رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

عرضنا في المقال السابق أثر الضربة التي تلقتها عصابة الإخوان بفض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة والقبض علي معظم قادة الصف الأول لهم بمن فيهم المرشد. وكذا علي عشرات الألوف من أعضائها من مختلف طبقات القيادة وهرب الكثير منهم إلي خارج البلاد أو الاختفاء داخلها. وأصبحت رابعة بالنسبة لهم مثل كربلاء لدي الشيعة: رمزا للألم والأمل. ولم يعرف الإخوان كيف يشعلون ثورة جديدة ضد الجيش. ورأوا الحلف الدولي المعادي لمصر والمؤيد لهم يتفكك. وظهرت الخلافات داخل الجماعة إلي العلن.

وبمرور الوقت وهروب الكثير منهم إلي تركيا وقطر بينما استوعب بعضهم أثر صدمة رابعة ازداد الضغط داخل الجماعة. واستبدل الالتفاف حول المرشد بتساؤلات عدة. كيف سيمكن إسقاط النظام الجديد؟ ففي ديسمبر 2013 أعلنت الحكومة أن الإخوان تنظيم إرهابي منهية بذلك تماما أي أمل في مصالحة وطنية. وبدأت بريطانيا تحقيقا في نشاط الإخوان في بريطانيا. وطلبت قطر من بعض قادة الإخوان مغادرة أراضيها في سبتمبر 2014 بضغط من الإمارات والسعودية رغم استمرار قطر في مساندة الإخوان.

وفي يونية 2014 استولت داعش علي الموصل ثاني أكبر مدن العراق مما سبب ضجة حول العالم. فلأول مرة استطاعت جماعة إسلامية احتلال جزء كبير من الأرض والاحتفاظ به. وليس في دولة بعيدة مثل أفغانستان أو دولة فاشلة مثل الصومال بل في قلب العالم العربي. وكان رد الفعل فوريا. فالنجاح أحسن أداة للتجنيد. فقبل الموصل كانت فكرة الجهاد مجرد فكرة براقة. ولكن احتلال الموصل كان نجاحا كبيرا لها.

وجعل التفكير في إقامة دولة إسلامية أمرا ممكنا. وكانت لحظة تحد حقيقي لعصابة الإخوان التي كانت منهارة نفسيا وأمام نظام حكم سحق قياداتها. وبدأ الإخوان يفكرون في ثورة جديدة يقوم بها شبابهم. وكانت أول خطوة علي طريق العنف قد تم اتخاذها. فكل تظاهر بعد فض رابعة قمعته السلطات. وبينما اعتقل الكثير من رجال الإخوان أصبحت نساؤهم جزءا متزايدا من مظاهراتهم. وقام الكثير من رجال الإخوان بتشكيل فرق لحماية المظاهرات مسلحة بالحجارة وزجاجات المولوتوف. ومع ذلك تحركت الأحداث علي الأرض أسرع مما تحرك القادة. فالخليط الذي اعتصم في رابعة بدأت نتائجه تظهر. فالإخوان كانوا من البداية تنظيما حديديا. فحسن البنا ترك عدة مؤلفات تملأ الفراغ الأيديولوجي. وبعد موت سيد قطب لم تنتج الجماعة مفكرا جديدا. ونتيجة لذلك أعطي الإخوان أهمية قصوي للطاعة داخل الجماعة وفصل ذوي الأفكار المستقلة من عضويتها. وحتي يوسع حسن البنا حجم الجماعة ترك أسئلة كثيرة دون إجابة.. ولم يملك أي من خلفائه القدرة علي ملء الفراغ الذي تركه البنا. وكان التماسك الداخلي للجماعة بعده قائما في الظروف العادية علي الصرح الأسري للتنظيم وقوة شخصية القائد. ولكن القمع الذي حدث بعض فض رابعة وضع حدا لذلك. فتخلي البعض عن عضوية الجماعة والانضمام لجماعات جهادية ولكنهم كانوا أقلية. أما الأغلبية فقد انضمت لأفكار السلفية الثورية.

وكون رفاعي سرور أحد أوائل الأعضاء أول خلية جهادية سنة 1966. وكان تأثره بالاحتجاجات التي أعقبت هزيمة 1967 كبيرا. فترك الجهاديين للعمل مع الجماهير المحتجة. ورفض فيما بعد أن يكون قائدا للجهاد الإسلامي في مصر. ووهب حياته لتكوين تنظيم نظري للفكر الجهادي بعد اغتيال أنور السادات. وأمضي ثلاثة عقود في الكتابة النظرية السلفية. والتف حوله اتباع كثيرون، كان بينهم خالد حربي وحسام أبوالبخاري اللذان كانا من أنشط الإسلاميين خلال الثورة. وكانت لحظة الثورة حافزا لتجمع حشد كبير خلف حازم صلاح أبوإسماعيل عندما أراد الترشح لرئاسة الجمهورية. والآن وفي لحظة المحنة للجماعة ومحاولة عشرات الألوف من اتباعها البحث عن مخرج في فكر جديد. كانت أفكار رفاعي سرور الملاذ لهم. لم تكن مصادفة أن حي المطرية كان الحي الوحيد الذي استمرت فيه المظاهرات والمعارك مع الشرطة كل أسبوع فقد كان هو الحي الذي يقطنه رفاعي سرور لعقود عديدة ويمارس اتباعه أقصي نفوذ علي أعضاء الإخوان. فبعد صلاة كل يوم جمعة يسقط بعض المتظاهرين قتلي أو مصابين وتمتزج دماء الأعضاء من خلال الصراع المشترك.

في نوفمبر 2014 قامت الجبهة السلفية، وهي مجموعة صغيرة متشددة نشأت في أعقاب الثورة، بالدعوة ليوم احتجاج أسمته ثورة الشباب المسلم. وكانت تظاهرة إسلامية صرفة شعارها الحفاظ علي هوية مصر الإسلامية ضد العلمانية. وتردد صدي الدعوة وسط كل الإسلاميين، وشعرت قيادة الإخوان بالحرج. هل تعارض مظاهرة إسلامية وعلي أي أساس؟ ومن جهة أخري كانت المظاهرة هدما لكل جهود الإخوان في وصف أعداء الانقلاب كلهم بالإسلامية. وأخيرا قرر الإخوان رفض أسلمة المظاهرة معلنين أن التظاهر سيكون لرفع علم مصر وترديد الشعارات الثورية. وفشل التظاهر في حشد أعداد كبيرة واقتصر علي مناطق قليلة ولكن قبل أسبوع من المظاهرة هتف المتظاهرون في المطرية لداعش ورفعوا علمها الأسود. وكان الوضع علي وشك الانفجار.

فبالنسبة لتنظيم حديدي يضع أهمية قصوي علي طاعة الأعضاء فان العمل دون قيادة كان كابوسا. وكانت بقايا قيادة الإخوان تحاول وضع خطة لهزيمة النظام واستمرار الصراع. فوجود الإخوان متوقف علي قدرتهم علي إحلال قادة جدد محل من سجنوا أو قتلوا أو هربوا. فقام الإخوان في فبراير سنة 2014 بعقد انتخابات كبري لاختيار قادة جدد بدل المعتقلين. وبقي موضوع إمكانية عقد هذه الانتخابات في ظل الملاحقة الأمنية لغزا. ويبدو أن التصويت كان يتم شفهيا من شخص لآخر. وكانت نتيجة التصويت بقاء محمد بديع مرشدا رغم وجوده سجينا. ولكن إدارة الجماعة انتقلت إلي محمد طه وهدان الأستاذ بكلية الزراعة وعضو مكتب الإرشاد. كما انتخب أعضاء مكتب الإرشاد محمد كمال وحسين إبراهيم وعلي بطيخ  وسعد عليوة. فماذا كان مصير باقي أعضاء مكتب الإرشاد الذين كانوا مازالوا طلقاء مثل محمود حسين ومحمود عزت ومحمود غزلان وعبدالرحمن البر؟ لم تكن هناك إجابة واضحة لذلك، وفي ديسمبر سنة 2014 ترددت شائعات عن عزل محمود حسين من السكرتارية العامة بسبب تصريحه ضد ثورة الشباب الإسلامي.

بعد سقوط حكم مرسي كونت عصابة الإخوان ما سمي بالتحالف القومي لمساندة الشرعية ضد كل معارضي النظام الجديد مثل حزب الوسط وحزب الوطن السلفي وحزب البناء والتنمية وحزبي الأصالة والفضيلة السلفيين. وبمرور الوقت بدأ التحالف يتفكك ويخرج منه أعضاؤه. واحتاج الإخوان لمظلة جديدة من الإسلاميين وغير الإسلاميين من معارضي النظام وكان الإخوان قد أنشأوا في أغسطس سنة 2014 ما سمي بالمجلس الثوري المصري ضم بعض غير الإسلاميين لتحسين صورة الجماعة في العالم الغربي. ثم جمعوا في ديسمبر أعضاء البرلمان السابقين الذين هربوا إلي تركيا وأنشأوا ما سمي بالبرلمان المصري في المنفي. ولم تكن لكل هذه الخطوات صدي يذكر أو أي أثر لها علي تطورات الأحداث داخل مصر. وإن كان المجلس الثوري المصري قد مكن الإخوان من عقد اجتماعات داخل مصر. وإن كان المجلس الثوري المصري قد مكن الإخوان من عقد اجتماعات له في واشنطن في يناير سنة 2015.

وبالتوازي بذل الإخوان جهدا ضخما لبناء جهاز إعلامي قادر علي حمل رسالتهم لمصر ولدول الغرب. ولأن اعتمادهم علي قناة الجزيرة لم يكن كافيا فقد قاموا بإنشاء قنوات تليفزيونية من تركيا منها قناة «مكملين» التي بدأت الإذاعة من تركيا سنة 2013. وتلتها قناة «رابعة» في ديسمبر سنة 2013 ثم قناة «الشرق» في إبريل سنة 2014. ولم تكتف الجماعة بذلك فأنشأت قناة «مصر الآن» في أغسطس سنة 2014. ونتيجة فرار الآلاف من الإخوان من مصر كان الإخوان في حاجة ماسة لتنظيم هؤلاء في المنفي. فبدأوا بتدبير سكن وعمل لهم ثم تنظيم للجهد الدولي الشامل وأجريت انتخابات بين المقيمين في المنفي في يناير سنة 2015. وأنشأوا المكتب الإداري للمصريين في الخارج من ثلاثة أعضاء من تركيا واثنين من قطر وواحد من ماليزيا وواحد من السودان. وأعلنوا في إبريل أن رئيس المكتب هو أحمد عبدالرحمن رئيس حزب العدالة والتنمية سابقا في الفيوم. وأن المتحدث الرسمي الوحيد باسم الإخوان هو محمد منتصر. ونعرض في المقال التالي تطور المسيرة الإخوانية.

 

الرئيس الشرفي لحزب الوفد