عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تمثل روسيا قوى عالمية صاعدة بقوة الآن فى العالم, كما تسعى إيران كى تصبح الدولة الأقوى نفودا فى إقليم الشرق الأوسط, وترتبط الدولتان بعلاقات استراتيجية, وبمجموعة من المصالح المشتركة فى المنطقة, وتسعيان لتحقيق مصالحهما, ضمن إطار عالمى جديد, يؤكد انتهاء عصر تصدير الأيديولوجيات, وأقامة العلاقات على أسس من البرجماتية والمصالح المشتركة.

فروسيا ترى أن إيران تمثل عمقا استراتيجيا لسياستها فى المنطقة, وتتأثر علاقاتهما ببعدين رئيسيين: البعد الجيوسياسى والبعد الاقتصادى, فلإيران تأثير كبير على مجريات الأحداث فى منطقة جنوب القوقاز, ووسط وجنوب آسيا, والشرق الأوسط بالتأكيد, وترى روسيا أيضا أن إيران الشيعية تمثل لها عاملاً مهماً للتوازن, أمام المد السنى «دول وتنظيمات» وخاصة بمنطقة القوقاز وآسيا الوسطى, كما تعد طهران حليفا لروسيا فى دعم نظام «بشار الأسد» سياسيا وعسكريا واقتصاديا فى سوريا التى تستضيف القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا بميناء «طرطوس» على شواطئ المتوسط. وأما بالنسبة للبعد الاقتصادى فإن التعاون مع إيران يعد من أولويات المصالح الروسية, فإيران تمتلك إمكانيات هائلة للنمو الاقتصادى, بالإضافة إلى احتياطاتها الضخمة من النفط والغاز, كما يزيد أيضا من رغبة روسيا فى تمتين علاقاتها بإيران التوتر الحالى بين موسكو وواشنطن.

وفى المقابل وعلى الجانب الإيرانى, فإن بناء شراكة وثيقة مع روسيا يأتى فى مقدمة أولويات السياسة الخارجية الإيرانية, وبدا ذلك جليا فى التعاون فى مجال الطاقة وبخاصة الطاقة النووية, وحتى بعد إبرام أتفاقها النووى مع أمريكا, نرى أن إيران لن تغير من سياستها الخارجية تجاه روسيا, فطهران تدرك أن أمريكا لن تقدم لها الا بعض المكاسب الاقتصادية والدبلوماسية, وأن واشنطن تستخدمها لتقوم بدور الوكيل لها فى منطقة الشرق الاوسط, وليس دور الحليف أو الشريك الدى تسعى اليه إيران, وعليه فان روسيا ستظل بالنسبة لإيران فى صورة الصديق أو الشريك الذى قد لا تتطابق آراؤه ومصالحه معها, الا أنها تتشابه فى أوجه كثيرة.

وسنستعرض فى الأسطر القادمة العلاقات والمصالح المشتركة والمتشابكة لروسيا وإيران مع بعض الدول العربية فى منطقة الشرق الوسط, والتى تعانى شعوبها ويلات الصراعات والانقسامات الداخلية, وتتطور الأحداث على أراضيها الملتهبة, من سيئ لأسوأ يوماً تلو الآخر.

ففى سوريا نجد أن انسجام المصالح المشتركة فيما بين روسيا وإيران مستمر بالنسبة للأزمة السورية, ولن يتغير إلا إذا اضطر الطرفان للفصل بين مصالحهما, وذلك أيضا مرتبط باستراتيجية تعامل الولايات المتحدة مع الأزمة السورية, الرامية إلى تقسيم سوريا إلى عدة دويلات, لتنفيد مخطاطتها فى المنطقة, وواشنطن لن تقبل الخروج بالتأكيد دون مكاسب, وروسيا وإيران تدعمان منظومة الاسد, فروسيا ترى أن التمسك بوحدة سوريا وحكومتها المركزية, يخدم مصالحها الجيوسياسة فى الشرق الأوسط وسواحله, كما تريد المحافظة على مناطق نفودها أو الحصول على مناطق نفود جديدة. أما إيران فترى فى دعمها لنظام «بشار», ضماناً لحماية حليفها «حزب الله» فى المنطقة, كما تجعلها فى تلاق مع الحدود الأردنية والإسرائيلية, وكدلك يمكنها من التدخل القوى فى القرار السياسى لبغداد وبيروت. إلا أن التقاء المصالح (الروسية –الإيرانية) فى الشأن السورى, سيحلحله الاعتراف الأمريكى بطموحات بسط النفوذ لكلٍ منهما.

أما بالنسبة للعراق فالأمر يختلف, حيث إن العلاقات ما بين روسيا والعراق مرتبطة بالاساس بالناحية العسكرية (اقتصاديا) بتصدير وبيع السلاح, ولتصور مدى حجم وأهمية ذلك بالنسبة لروسيا, سأذكركم بعقد التسليح الذى عقدته روسيا مع حكومة «نور المالكى» رئيس الوزراء العراقى السابق, والتى بلغت قيمتها 4.2 مليار دولار, لتزويد الجيش العراقى بطائرات السوخوى والهيلوكوبتر ونظم الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات. أما بالنسبة للعلاقات الإيرانية العراقية فهى مرتبطة بالعديد من الأبعاد: الاستراتيجية, الأمنية, السياسية,الاقتصادية, والدينية.

وأما اليمن, فتشهد تنسيقاً (روسى- إيرانى) على الساحة, حيث تتلاقى دوافع البلدين فى استخدام التدخل فى اليمن كورقة ضغط على منطقة الخليج ومساومته, ومن الجهة الأخرى فإن روسيا تجد فى دعم الحوثيين «الشيعة» وتنامى نفودهم, خدمة لمصالحها الاستراتيجية على المدى البعيد, ضد القوى السنية, وبخاصة الموجودة فى القوقاز ووسط آسيا, فالأسلحة فى يد الحوثيين من طراز سام 2 و 3 المضادة للطائرات, هى معدات روسية تنقل على متن سفن إيرانية, ونستطيع القول إن روسيا تربط الملف اليمنى بملفات و قضايا آخرى, ولن ترضى بتقديم أى تنازل, إلا بتحقيق مكاسب حيوية فى أماكن أخرى. وأما بالنسبة للعلاقات الإيرانية اليمنية, فبخلاف التطلعات الإيرانية فى الزعامة, وتصدير الثورة , فإنها تسعى لانفصال جنوب اليمن, ليمكنها من السيطرة على مضيق «باب المندب» والذى يمر منه ما يعادل من 22%من إمدادات النفط فى العالم, وأيضا سيكون بمثابة وضع قدم لها فى شبه الجزيرة العربية, وكانت ترى أيضا فى تحالفها مع هذا الاقليم تعويضا لها فى حال سقوط نظام «بشار» فى سوريا, إلا إننا نعتقد أن هدا قد تغير الان بتدخل روسيا عسكريا فى سوريا.

وأخيرا نرى أن الأهم بالنسبة للسياسة الخارجية الروسية هو تحسين علاقاتها مع أمريكا, حيث يذهب بعض الساسة الروس إلى وصف التوتر الحالى بين الدولتين بأنه (وضع مؤقت), وأنه توجد ملفات دولية وإقليمية عديدة تحتاج لتنسيق (أمريكى- روسى) وثيق, ومعنى دلك أن مسألة تضحية روسيا ببعض مكاسبها من علاقتها بإيران أمرا ممكنا