكثر من أى وقت سابق إثبات قدرتها على التوازن.

وإلى هنا ينتهى عرض كارتالوتشى لهذه اللعبة على الساحة الدولية والتى ورط العثمانى الأحمق نفسه فيها اعتماداً على حلفاء ظن أنهم سينصرونه ظالماً أو مظلوماً، فإذا بهم يتخلون عنه قبل أن يبدأ الشوط الحقيقى.

وإذا جاز لنا أن نتنبأ بما يحمله المستقبل من احتمالات فإننا - وقد نكون مخطئين - نلخص الأوضاع القائمة والاحتمالات فى النقاط التالية:

- مشروع أردوغان باقتطاع جزء شمالى من سوريا يصل للبحر المتوسط تقام عليه إمارة من تركمان سوريا تكون تحت نفوذه سقط تماماً بدخول روسيا أرض المعركة وبهذا القدر الهائل والمتزايد من السلاح وتوالى انتصارات الجيش السورى نتيجة الغطاء الجوى الروسى، خاصة أن إمارة التركمان التى توهمها أردوغان تقع فى قلب الجزء العلوى من سوريا الذى سيرأسه بشار الأسد أو جماعته العلوية والذى هو قاعدة التمركز الروسى.

- عندما نذكر أن أردوغان قد فاز فى الانتخابات الأخيرة بنسبة 48٪ فقط وأن أحكام الدستور التركى هى التى تمكنه من الحكم منفرداً، علينا أن نذكر أن 52٪ من الشعب التركى يعادونه، وأن تاريخ الجيش التركى فى الانقلابات العسكرية شهير، وكان أول انقلاب قام به سنة 1961 كان ضد عدنان مندريس، رئيس أول حكومة لتيار الإسلام السياسى فى تاريخ تركيا، وقد قام قادة الانقلاب بإعدام عدنان مندريس.

- إذا تأزمت الأوضاع السياسية الدولية إلى درجة تعرض تركيا لضربة انتقامية قاسية من روسيا فقد يرى الجيش التركى أن إنقاذ البلاد يتمثل فى انقلاب عسكرى ضد أردوغان.

- واضح من سير الأحداث أن طرفى الصراع الرئيسى روسيا والغرب بقيادة أمريكا يدركان جيداً أن دفع العالم لحرب عالمية نووية سيعنى فناء الطرفين مع فناء العالم، ولذلك نلاحظ حالياً ما يجرى من مساومات أهمها إقرار الغرب بالنفوذ الروسى فى سوريا وانعدام الرغبة حتى الآن فى مواجهته عسكرياً.

- الاحتمال الأقوى الذى نراه على الأفق هو تضحية الغرب بدولة ما يسمى داعش كما سبق له التضحية ببن لادن وقتله بعد أن استنفد الفائدة منه، ويكون ذلك بانتصار عسكرى واضح للجيش السورى بمساعدة روسيا وانتصار مماثل للجيش العراقى يعيد لكلتا الدولتين حدودهما وتنتهى داعش.

- لا يمكن إغفال وجود الأكراد ودورهم العسكرى فى هذا الصراع سواء بمعونة أمريكية أو لحسابهم الخاص بما قد يؤدى إلى قيام دولة كردية على حساب جزء كبير من تركيا وأجزاء من سوريا والعراق، وبذلك يخرج جميع أطراف الصراع بجزء من الكعكة التى تخسرها تركيا ودولة سوريا الموحدة، أما العراق فانفصال الأكراد فى دويلة مستقلة واقع منذ الغزو الأمريكى ولا ينقص سوى إعلان رسمى عنه واعتراف دولى به.

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد