رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

من أخطر الأمراض التى ابتلى بها المجتمع المصرى، هو التسيب واللامبالاة وعدم احترام القانون لدرجة الفوضى. واختص هنا بالذكر، جميع العاملين بالقطاع الحكومى بصفة عامة، سواء اكان العمال من موظفى الدولة ام كان من العاملين بالقطاع العام.

أغلب خريجى الجامعات الآن، لايقبلون على العمل الشاق، الذى يحتاج الجهد والتعب، فهم دائمًا ما يفضلون العمل بالحكومة أو القطاع العام، فقد أصبح الخريج – أى خريج – أمله الوحيد ان يكون موظفًا حكوميًا، بالطبع ليس حبًا فى العمل الحكومى، بقدر ما هى الرغبة فى الراحة والاستقرار وضمان مرتب شهرى ومعاش عند التقاعد. العمل الحكومى الآن هو غاية ما يبتغيه الخريجين، رفضًا منهم للجد والاجتهاد والتعب، وتفضيلاً للتسيب والاهمال (والتزويغ) وما إلى ذلك من فوضى، وفى نفس الوقت ضمانا للمستقبل.

العمل الحكومى بالنسبة لأغلب العاملين، أشبه ما يكون (بالتكية) التى يأكلون منها ويعيشون عليها ويضمنون معاشًا لهم عند التقاعد، هذه فلسفة أغلب العاملين بالدولة والقطاع العام. أما كون العمل هاما يكد العامل فيه ويعرق من أجل رفعة لبلده، فهذا الأمر غير وارد على الاطلاق. العمل الحكومى بالنسبة لأغلب موظفى الدولة مجرد نوع من أنواع التأمين على الحياة. ومع الأسف الشديد، إذا كان العامل جادًا بطبيعته ومجتهدًا، فانه يحاول (التزويغ)  من عمله الحكومى، بحثًا عن عمل آخر يستفيد منه، اما ان كان كسولا متراخيا، فيكتفى بالنوم على مكتبه أو قراءة الصحف والمجلات والسامر مع الزملاء.

أسلوب العمل الحكومى حاليًا لابد له من تغيير، ان كنا جادين حقا فى النهوض ببلدنا، لابد ان يتغير مفهومنا للوظيفة العامة. العمل الحكومى - بصفة عامة – يحتاج إلى أمرين هامين، أولهما القدوة الحسنة، حتى تحفز العاملين على الاجتهاد والعرق والانتاج. أما الأمر الثانى، فهو تطبيق مبدأ الثواب والعقاب تطبيقًا سريعًا حازمًا. التحقيقات أو المحاكمات الحالية يطول امدها، وفى نفس الوقت لا تخلص فى النهاية على شىء، هذه الأمور تعود عليها العاملين وأصبحوا لا يعبئون بها. الفصل من العمل على وجه السرعة أمر يرهب الكثير، والحرمان من المعاش، أو الخصم الفورى من الراتب أيضًا، كل هذه أمور ناجحة وتصلح من شأن العاملين بالدولة.

لابد ان نضع قانونًا حازمًا يتسم بالقسوة والحسم، حتى ينصلح حال العاملين بالدولة. أتذكر أنى فى فترة شبابى عملت لدى إحدى الدول العربية، فكان لديهم نظامًا حاسمًا وسريعًا، كان الموظف إذا تأخر أكثر من خمس دقائق عن ميعاد الحضور أو ترك العمل دون إذن، يخصم اليوم فورًا من راتبه دون تحقيق ( أو س أو ج ). وقتها كنت أجد الموظفين جميعا على مكاتبهم دون تأخير، ولا يخرجوا إلا بعد انقضاء المواعيد العمل الرسمية. وبنظرة سريعة أيضًا على العاملين المصريين بالقطاع الخاص، سواء فى البنوك الأجنبية أو الشركات الخاص، نجد انهم كما لو كانوا من بلد آخر أو أنهم ليسوا مصريين، هذا بالطبع لأن القطاع الخاص لا يعرف التسيب أو الاهمال ولا الفوضى. هكذا دأب العاملين المصريين، فكثير منهم يخاف ولا يستحى. وبالتالى، لابد ان نتعامل مع مثل هؤلاء بشىء من الشدة، حتى يفيقوا من هذا الإهمال والتسيب.

اقترح ان تضع الدولة قانونًا جديدا للعاملين بالدولة والقطاع العام، يسمح بإنزال العقاب السريع دون تسويف، بحيث يطبق هذا القانون على من يتم تعينه فى ظله، أما العاملين قبل صدوره فيظل يطبق عليهم القانون القديم. إذا فعلنا هذا نستطيع ان نجعل موظفى الدولة، عمالا منتجين وقادرين على ان يستفيدون ويفيدون بلدهم، بهذا يمكننا ان نقضى رويدًا رويدًا على شق كبير من الاهمال والتسيب واللامبالاة التى ضربت أغلب القطاعات بالدولة، فهذا الداء يحتاج منا إلى بعض الوقت والجهد حتى نتخلص منه.

فى الماضى - قبل ثورة يوليو سنة 1952 - تعلمنا الكثير والكثير من الأجانب الذين كانوا يعيشون معنا، تعلمنا الجد والاجتهاد والاخلاص فى العمل، تعلمنا أيضًا الصدق فى القول، والخلق الكريم، والنظافة فى جميع مناحى الحياة. فى الماضى كنا منتجين، لنا سمعة طيبة على مستوى العالم، لقد كانت مصر - فى ذلك الوقت - أم الدنيا بحق، وكانت الإسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط. الفرصة مازالت أمامنا حتى نعود إلى ما كنا عليه فى الماضى بل أحسن من ذلك، فقط بالقدوة الحسنة، وبالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى.

فلكل مجتهد نصيب، ولكل مهمل عقاب... وتحيا مصر.