رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نشر موقع يوراسيان أوبزيرفر في 20/8/2015 مقالاً مطولاً للكابت صمويل تادرس عن الثورة والتخبط الدائرين داخل صفوف عصابة الارهاب المتأسلمة نقدمه للقارئ في هذا المقال وما يليه: يقول تادرس:

صرخ موقع «مصر العربية» التابع لعصابة الاخوان في 28/5 يقول: «انقلاب داخل صفوف الإخوان»، وفي لحظات انقلب عالم الاخوان رأساً على عقب جرياً وراء الأخبار، ودون قيادة توجههم لجأ أعضاء الاخوان للاعلام بحثاً عن الاخبار وعن النصيحة، وكان الإنكار هو رد الفعل الأول لأعضاء الجماعة، ولكن سرعان ما تحققت أبشع مخاوفهم، حيث أعلن محمود حسين، سكرتير عام الجماعة، على صفحته في الفيسبوك أن محمود عزت قد استولي على جماعة الاخوان.

وكون سكرتير عام الجماعة ذي النفوذ القوي لم يستطع نشر تصريحه على أي من وسائل الاعلام المملوكة للاخوان فهذا دليل قاطع أن هناك مشكلة كبرى، فقد أصبح الصراع الآن علنياً، فخلال ساعات قليلة رد محمد منتصر الناطق باسم الاخوان على محمود حسين على صفحات الاخوان الرسمية قائلا: إن مؤسسات الاخوان التي تم انتخابها في فبراير الماضي تدير شئونها، وأن الوحيد الذي له حق الكلام باسم الاخوان هو شخصياً باعتباره المتحدث الرسمي باسم الجماعة، وقد أعقب نشر تصريحه ظهوره شخصياً على قناة الجزيرة، حيث أعلن أن «اذا رأيتم الاخوان ينحرفون عن الخط الثوري فلا تتبوعنا» فما كان يفور منذ شهور انفجر في العلن، ولم يعد صراع الجماعة مقصورا ضد نظام الحكم في مصر، فقد أصبح للصراع فرع داخل صفوف الجماعة، أي أن الجماعة منقسمة على نفسها.

وبالنسبة لهؤلاء الذين لايتابعون نشاط الاخوان بدقة خلال العامين الأخيرين، وهؤلاء المعتادين على أن الجماعة لا تسمح إطلاقاً بالخلاف داخل صفوفها كان منظر هذا الخلاف العلني مذهلاً، فالاخوان الذين طالما كانوا يباهون بأنهم جماعة قوية احتفظوا بتنظيم يمتد من وحدة الأسرة الى طبقات العضوية الستة، والواقع أن هذا التنظيم المحكم مكن الاخوان من الحياة لعقود عديدة من القمع، ومكنهم من السيطرة على الانتخابات التي اجريت بعد الثورة، ورغم سقوطهم من السلطة فلا يمكن خلال سنتين محو هذا التنظيم الذي وصل عمره الى 85 سنة، والواقع أن انهيار الاخوان لا يثير الدهشة، وحتى نفهم الاضطراب الجاري حالياً ومستقبل الاخوان علينا ألا نذهب بعيداً في تاريخ الاخوان في الماضي، وبدلاً من ذلك علينا تتبع خطواتهم منذ سقوط محمد مرسي من عرش الرئاسة يوم 3 يوليو سنة 2013 بدءا من خنادق رابعة العدوية ومروراً بتظاهراتهم في مصر، وبقنواتهم التليفزيونية وتمددهم في الخارج حتى وصلوا الي المجهول.

فحتي آخر ساعات رئاسته كان مرسي واثقاً أن الجيش لن يتحرك أبداً ضده، فقد كان هو من اختار شخصياً قائد الجيش وفعل كل ما يستطيع لإرضاء الجيش في الدستور الجديد وحتى بعد أن أصدر الجيش إنذاره عن منح الأطراف 48 ساعة للتفاهم كان الاخوان علي صفحات التويتر يؤكدون لمؤيديهم يوم أول يوليو سنة 2013 أن المعارضة تحاول تفسير إنذار الجيش كانقلاب ضد الرئيس وهو ليس كذلك، فالجيش مؤسسة وطنية، وبحلول 30 يونية وترتيب المعارضة للتظاهر العام حشد الاخوان مؤيديهم في ميداني النهضة ورابعة العدوية، وتصوروا أن الامر سيكون تكرارا لما حدث قبل ستة أشهر عندما أصدر مرسي مرسومه بتحصين قراراته ضد المراقبة القضائية، فقد أعد الاخوان اعتصاماً في الميدانين لمواجهة احتمال هجوم المعارضة على القصر الجمهوري، ولم تكن لدى الاخوان خطط لمواجهة هجوم دبابات الجيش بدلاً من المتظاهرين عليهم، وحتى اذا صاح مرسي «حتى أنت يا بروتس» لم يكن الاخوان مستعدين لصيحة: «إذن ليسقط قيصر»، وبينما قام الجيش بحملة اعتقالات انسحب الاخوان لميداني النهضة ورابعة العدوية لمواجهة المستقبل، فخلال العام السابق عمل الاخوان المستحيل للتحالف مع كل القوى الاسلامية، ونجحت محاولتهم، فالمعركة الدستورية سنة 2012 كانت مقدمة لما سيلي.

ففي النهضة ورابعة العدوية احتشد كل القوى الاسلامية لمؤازرة الاخوان، ففي خيام الميدانين احتشد الاخوان والجماعة الاسلامية والسلفيون واختفت الخلافات بينهم، وكان ذلك في شهر رمضان كحلم اسلامي.

وكان لاختلاط الجماعات الاسلامية أثره على الخطب التي ألقيت بالانجليزية والتي صورت ما حدث على أنه انقلاب ضد الديمقراطية، بينما كانت الخطب العربية تنادي بالجهاد، ولم يكن ذلك مجرد لغة مزدوجة للاخوان بالانجليزية والعربية بل كان نتيجة ارتباط في صفوفهم، وقد تصدى الجيش لمحاولتين للاخوان بتوسيع نطاق الاعتصام، ولكن صمد الاخوان في المعسكرين، ولمدة 41 يوماً بعد سقوط مرسي بقى الاعتصام وزعمت الشائعات أن الملاك جبريل ظهر في الميدان وأن قائد الجيش الثاني كان ضد عزل مرسي وسيتحرك سريعاً وان هناك هروباً كثيراً في صفوف الجيش.

وحل يوم 14 أغسطس فهاجمت القوات المعسكرين لاخلائهما ووقعت أكبر مذبحة تقوم بها الدولة بعد مذبحة المماليك على يد محمد علي سنة 1811، ولن يعرف العدد الحقيقي للقتلى ولكنهم كانوا حوالي ألف قتيل بينما زعم الاخوان أن القتلى كانوا أضعاف هذا العدد، وبالنسبة لمؤيدي الاخوان خارج مصر أصبحت رابعة رمزاً تمثله الأصابع الأربعة.

ويرفعه الرئيس التركي اردوغان، ولكن بالنسبة لمن عاشوا الأحداث في مصر أصبحت رابعة شيئاً آخر ففي فيلم فيديو تاريخه 5 أكتوبر ظهر رجال يسقطون ويبكون بينما وقف آخرون يرقصون في هستيريا، وأصبحت رابعة بالنسبة للاخوان مثل كربلاء بالنسبة للشيعة، مكاناً للحزن ولكنه مكان للبعث من جديد، فكل من شارك اعتبره الاخوان أخا لهم، وغير ذلك اعتبروه عدواً، أصبحت رابعة مرجلاً تختلط فيه الأفكار بالدماء.

وصاح مرشد الاخوان قائلا: «إن سلميتنا أقوى من الرصاصات»، وحوَّل من بقى من قيادات الاخوان هذا الشعار الى استراتيجية للعمل، واستبدلوا ثورة 25 يناير سنة 2011 بمحاولة ثورة جديدة تخضع الجيش ولكنهم لم يعرفوا كيف يشعلون ثورة جديدة، وظنوا أن الضغط الدولي سيدفع الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي إلى التراجع وأن الجيش سينقسم علي نفسه، ولم تكن لدى الاخوان إجابات واضحة على ما سيحدث.

فثورة 25 يناير لم تكن سلمية، ولم يكن ممكنا أن تنجح لولا ضعف نظام مبارك، وليس السيسي كمبارك، وتضاءل عدد متظاهري الاخوان تدريجياً وزاد قمع السلطات للمتظاهرين، وبدأت الحياة تعود لطبيعتها، وازدادت عزلة الاخوان وسط الشعب، وقد ساعدت تصرفات الاخوان خلال وجودهم القصير في السلطة على عزلتهم بعد السقوط منها، وكانت أغنية علي الحجار: «نحن شعب وأنتم شعب آخر» خير مصور لهذه الحالة، ولفترة قصيرة بدا أن الجامعات هي أكبر أمل للاخوان علي العودة للسلطة، فقد فتح جيل جديد عينيه بعد الثورة على أن السياسة تعني حرب الشوارع، ولكن لم يمض وقت طويل حتى قمعت السلطات تمرد الطلبة، ربما كان الامر سيختلف لو استطاع الاخوان إغلاق الفجوة بين الاسلاميين والقوى المدنية، ولكن ذكريات فترة حكم الاخوان القصيرة كانت ماثلة أمام القوى المدنية ومنفرة جداً من الاخوان.

وكانت محاولة الاخوان تطوير استراتيجية تسقط الحكم عملية شبه مستحيلة في الظروف العادية، ولكن الظروف لم تكن عادية فقد قبض على عشرت الألوف من الاخوان، ولكن الازمة الحقيقية للاخوان كانت في قياداتهم وتكوينها، فلعقود عديدة كان الاخوان يفتخرون بتنظيمهم المبني على استيعاب الصدمات والاستمرار في الوجود بعد كل محنة قمع، ولكن الامر هذه المرة مختلف تماماً، فلم يكن القمع مقصوراً على بضعة قادة للجماعة يمكن استبدالهم، فقد استأصلت السلطات عدة طبقات من قادة الاخوان، ومن لم يكن منهم في السجن كان هارباً يتنقل من مسكن لآخر والسلطات في أثره، لذلك لم تكن المشكلة استبدال القادة المسجونين بآخرين محلهم، بل مساعدة من كانوا ومازالوا طلقاء في الهرب من مصر، وقد استطاع العديد من صغار القادة الهرب عبر مطار القاهرة، أما كبار القادة فقد كان الهرب لمن استطاع منهم يتم عن طريق ليبيا أو السودان.

ونقف عند هذه الفقرة لنستطرد في المقال التالي باقي قصة ما يدور داخل الجماعة الارهابية في مواجهة قمع السلطات لها.

 

الرئيس الشرفي لحزب الوفد