عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

كثيراً ما تنطبق قوانين السوق على مجريات الأحداث السياسية, فكما لا يمكنك أن تحصل على سلعة لمجرد تمنيك لها, ففى السياسة أيضاً لن تحصل على شىء لمجرد حلمك أو احتياجك له حتى تمتلك المقابل.

إن المصالح لا تقتنع بغير المصالح, والمقبول والمعقول أن القوة هى الحقيقة الوحيدة التى أثبتت رسوخها على مجريات الأحداث.

فهناك ومن نيويورك حيث «تمثال الحرية» يشير صوب أوروبا, مكتوباً أسفله (أعطونى كل من عندكم من المضطهدين فى الأرض والمظلومين والمتعبين), وكما أخبرنا ابن خلدون بأنه (دائماً ما يقلد المظلوم ظالميه), فما أن انتقلت بوصلة القوة من أوروبا وتوجهت ناحية واشنطن, منذ منتصف القرن العشرين حتى صارت أمريكا تقلد محتليها فى إنجلترا, مع رفعها شعارات الحرية أمام أوروبا لينال الشرق استقلاله وحريته ظاهرياً. والآن والعرب كل يوم يفقدون عنصراً من عناصر قوتهم, وحجراً من أحجار ثقلهم, وتبتعد القضية الفلسطينية من على جداول أعمالهم, كان حوار الرئيس عبدالفتاح السيسى لإحدى المجلات الأمريكية عن توسيع معاهدة «كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل لتشمل العديد من الدول العربية, وهو ما أحدث حالة من اللغط السريع على ساحة المشهد فى مصر, وتواترت أصداؤه عالمياً ما بين الإعحاب والدهشة والترقب, الأمر الذى جعل الرئاسة المصرية تسارع وتصرح بأن الحديث قد اجتزء من سياقه, وقد أكد الرئيس خلال كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة على رفض مصر لممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين, وضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن, وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل يونية 1967.

إن الأحاديث الصحفية التى يدلى بها الساسة والقادة, تكون فى معظم الأحيان, عبارة عن رؤوس لأفكار أو حلول مقترحة, لها تفاصيل قد يذكر البعض منها أثناء الحديث الإعلامى أو الصحفى وقد لا, على أن تناقش تلك التفاصيل على طاولة المفاوضات السياسية مع باقى الأطراف المعنية، وإن كانت الكلمات لا تقتل أحداً, فإن أول دروس النجاح فى الدبلوماسية مرتبط بإصابة الهدف بأقل قدر من الكلام, فكلما تكلمنا أكثر, كلما كشفنا من مواقعنا رقعة أوسع, وكلما كشفنا المزيد من مواقعنا, كلما ضاقت أمامنا مساحة الحركة وحرية التصرف, ولا يجب كذلك ألا ننسى أن معيار القيمة الوحيد هو النجاح, وحينها لن يكون أمام الآخر سوى التعامل مع ما فرضه هذا النجاح, فلا يجب أن ننسى أننا أمام عالم لا يحترم سوى لغة القوة لإجبار الآخرين على الرضوخ.

فالمواقف التى اتخذتها القيادة المصرية أمام الولايات المتحدة والعالم الغربى دفاعاً عن أمنها القومى, وبرغم ما يكبلها من معاهدات, ثبت مع الوقت أنها كانت السبب فيما تشهده البلاد من عمليات إرهابية تنطلق من سيناء, التى أصبحت الفناء الخلفى لكل من أراد بمصر سوء من جماعات إرهابية أو بلدان إقليمية.

فـ «كامب ديفيد» قيدت من السيادة المصرية على سيناء, اللهم من بطاقات الرقم القومى, فسيناء وحسب المعاهدة انقسمت إلى 3 مناطق بدءاً من شرق قناة السويس فالمنطقة (أ) وتمتد 58 كيلو مترات, ويوجد بها سوى لواء ميكانيكى و22 ألف جندى, والمنطقة (ب) وتمتد لمسافة 103 كيلو مترات, ولا يوجد بها سوى 4 كتائب, وتأتى أم المصائب بالمنطقة (ج) التى تمتد لمسافة 33 كيلو متر, ولا يوجد بها سوى عدد محدود من الشرطة المصرية, هذا من جانب ما نصت عليه بنود الاتفاقية, وعلى الجانب الآخر فى الداخل المصرى فقد أهمل متخذو القرار لعقود عن جهل أو عن قصد سيناء دون إعمار أو تنمية, مما جرأ الأعداء باختلاف أطيافهم على استباحتها الإرهاب, أما وقد أمتلك الشعب المصرى إرادته ورفض الاستسلام للأمر الواقع, وهو ما ظهر جلياً فى تعامل القيادة المصرية مع مهددات الأمن القومى المصرى, فقد باتت أراضى سيناء مشاعاً للجيش المصرى يدك ما بها من أوكار الإرهاب, وأصبحت سماؤها تظلها طائرات الجيش, حتى حدودها الدولية مع الكيان الغاصب.

وكان قرار القاهرة بتنويع مصادر تسليح الجيش المصرى من روسيا وفرنسا والصين ضربة موجعة للطرف الأمريكى, الذى كان متحكماً فى القرار العسكرى المصرى طيلة الأعوام السابقة, بفعل نصوص الاتفاقيات العسكرية معه, وتحكمه فى توريد قطع الغيار والصيانة, وهو ما بات يكذبه المدافعون عن «كامب ديفيد» برغم ما بها من إيجابيات لمصر, وهو ما ظهر جلياً برفض الولايات المتحدة عودة الآباتشى بعد صيانتها إلى مصر, بقصد الضغط على صانعى القرار, للرضوخ للمطالب الأمريكية.

هكذا يكون الأمل باقياً طالما وجدت إرادة الشعوب, فحينما أراد الشعب المصرى إبعاد الإخوان خوفاً على الوطن من التفتت, لم يمنعه أحد, بل وجد الجيش ينحاز لإرادته متحدياً الضغوط الخارجية, فأتخذ من المواقف التى تزود عن الأمن القومى, متحملاً التضحيات, إنها إرادة الدول ولكن تبقى إرادة الشعوب هى الأصدق والأوقع حالاً.