رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الهجوم الذي تعرض له الدكتور هاني المسيري، محافظ الإسكندرية المستقيل، بمناسبة الأمطار الغزيرة التي تعرضت لها مدينة الإسكندرية في الأيام الماضية، أمر به تجاوز غير مبرر.

ربما يكون السيد المحافظ مخطئا بالفعل، وربما لا يكون مخطئا. التسرع في الحكم علي الأشخاص دون انتظار ما تسفر عنه التحقيقات، أمر يصيب الشخص بأضرار بالغة، فضلا عن انه قد يعرض عائلته وأقرانه المحيطين به للضرر أيضا. نحن نعلم جميعا أن هناك مشاكل كبري، تتعرض لها مدن مصر كلها دون استثناء، وليست الاسكندرية وحدها. فعلي سبيل المثال، هناك مشكلة القمامة، التي عمت جميع المدن المصرية، فقد طال امد هذه المشكلة لعشرات السنين وتوالي عليها العديد من المحافظين، ورغم ذلك مازالت المشكلة قائمة، وإن زادت حدتها أو قلت حسب ظروف كل مدينة، ولكن المشاهد ان مشكلة القمامة قد استفحلت وأصبحت من المشاكل العقيمة التي يصعب حلها بالطرق التقليدية.

نفس الشيء يمكن ان يقال أيضا عن باقي مرافق الدولة بصفة عامة، خاصة مرفق المياه والصرف الصحي. فلا توجد مدينة في مصر لا تعاني من هذين المرفقين. ما أريد قوله إن مشكلة مياه الشرب وكذا مشكلة الصرف الصحي من المشاكل العامة التي لا شأن لها بالمحافظين، لسبب بسيط هو أن الزيادة السكانية واتساع رقعة المباني في جميع مدن مصر لم يحسب حسابها في المرافق العامة خاصة مياه الشرب والصرف الصحي. أما بالنسبة للإسكندرية، فإن أغلب الظن أن المشكلة الأخيرة التي تعرضت لها تلك المدينة لها علاقة بمرفق الصرف الصحي، وربما يكون المسئولون قد نبهوا للمشكلة ولكن لم يلتفت أحد للحل.

مصر الآن تعاني من مشكلة اقتصادية طاحنة، خاصة في الاعتمادات المالية المطلوبة لتحسين المرافق العامة، مثل التعليم، والصحة، والمواصلات العامة، والطرق وغيرها من المرافق التي تحتاج الي ميزانيات ضخمة تتناسب مع الزيادة السكانية الواقعة. أغلب هذه المرافق لم يحدث بها أي تغيير يقابل الزيادة السكانية التي تشهدها البلاد. وبالتالي، فإن مشاكل المرافق في ظل تلك الظروف الراهنة ستكون دائما وأبدا محل شكوي المواطنين. وبالتالي يجب أن نأخذ كل هذا بعين الاعتبار عند محاسبة المسئولين في الدولة، وأن تكون المسئولية بعد إجراء التحقيقات اللازمة وكشف الحقائق.

يشرفني أن أكون سكندريا قديما، وفيما يخص مشكلة مياه الأمطار، فلم تكن هذه المشكلة موجودة علي أيامنا، بل كنا دائما وأبدا ننتظر الأمطار بالابتهاج والفرح لأنها كانت تضيف الي جمال الاسكندرية جمالا زائدا، فتصبح الإسكندرية - بعد غسل الأشجار والمنازل - كأنها لؤلؤة قذف بها البحر علي الشاطئ، فكانت الإسكندرية بحق عروس البحر الابيض المتوسط. في هذا الزمن البعيد كانت البلدية تحتاط للأمطار مهما كانت غزارتها فتخصص لها بالوعات صرف خاصة بها تمتد الي داخل البحر. أما الآن، وبعد أن تهالك خطوط الصرف علي مر الزمن، تم تحويل مياه الأمطار الي أنابيب الصرف الصحي. من هنا بدأت المشكلة، فكلما تعرضت الإسكندرية لنوة شديدة مثل ما حدث بالأمس القريب، تظهر المأساة لعدم استيعاب شبكة الصرف الصحي الأمطار الغزيرة، بالإضافة الي مياه الصرف الصحي.

خلاصة القول، التسرع في الحكم علي الأشخاص أمر ممجوج، فلابد قبل أن نصدر الحكم علي الناس ان ننتظر التحقيقات وما تسفر عنه. وبالتالي، فإني أشيد بالمسئولين سرعة التحقيق فيما حدث بالإسكندرية للوصول الي الحقيقة، فاذا ثبت أي تقصير، أو إهمال، أو تسيب من المسئولين، فلابد من معاقبة المتسبب فيه، ولا نكتفي أبدا بإقصائه عن عمله، لأن الإهمال في حد ذاته يعتبر جريمة كبري لا تغتفر، خاصة لو تعلق الأمر بشئون الشعب.

أنا لا أدافع عن محافظ الإسكندرية السابق بقدر ما أدافع عن قواعد الحق والعدالة، فانا لا أعرف محافظ الاسكندرية، بل لم يحدث أن صادفته يوما في حياتي، وإنما هي كلمة حق أقولها حتي لا تساق الاتهامات جزافا في حق أي شخص أو مسئول أيا كان موقعه، دون تريث أو انتظار التحقيقات.

وتحيا مصر ...  تحيا مصر ...  تحيا مصر